شهدت ساحات التظاهر اقوى حضور جماهيري لقوى تشرين ومن تماهى معهم على مدى السنة ونيف الماضية، وكانت ثقلاً سياسياً أرجف فرائص الفاسدين ولوى عنق منهجهم التدميري. واخاف صغيرهم وأرعب كبيرهم، ومن وهجه استبشر الناس بنهار ديمقراطي دائم وآمن. قدم ادلة صادقة عجز خصومه عن تفنيدها لكونها سُجلت بدماء الشهداء وبجراح المصابين والمعوقين. اعلنت تجلياتها بسقوط الحكومة وملحقات اخرى تتصل بمطالب الانتفاضة.

هذه الصفحة قد القت بعنفوانها وزناً فاعلاً لغاية تكوين زخم نحو تحقيق الغد الديمقراطي العادل لدى الجماهير المنتفضة. غير ان المراوحة والترقب السلبي وضياع البوصلة لبعض قوى وشباب تشرين قد هبّط أسهم ما تكوّن من امال في بورصة الانتخابات المقبلة تحديداً، التي تعج اليوم بالتحالفات و " الاوكشنات " المزادات السياسية التي تجري خلف الكواليس.. ولكنها سرعات ما تظهر الى العلن وفي الاغلب عند حصول الاختلافات.

غير ان الجماهير المتحفزة لمساندة مرشحي الحراك والانتفاضة قد اخذ يتولها الاحباط والقنوط. وعليه غالباً ما تطلق التساؤلات منصبة على العوامل المعطلة لاستكمال مسيرتها بذات الاندفاع.. سيما وان القوى المتنفذة قد وجدت سبيلها ممهداً لتحاول تأكيد نفوذها واعادة تمركزها على قمة السلطة، بعد ان حاولت وربما لازالت تحاول او تتمنى ان لا تتم الانتخابات، خوفاً من زخم الانتفاضة إذا ما خاض العملية الانتخابية الذي يصر على التغيير الجذري للنهج السياسي الحالي في ادارة الدولة.

لقد اُعلن بان احزاباً وتكوينات سياسية جديدة تدعي الانتساب لشباب تشرين غير انها لم تتشبث بكونها من نسل الانتفاضة واهدافها.. فمنها من اقتنع بالقليل من حلاوة السلطة، عسى ان يرزقه " الرب الجليل "، ومنهم من ركب حافلات تحالفات القوى المتنفذة، املاً بحرق المراحل للوصول واهماً الى مواقع الحكم. ناسياً صراخ الجموع الثائرة بهدف قلع المفسدين والفاشلين الذي يعلن بان التعامل مع كواسر الفساد يعد من المحرمات لدى ضحاياهم من الفقراء الجياع المتسع محيطهم باستمرار. والذين قدموا مئات الشهداء والاف الجرحى.

ان اوضاع متظاهري تشرين وحراك الشارع امست لا تسر.. وإذا ما ظنوا بأنهم سيجدون لهم موطئ قدماً في البرلمان القادم ومازالوا على غفلتهم هذه عن استحضار ضرورات واهمية ترصين صفوفهم بتكتل او جبهة ثورية واسعة.. فسوف يستيقظون، هذا إذا ما استيقظوا، على انهم قد أعطبوا أنفسهم ويمكن ان تتمكن منهم رياح التخريب ويصبحوا غباراً لا غير في تيار منسيات الزمن الاغبر.

ويبقى الامل الكبير بصلب مناضلي التغيير اصحاب المواقف الوطنية الثابتة الصادقين مع شعبهم، الذين كانوا عبر التاريخ السياسي العراقي وما زالوا في مسيرة التغيير الديمقراطي، والساعين لتحقيق العدالة الاجتماعية. من خلال خوض العملية الانتخابية وغيرها من السبل المشروعة.. ولنكن صادقين مع ما نقوله: ان الامل بتكوين عامل فاعل في البرلمان القادم من شأنه التغيير.. لا دليل متوفر يشير اليه، او حتى قرينة بوجود ما هو مؤمل. ونعود ونقول ان ألق ثوار الانتفاضة قد تم إخفاته من قبل بعض اطرافه الوصولية غير المؤتمنة للأسف الشديد. 

عرض مقالات: