دأب السيد رئيس الوزراء " الكاظمي " على التبشير بان الطريق الى الانتخابات بات ممهداً وقد بلطت مسالكه حسب مقاصده. وبذلك يريد الاعلان عن انه قد اتم مهمته الاولى التي كلف بها وتعهد بانجازها . غير انه لم يدرك كما يبدو بان عتلات تنفيذ قراره في هذا الطريق ليست بيده. او توهم بأنها في قبضته. وان كان شكلياً ماسكاً بها. غير انها مازالت لدى القوى التي نصبته، وقد جرب السيد الكاظمي بان عدداً من قراراته قد فاجأته صعوبة تنفيذها، مما دعاه الى " بلع الموس " كما يقال. ولم يتمكن من الافصاح عن اسباب فشله. والامثلة كثيرة تمتد من اغتيال الشهيد الهاشمي وحادثة " البوعيثة " وملاحقة خاطفي الناشط " سجاد العراقي " ومروراً باعتقال احد قادة الحشد الشعبي " قاسم مصلح " و اخيراً وليس اخراً حادثة اختطاف الناشط " علي مكدام " الذي ادعى ان قواته هي التي حررته بعكس ماجرى لهذا المختطف. حيث وجد مرمياً باحد شوارع الدورة.

ان الانتخابات المزمع اقامتها في اكتوبر القادم من هذا العام لا امل فيها لتغيير احوال العراقيين المتردية، نظراً للعديد من العقبات التي تعترض السبيل للتغيير، من خلال تحقيق نتائج انتخابات مشروعة وعادلة. بيد انه عند ناصية طريق الوصول الى اجرائها ينتصب مباشرة خطر السلاح المنفلت، والخطف والحرائق التي اخذت تطال حتى المستشفيات.. وتحطيم العوامل اللوجستية للطاقة الكهربائية، والتضخم في السوق. اضافة الى عمل المفوضية المفعمة بالمحاصصة، وانحيازها الى الاحزاب ذات الاجنحة المسلحة، رغم كون ذلك مخالفاً للقانون. وغير ذلك من المعوقات التي ادت الى امتناع 80% من الناخبين عن المشاركة في انتخابات 2018 . وتؤكد المعطيات السياسية الراهنة الى تكريسها الان بشكل اكثر شراسة.

ومما تقدم ذكره يقنع حتى الطفل بان المشاركة في هذه الانتخابات وحتى اقامتها في ظل هذه الوقائع المريرة، والمحكومة بظرف أمني سائب.. بمثابة خطوة في طريق حالك يؤدي لامحالة الى الكارثة التي يمكن ان تقود الى تمزيق العراق عندما تمنح مثل هذه الانتخابات زخماً اضافياً لاطراف المحاصصة. مما يتسنى لهم بأمتداد نفوذهم الى اعتماد  نظرية تقسيم" الكيكة " بمعنى تشمل تقسيم العراق الى كانتونات طائفية وعرقية. الامر الذي بانت تبشر افاقه بان يستحوذ على كل قسم منه احد بلدان الجوار، التي لم تنفك عن ان تخف اعلان نواياها المتكالبة في ذلك. واستمرارها في الامعان بأيذائه من خلال قطع مياهه، وتدمير اقتصاده، و الاخلال في امنه، وتسخين الاختلافات الطائفية المقيتة بغية تدمير التماسك الاجتماعي الذي ترسخ عبر تاريخ الدولة العراقية .. واما الى انفجار لثورة وطنية عارمة ماحقة دامية لا تُعرف عواقبها. ولا يستبعد التدخل الخارجي المدمر. كحصيلة منطقية للصراعات الدولية.

 ومن الحق ان نتساءل عما بقي من موجبات الاشتراك في هذا النمط من الانتخابات، التي يكتنفها التزوير الخارق، الذي يسقط شرعيتها تماماً، والمبشرة قطعاً ببقاء القوى المتحكمة بالبلد منذ سقوط النظام السابق، لكونها ضامنة لاصواتها الانتخابية " ممن حصلوا على وظائف وامتيازات في الدولة " اذن من غير المعقول ان تتنازل عن نفوذها الذي يعني محو وجودها من خلال عملية انتخابية مستحوذ عليها سلفاً. وحتى لو كانت ازاحتها بتطبيقات سليمة وشرعية خالصة ، فأنها حينذاك ستفتعل اية مصيبة لالغاء نتائجها بقوة السلاح ولا يتراءى اي مانع لديها من ان تطلب التدخل الخارجي الاقليمي.. نعود للقول: هل هنالك من عقلاء يأملون بخوض الانتخابات وهم لا يمتلكون المال ولا السلاح لكي يتعادلون مع المتنفذين الماسكين بالسلطة. وعبر هذا الشكل من عملية انتخابية ملتبسة وملغومة..؟؟

 

عرض مقالات: