اعتمدت المراكز الرأسمالية المعولمة بعد انهيار الدول الاشتراكية كثرة من القوانين الناظمة لسياستها الدولية منها التدخلات السياسية والعسكرية في شئون الدول الوطنية ومنها مساندة الطبقات الفرعية في الصراعات الوطنية، ومنها مباركة الأنظمة الديكتاتورية. وانطلاقاً من ذلك تشهد العلاقات الدولية حزمة من الاشكالات الدولية يتلخص مضمونها بتهميش مبدأ السيادة الوطنية والمساواة بين الدول في العلاقات الدولية.

- السياسية الدولية في المرحلة المعاصرة من التوسع الرأسمالي زاخرة بالعديد من أشكال التوتر المنبثقة من قانون التطور الرأسمالي المتفاوت الناظم للتطور الرأسمالي وما يشترطه من ظهور دول رأسمالية كبرى وتراجع دول رأسمالية أخرى.

استنادا الى قانون التطور المتفاوت يمكن الإشارة الى سمات السياسة الدولية الراهنة –

- التسيد في العلاقات الدولية.

تسعى المراكز الرأسمالية الكبرى الى الهيمنة في السياسية الدولية والتفرد برسم القرارات الدولية بديلاً عن الروح الجماعية في رسم تطور العلاقات الدولية.

-- نهوج التبعية.

تجهد المراكز الرأسمالية الكبرى على شد الدول الوطنية بالاحتكارات الدولية وجعلها مستودعا خلفيا لتطوير بنيتها الاقتصادية.

--التهميش.

تهدف المراكز الرأسمالية المتسيدة الى اعتماد سياسة تهميش الدول الوطنية لغرض تطوير مؤسساتها الاحتكارية وادامة هيمنتها الدولية.

--- الالحاق.

تعمل المراكز الرأسمالية الكبرى الى الحاق الدول الوطنية باحتكاراتها الاقتصادية والتدخل في شؤنها الداخلية بهدف اعاقة تطور استقلالها الاقتصادي وتنميتها الوطنية فضلا عن تهميش بنيتها السياسية – الاجتماعية.

-استخدام القوة.

تهدف الدول الرأسمالية الكبرى الى استخدام القوة العسكرية والاقتصادية في العلاقات الدولية لغرض وضع السياسة الدولية تحت سيطرتها السياسية – الاقتصادية.

ان فاعلية قوانين التطور الرأسمالي المتسمة بالمنافسة الاقتصادية والالحاق تتجلى بنهوج السيطرة والاخضاع وما تنتجه تلك السياسية من أثار تخريبية على تطور العلاقات الدولية ناهيك عن إعاقتها بناء الدول الوطنية.

ان تأثير النهوج التخريبية على الدول الوطنية تنعكس أثارها بالأشكال متعددة منها --

أولا – تفكك الدول الوطنية.

تسعى الدول الرأسمالية الكبرى الى اثارة النزاعات العرقية والحروب المذهبية والصراعات الطبقية بين مكونات وفئات التشكيلات الاجتماعية بهدف تفكيك الدول الوطنية وجعل سلطاتها السياسية أداة بيد الطبقات الفرعية.

ثانيا – تفكيك التشكيلات الاجتماعية.

- تتدخل المراكز الرأسمالية في الصراعات الوطنية بهدف مساندة الطبقات الفرعية وتمكينها من السيطرة على سلطة البلاد السياسية ومشاركتها الهيمنة على ثروات البلاد الوطنية.  

  ثالثاً –توتر العلاقات الدولية.

تهدف السياسة الخارجية للمراكز الرأسمالية الكبرى الى إشاعة التوتر في العلاقات الدولية بهدف هيمنتها على مسار تطور السياسية الدولية وتعطيل سياسية التعاون الدولي.

- العقوبات الاقتصادية.

تعمل المراكز الرأسمالية الدولية انطلاقا من روح السيطرة على فرض العقوبات الاقتصادية على الدول الرافضة لسياستها التدخلية وما ينتجه ذلك من محاصرة الدول المستهدفة واعاقة تطور بنيتها الاجتماعية.

-- العزل الدبلوماسي والسياسي.

لغرض اجبار الدول الوطنية على التبعية للاحتكارات الدولية تعمل المراكز الرأسمالية على تشديد عزلها السياسي والدبلوماسي للدول المستهدفة وشيطنة سلوكها السياسي بهدف اجبارها على تلبية مطالب الدول الرأسمالية الكبرى.

- التدخل في النزاعات الاجتماعية.

تتدخل المراكز الرأسمالية في الصراعات الوطنية وصولا الى تمكين القوى الاجتماعية الموالية للرأسمالية من احراز غلبة سياسية على خصومها الطبقيين وتمكينها من استلام السلطة السياسية.

--إثارة الحروب الاهلية.

تعمد المراكز الرأسمالية الى مساندة الطبقات الفرعية وصولا الى اثارة الحروب الاهلية وتفكيك بنى الدولة السياسية – الاقتصادية وتمكينها - الطبقات الفرعية-- من الانفراد بالسيطرة على سلطة الدولة السياسية.

ثالثا - بناء علاقات دولية جديدة

-- انقسام بنية العالم السياسية الى مستويات متفاوتة التطور الاقتصادي- الاجتماعي والمتمثلة ب- الدول الرأسمالية الكبرى -الدول الرأسمالية القومية - والدول الوطنية، تشترط على القوى الفاعلة العمل على بناء مشروعها الدولي المرتكز على -

1 – احترام المصالح الوطنية وتوازنها.

-اعتماد علاقات دولية جديدة ترتكز على احترام المصالح الوطنية – الدولية متوازنة تساهم في بناء علاقات دولية تتسم باحترام المصالح المشتركة والتعاون الدولي المتبادل.

2 – رفض الهيمنة والتسيد.

- بناء علاقات وطنية – دولية متكافئة تنطلق من توازن مصالح الدول الوطنية ومصالح الدول الرأسمالية الكبرى شاجبه لسياسة التدخل في الشئون الداخلية عاملة على احترام سبل التطور الوطني الهادف الى تنمية التشكيلات الوطنية.

3 - احترام السيادة الوطنية.

احترام السيادة الوطنية باعتبارها اهم شروط بناء الدولة الوطنية وهيمنتها السياسية على تشكيلتها الاجتماعية وادانة التدخلات الخارجية في النزاعات الوطنية.

4-اعتماد الأساليب السلمية.

اعتماد الحوار الدبلوماسي والوساطة الدولية في حل الإشكالات السياسية بين الدول وعدم اللجوء الى القوة العسكرية واثارة النزاعات الاهلية في تسوية الخلافات الوطنية –الدولية.

5 – التعاون الدولي المشترك.

اتباع سياسية التعاون الدولي لحل الخلافات السياسية والاهتمام بالترابطات الاقتصادية والتعاون المشترك في بناء تطور للعلاقات الدولية.

6– الاحتكام الى المؤسسات الدولية.

 الرجوع الى الأمم المتحدة وقوانينها الدولية عند اندلاع النزاعات بين الدول وإدانة القرارات الارهابية بحق الدول الوطنية.

ان الأفكار والرؤى المشار اليها الضامنة لتطور العلاقات الدولية في مرحلة وحدانية التطور الرأسمالي من شأنها جعل العالم بطوابقه الثلاث منطلقا للتعاون الدولي الخالي من الحروب الاهلية والتدخلات الدولية والهادف الى العمل المبني على احترام حقوق الدول ومواطنيها بما يخدم مسار التطور الإنساني المشترك.

 

عرض مقالات: