الطبقات والفئات  الاجتماعية الفقيرة والكادحة وأصحاب الدخل الضعيف هي التي تدفع اكثر فأكثر من قوتها اليومي ضريبة الغلاء بسبب ارتفاع الأسعار وقضايا أخرى تلازم السياسة العشوائية والاستغلالية وهيمنة القوى صاحبة القرار والقوة المالية المهيمنة على الحكم والاقتصاد التي تستفيد من ارتفاع الأسعار لزيادة أرباحها وكسبها اللامشروع، ارتفاع الأسعار المستمر في العراق  عبارة عن ظاهرة مزمنة لازمت معيشة أكثرية المواطنين ، هذا اللهيب الذي يحرق الأخضر واليابس هو مأساة يواجها المواطنين الفقراء أصحاب الدخل الضعيف، وهي كطاحونة   الحبوب التي تطحن عظام وجيوب الناس حتى  أصحاب الدخل المتوسط  فكيف الأُجراء والفقراء والذين يفتشون القمامة، المواطن العراقي ظل خلال الخمسين سنة أسير الضائقة الاقتصادية ما عدا فترات قصيرة جدا وفي كل ازمة سياسية داخلية أو خارجية تتصاعد وتيرة الأسعار وبخاصة المواد المعيشية الأساسية وتبقى الاثار المأساوية لارتفاع الأسعار فترات طوية إلا أن نتائجها التدريجية تترجم  على واقع حال أكتاف الطبقات والفئات الكادحة وعموم الفقراء من المواطنين ليزداد فقرهم وتتعقد موارد حياتهم ، وكلما ارتفعت  الأسعار  تتلازم معها ارتفاع نسب البطالة والفقر وبهذا يصيب  المجتمع كوارث عديدة وفي مقدمتها الأوضاع الصحية التي بدورها تحتاج الى إمكانيات مادية وبخاصة إذا كان القطاع الحكومي في مجال الصحة متردي وغير جيد مثلما نراه في العراق وبالتالي أن اللجوء الى المستشفيات الخاصة والأطباء الاخصائيين مرتفعي الأجور كارثة مدمرة ، وهنا تقتصر المراجعات لهذه القطاعات الخاصة  على إمكانيات مادية مرتفعة نسبياً لا تقدر عليها الفئات الكادحة وأصحاب الدخل الضعيف وبالمناسبة ونحن نشهد خلال السنين الأخيرة ارتفاعات في الأسعار وبخاصة المواد المعيشية واثمان الأدوية وأجور الأطباء والمستشفيات الخاصة التي انتشرت كالنار في الهشيم لعدم الثقة بالمستشفيات والمستوصفات الحكومية التي هي دون المستوى المحدد في قرارات وتوصيات منظمة الصحة العالمية وحتى منظمات الصحة الوطنية ، فعلى سبيل المثال إن اقل ثمن لمراجعة الطبيب الاخصائي في مجال القطاع الخاص " المعاينة والأشعات وتحليلات بسيطة وغيرها تكلف المواطن اكثر من"  250 الف دينار" وقد يكلف أكثر من هذا المبلغ بكثير،  وإذا تزامن مع ذلك مراجعة المستشفيات الخاصة وأجور الرقاد والمتابعة فقد تصل المبالغ الى المليون وأكثر هذا بدون إجراء عمليات جراحية ذات الأثمان الخيالية والاسطورية القياس بدخل الفرد العراقي العام الذي لا يتعدى  الـ " 500 ألف دينار وفي بعض الحالات 800 ألف دينار" ولا بأس أن نذكر هناك مئات الآلاف رواتبهم لا تزيد عن " 250 الف دينار" فاذا اقل عملية جراحية بسيطة في مستشفى حكومي تقدر ثمنها بالدولار " 10000 آلاف دولار أي تقدر حوالي 1,250000 دينارــ 1" فليتصور المرء الأوضاع القاسية والصعبة على المواطنين الفقراء ولدي مثال خاص عن صديق مقرب جدا ً " ان زوجته نتيجة امراض المفاصل  أصيبت غضاريف ركبتيها بالسوفان  الشديد حتى منعها من المشي البسيط وأمست قعيدة الفراش، وبعد مراجعات عدد من الأطباء ومستشفيات عديدة  قرر أحد الأطباء الأخصائيين في مجال المفاصل والعظام إجراء عمليات تبديل مفصل الركبتين كلفتنا حوالي "8 ألف دولار"  وانت تعرف راتبي حوالي 800 مائة دينار فتوجهت للأهل والاقرباء والبعض من الأصدقاء  واستطاعت بعد جهد جهيد إجراء العمليتين على مرحلتين متباعدتين نسبياً الاولى مستشفى خاص كلفت "5300 الف دولار"  والثانية مستشفى حكومي كلفت " 2700 الف دولار " مع العلم ان الدكتور الأخصائي الثاني لم يأخذ اجوره في العملية الثانية دعماً لوضعنا المادي الضعيف"

 أي مصيبة حلت في القطاع الصحي وعلى كافة الصعد الأوضاع السياسية والاقتصادية وغيرهما، أمام مصائب العمليات الجراحية الأكبر والأهم وقضايا العلاجات الطبية التي تكلف المواطن مبالغ هائلة لا طاقة له عليها،، إن هذه الأوضاع المتردية  والأجور العالية للأسعار في مجال الصحة والأدوية وغيرها وهذا يلازم أوضاع الأسعار وارتفاعها في مجالات أخرى ومقارنتها مع دخل المواطنين الضعيف والأجور الأقل والنسب الكبيرة من البطالة وعدم وجود عمل للمعيشة  وبهذه المناسبة فقد ذكرت  وزارة التخطيط الاثنين 19 / 4 / 2021 إن مؤشرات الفقر ارتفعت  بارتفاع سعر الدولار وقال السيد عبد الزهرة الهنداوي المتحدث باسم الوزارة في تصريح صحفي " بعد رفع سعر صرف الدولار فإن مؤشر التضخم ارتفع ما يقارب 5 %، بينما ارتفعت مؤشرات الفقر الأولية بنسبة 26% إلى 27%"، وأشار عبد الرحمن ميحاج ممثل البرنامج الغذائي في العراق " أن 10% من العراقيين ليس لديهم ما يكفي من الطعام، وأن 35% يضطرون إلى شراء الأغذية الرخيصة". ومثلما اشرنا  ان قرار الحكومة العراقية نهاية 2020 برفع سعر الدولار من( 1200 الى نحو 1450 دينار)أدى الى ارتفاع في الأسعار وزاد الطين بلة ان جائحة كورنا زادت من نسبة الفقر حسب ما اشارت اليه مصادر موثوقة ، والحكومة وتحديداً وزارة المالية رفضت كل المقترحات في إعادة صرف الدولار للسابق وهناك حججاً من بينها " تثبيت سعر الدولار الجديد في موازنة 2021 الحالي ، وبدلاً من اعتبارها ظاهرة مؤذية لفئات واسعة من الشعب والعمل على إيجاد حلول إيجابية للوقوف ضد ارتفاع الأسعار تذهب لوضع اللوم على عاتق فئة " جشع التجار فقط" وهذا اللوم  قد يكون صحيحاً في جوانب معينة  لكنه ليس السبب الوحيد فهناك أسباب أخرى كما هو معروف مثل حالة العرض والطلب وظروف أوضاع الدولة وفي مجال الإنتاج وغيرها، بينما في الحقيقة إن انخفاض سعر الدينار أمام الدولار مع حدوث تضخم أعلى فهو  يؤدي  أيضاً الى ارتفاع الأسعار بجانب ضعف شراء العملة النقدية " الدينار مثالاً"، إن غول ارتفاع الأسعار بشكل عشوائي أو منظم يدمر  النسيج الاجتماعي والعائلي  ويهدد معايير السلم الاجتماعي المبنية على أساس التعاون والتضامن أمام الملمات ، فالركض خلف لقمة العيش واستمرار ارتفاع الأسعار وبخاصة المعيشية يدمر الطاقات البشرية  ويزيد من فقر وإملاق ملايين من الطبقات والفئات الكادحة أصحاب الدخل الضعيف فضلاً عن تأثيره   حتى على الفئات الاجتماعية المتوسطة، فهو وباء بالنسبة لهم وهو يعبئ جيوب الطغمة المالية والطبقة الرأسمالية والفئات البرجوازية البيروقراطية و الطفيلية التي تعيش على سرقة قوة ملايين من البشر، إن  ارتفاع سعر الدولار الذي أُستغل  في رفع الأسعار أمام أنظار الحكومة  لا يؤرق المواطن فحسب بل يدمر طاقاته وكان المفروض بالحكومة والقوى المتنفذة التي تقودها أن تقوم باتخاذ تدابير وقائية لإيقاف ارتفاع الأسعار ومحاسبة المستغلين لارتفاع صرف الدولار وهبوط سعر الدينار العراقي الضعيف أصلاً، كان المفروض بدلاً من الفساد والفاسدين ومن مليارات الدولارات  المسروقة من قوت الشعب أن يجري دعم العملة العراقية والعودة لقوتها السابقة ، الأذان مغلقة بالشمع الأحمر أمام المطالب المشروعة لملايين العراقيين التي طرحت من قبل القوى الوطنية والديمقراطية وانتفاضة تشرين المجيدة ، نقول بكل صراحة أرحموا المواطن الذي ابتلى بالفساد والمحاصصة وارتفاع الاسعار .    

  1 ــ   المبلغ " 1,250000 0 ألف" السعر قبل ارتفاع سعر الدولار الاخير

عرض مقالات: