الكلمة في معناها اللغوي تعني الاجلال والمَخافة ولها معناها الاجتماعي في عرف التقاليد الشعبية الوطنية، وتعتبر على المستوى الشعبي رمزاً للاعتزاز وحصناً للكرامة الشخصية وتتداول عندما يمس ضرراً مكانة اجتماعية لها مساحة واسعة احتراماً لهذه المكانة وتقديراً لهيبتها في الحياة والمجتمع، ومن الشجاعة والاعتزاز بالنفس تطلق الكلمة بحذر ودقة فهي ليست مجالاً للتباهي والتعجرف والاستكبار المتعالي، وهناك شروحات واسعة كثيرة لهيبة أشخاص في التاريخ قديماً وحديثاً ونادرا ما تطلق الكلمة على الدول أو الامبراطوريات في نطاق احترام السيادة والحفاظ على الاستقلال الوطني، ولا تطلق على العملاء والحكومات المضادة لتطلعات الشعب لأن هؤلاء لا كرامة لهم ولا أي هيبة بسبب عمالتهم وخدمتهم للدول الأجنبية مهما كانت الحجج أو الادعاءات ولنا أمثلة جيدة عن الماضي وحاضرنا الراهن، ، وبقت الكلمة في صدر الجمل التي تصف مقامات واعمال مختلفة ، والكلمة أخذت تتداول في  الوقت الراهن بسبب تجاوز البعض من المسلحين والتنظيمات والميليشيات المسلحة ،فقضية شبه الاستعراض العسكري الأخير من قبل ميليشيات مسلحة، البعض من قادة الحشد يقولون عنها "جزء من الحشد الشعبي " عبارة عن فعل يثبت عدم احترام الدولة والتقليل من قيمتها المعنوية والمادية على الرغم من أن الدولة العراقية لم تأخذ موقعها السياسي والجغرافي في الظروف الراهنة للحد المتعارف عليه بين الأمم بسبب الاحتلال وتدخل البعض من الدول المجاورة في شؤونه الداخلية، ،  وكانت عشرات السيارات المحملة بالأسلحة المختلفة الثقيلة والخفيفة وفوق ظهورها أفراد ملثمون يرفعون لافتات تسيء الى مصطفى الكاظمي ( سنقطع لسانك )  لا لأنه شخص غير مرغوب به بل تحدياً لهيبة الدولة التي يمثلها الكاظمي باعتباره رئيساً للوزراء ثم قائداً للقوات المسلحة الذي يفترض  بقادة الذين استعرضوا انفسهم وسلاحهم ان يحترموا القائد العام للقوات المسلحة التي يدعون أنهم من ضمنها ويعتبروا مصطفى الكاظمي قائداً وفق الدستور، لكن القول في واد والفعل في واد آخر يؤكد ان الميليشيات المسلحة التي تستخدم السيارات والأسلحة الحكومية والملابس العسكرية التابعة للقوات المسلحة لا تلتزم بقرارات الدولة ولا تلتزم بمرجعية السيد علي السيستاني  وفتوى الجهاد الكفائي التي صدرت في حزيران 2014 التي استغلت فأفرزت هذا الكم من الميليشيات الطائفية المسلحة بعضها مدعوم لوجستياً من إيران وهي متناقضة مع جوهر الفتوى التي أصبحت في ظاهرة مرئية والميليشيات المسلحة وما تقوم به من تجاوزات أفضل برهان، والحديث أو ما اعلن ان هذه الميليشيات جزء من القوات المسلحة عبارة عن دعاية ساذجة وإعلان للاستهلاك  واستهانة بعقول المواطنين :

أن المواقف المتناقضة بين القوى المتنفذة والبعض من فصائل الحشد الشعبي يدفع المواطن الى الحيرة والاستفهام عن هذا الخلط الغريب الذي يتلاعب بالدولة والحكومة والمواطنين بحجة الدفاع عن العراق وهم يعرفون أنهم ومواقفهم يشكلون الخطر الأكبر على العراق وبمجرد الاطلاع على البعض من التصريحات حتى تتكشف المواقف والاتجاهات ونضرب مثلاً بما قاله بليغ أبو كلل عضو المكتب السياسي لتيار الحكمة في تغريدة عبر تويتر تابعها "NRT"  25 / 3 / 2021 حيث أعلن استغرابه من قيام البعض من الفصائل المسلحة لإرهاب " الناس " في بغداد ويتساءل " ما دخل العسكر والسلاح بالموازنة وسعر الصرف؟" كأنه لا يعرف من يقوم بإخافة الناس ويغتال الناشطين المدافعين عن الحقوق المدنية، ويخطفوا من يرونه مخالفا ومعارضاً لسياسة المحاصصة والميليشيات، ومن هؤلاء الذين جابوا شوارع العاصمة بالسلاح المنفلت وما هو ارتباطهم بالحشد الشعبي والقوات المسلحة!! وهناك تصريحات تموه الواقع ما زالت تحمل صفة الاستغراب عن عدم الإفصاح والمطالبة بمحاسبة المتجاوزين على الدستور والقانون وحتى على فتوى الجهاد الكفائي وفضحهم أمام الناس، وكان الأمل مع احترامنا لفتوى السيد على السيستاني المرجع الأعلى للمرجعية الشيعية أن يدين هذا التجاوز على الفتوى المسؤولة والمعروفة وجوهرها " الجهاد الكفائي بمعناها الدفاع الكفائي " وتوضيح ماذا تعني وماذا كانت تعني الفتوى في حينها؟ لأنها الفتوى الخاصة بالمرجعية لمحاربة داعش الإرهاب وليس لتخويف الناس! هناك من حاول التنصل مما جرى تلافياً لمشاكل جمة قد تحدث إلا أن البيان العسكري للحشد الشعب نفض الغبار كما يقال وهو متناقض مع ما أعلنته هيئة الحشد  الخميس 25 / 3 / 2021  عندما نفت “وجود أي تحرك عسكري لقطعات الحشد داخل العاصمة بغداد" بينما البيان العسكري أشار الى "  تم نقل قوات من الحشد الشعبي التي نشرف على إدارتها ودعمها إلى أحد أطراف بغداد لأداء مهامها للدفاع عن بلدنا"  ويضيف ان هذا النقل عملية روتينية ولا يحتاج للتنسيق  ويتضمن بما معناه البيان حتى لا يحتاج  أخذ موافقة القائد العام للقوات المسلحة مصطفى الكاظمي.  مع كل ذلك ان تضمين البيان الاعتراف الصريح بأن مظاهر الأسلحة والمسلحين في الاستعراض منتمين للحشد الشعبي وهو يعد تناقضاً مع التصريحات السابقة ومن هذا التناقض تبرز أسئلة عديدة من بينها..

ــــــ هل من معقول هذا التحرك العسكري وأمام الشعب وبهذا الحجم، وهذه المظاهرة بالسلاح " على عينك يا تاجر " لا تحاج الى التنسيق وموافقة القائد العام؟

ــــــ الا يعني هذا الامر ان البعض من الحشد الشعبي وقادته لا يأتمرون بقيادة القائد العام وحتى لا ينتمي للقوات المسلحة وإن قرار مجلس الشعب عبارة عن فصل مسرحي للتستر على أمر مغرض لا يخدم لا القوات العسكرية ولا حتى هيبة الدولة؟

في البداية كمقدمة نحن مع هيبة الدولة مهما اختلفنا في تقديراتنا لكننا في الوقت نفسه نطالب ان تحظى بالاحترام على أمل الإصلاح والتغيير  ولها أركان أساسية تميزها عن أي بناء اخر، ومن هذا المضمار يجري التأكيد على احترام الدولة وعدم التجاوز عليها مثلما يفعل البعض وبخاصة التنظيمات المسلحة التي تتصرف وكأنها دولة فوق الدولة الحقيقية ، هيبة الدولة العراقية في هذه الظروف مهمة مهما كانت الخلافات لأن البعض يحاول النيل منها وجعلها أداة لتحركاته وتخطيطاته ويريدها دولة تابعة لبعض الدول الأجنبية بهذا الشكل او ذاك،

أن الجانب الأمني يمثل حجر الأساس في هيبة الدولة في الاستمرار في مهماتها في تعزيز الاستقرار والسلم الاجتماعي وتعزيز سلطة القانون، والمظاهر المسلحة من قبل الميليشيات العسكرية عبارة عن تحدي واضح للدستور والقانون وإشاعة أجواء الحرب والاضطرابات ولهذا على الحكومة نزع فتيل الفتنة المتمثل في السلاح المنفلت والتجاوز على السلطة التنفيذية ومؤسساتها الأمنية الحامية للدستور وسير العملية السلمية.

عرض مقالات: