كان اخ الشهيد ايهاب الوزني واضحاً  وصريحاً في حديثه مع ممثلة بعثة الأمم المتحدة جينين بلاسخارت في بغداد عند زيارتها لبيتهم في مدينة كربلاء قبل فترة، فقد اتهمها بأنها لم تعكس في تقاريرها الدورية لمجلس الأمن التابع للأمم المتحدة حقيقة المذابح الوحشية التي ارتكبتها ميليشيات الأحزاب الإسلامية الحاكمة ضد المتظاهرين السلميين منذ 1 تشرين الأول 2019 وطوال الفترة اللاحقة والتي بلغ ضحاياها أكثر من 700 شهيد وعشرات الآلاف من الجرحى والمئات من المخطوفين والمغيبين، ولم تحقق بأحداث القنص والقتل بالرصاص الحي وبالقنابل الغازية المنتهية الصلاحية وعمليات الاختطاف والاغتيال الكثيرة...وتسترت بذلك على القتلة بل جلست وتباحثت مع أحد قادتهم.

وهذا النهج المدان من ممثلة منظمة أممية التي من أهم مهامها متابعة التنفيذ السليم للمبادئ التي قامت عليها منظمة الأمم المتحدة في البلد المعني ونقلها بموضوعية لمجلس الأمن، لم توضع موضع تنفيذ.

أن هذا الموقف المنحاز من قبلها يؤشر إلى تجاهل متعمد لدماء أبناء العراق المهدورة والى وجود توجه دولي لإبقاء الأوضاع في العراق تحت رحمة احزاب الاسلام السياسي وميليشياتها التي نصبتها سلطة الحاكم المدني الامريكي بول بريمر، وابقائه مشرذماً ضعيفاً تعبث به مافيا المحاصصة الطائفية العرقية.

وبذلك فإن أصحاب الحظوة لدى القوى الأجنبية، اقليمية وعالمية، والمقدمين لديها هي الاحزاب الاسلامية وميليشياتها، وليس المتظاهرين المدنيين الذين دفعتهم ظروف حياتهم الصعبة وتوقهم إلى حياة حرة كريمة إلى التظاهر السلمي وبشكل حضاري والتزام عالٍ بالقانون للمطالبة بحقوقهم، الذين لم تصدر شعاراتهم إلا عن جرح.

 ولأن كل شيء يحدث بسبب ولسبب، فلم يكونوا بحاجة لجهة خارجية لتدفعهم للانتفاض، معاناتهم كانت محركهم ودافعهم، ولهذا فإن وسمهم ب " ابناء السفارات " وهم يُعدون بالملايين أمر يدعو للضحك!

 ويثبت مسار الأحداث أن السفارة الامريكية في بغداد، عدا بعض التصريحات الخجولة على عمليات القنص والقتل للمنتفضين، فإنها لم تنبس ببنت شفة بعدها، واغمضت عيونها المخابراتية والسياسية عما يحدث، ولم تهتم بالدماء الغزيرة التي سالت من أبرياء، وهي المعروفة بإثارتها لزوابع سياسية وإعلامية عن حقوق الإنسان وحرية الرأي لمجرد اعتقال معارض روسي فرد، لذا فان اتهام المنتفضين بانهم ابناء السفارات، والأمريكية بالخصوص، سقط بالمرة.

أن السكوت الأمريكي والغربي عموما عن عمليات القتل الدموي ومرتكبيها، يكشف من هم حقا أبناء السفارات الحقيقيين… انهم بالتأكيد ليسوا من تفرجت على عمليات قنصهم و تصفيتهم بدم بارد من شباب الانتفاضة الأبرياء بل هم قناصيهم الميليشياويين المتخفين تحت طاقية " الطرف الثالث "، وهي أفضل من تعرفهم، لأنها تعاملت معهم وتعاملوا معها، ونعرفهم عن ظهر قلب!

لذا فإن " أبناء السفارات " هم من يعلنون جهاراً نهاراً بأنهم تابعين لدولة إقليمية، يأتمرون بأوامرها ويحمون مصالحها، وهم كذلك من المستفيدين من تغاضي الامريكان عن جرائمهم ضد أبناء شعبهم… وهذا ما لا ينطبق على منتفضي تشرين الذين يدعون إلى رفعة بلادهم وخير شعبهم، والذين كانوا أنفسهم ضحايا البطش الهمجي.

ولم يكن في وارد أي سفارة أجنبية في العراق الدفاع الحقيقي العملي او القانوني لنجدة وانصاف ابناء الانتفاضة المجيدة، طوال الوقت، بل تغاضت عن الجرائم المرتكبة بحقهم وصمتت لصالح القتلة… في الوقت الذي وقفت فيه السفارة الايرانية في بغداد ودبلوماسييها المعتمدين، قلباً وقالباً، ضد المنتفضين دفاعاً عن قاتليهم ممن يواليها!

 كان اندلاع انتفاضة شعبية عارمة ضد اكاسرة الفساد المتحاصصين، جعل الغضب يتآكلهم، لهذا بذلوا ما بوسعهم في تلفيق تعابير مدلسة مثل " أبناء السفارات و الجوكرية ".

وصدق من قال : " رمتني بدائها وانسلت ! ".

عرض مقالات: