منذ تَكْون الطبقة العاملة العراقية ونشوء حزبها الطليعي الحزب الشيوعي العراقي، دأب عمال العراق، ومن انتصر لحزبهم من المثقفين الوطنيين الذين تشبعوا وتربوا على فكره وتقاليده النبيلة من الجماهير الشعبية يستذكروا مراحل تشكيله، باحتفالات سرية، ذلك لكون الحكومات التي توالت على العراق منذ تأسيس الدولة العراقية، كانت تخشى صوت الجماهير الشعبية وممثلها الحزب الشيوعي العراقي، حيث كانت الدول الإمبريالية توعز لعملائها بوضع العراقيل أمام اتساع رقعة المطالبين بوطن حر وشعب سعيد، ناهيك عن خشيتها من نشاطهم 

فكل ما أتذكره في يوم الاحتفال، استلم عدة جكليتات، فيها بعض شعارات الحزب، مؤرخة تاريخ ميلاده المجيد، ومجسدة مطالبه، لتوزيعها عل بعض المعارف. ومنذ ذلك التاريخ، بدأ أسم الحزب وتتضح اﻷهمية التاريخية لذكرى مولده الميمون، التي يحظى بها لدى الجماهير الشعبية، فلا يفلت هذا اليوم دون احتفالات تليق بهذه المناسبة المجيدة، حيث يتصاعد حماس أعضائه وأصدقائه من الناس وخاصة فقراءهم، متخذا طابعا احتفاليا، يُستعد له قبل وقوعه بأيام، ويجري الاحتفال به بمستوى اﻷعياد الوطنية والدينية. 

 برزت لي عظمة هذا العيد بشكل أكثر بعد ثورة تموز المجيدة ، حيث كاد ان يتخذ طابعا رسميا، لن يُنسيني هذا كيفية احتفال الطبقة العاملة العراقية بعيدها في عام 1959 ، حيث كل ما أتذكره ، هو أن أخوتي وأقربائي قادوني الى منطقة التجمع، وهناك بتنا ليلتنا في الشارع لننطلق في اﻷول من آيار في مسيرة جماهيرية أرعبت الدول الرأسمالية وخصوصا بريطانيا ، حيث كتب سفيرها في بغداد لحكومته، قائلا بأن الخطر اﻷحمر بدأ يلوح في سماء العراق.، بعد تلك المظاهرة بدأت تحاك المؤامرات على ثورة الفقراء تموز المجيدة لإجهاضها، ونجحت الرجعية والشركات النفطية مع الطابور الخامس فاغتالوها، وهي لا زالت تزحف نحو تحقيق أهداف الجماهير ، ولم تستطع الطبقة العاملة التي أخذت على حين غرة رغم مقاومتها للإنقلابيين أن تنقذها. كان ذلك على ما أتذكر أول احتفال لطبقتنا العاملة وحزبها غير مجاز، واليوم تحتفل بعيد ميلاد حزبها، بصورة علنية، واﻷمل يحدوها بأن يكون هذا اليوم عيدين عيد الإحتفال علانية به، وقد بلغ الحزب شيخوخته، (يبقى شبابا شما كبر بيه العمر )، رغم ما قدمة في سبيل رفعت الوطن وعزته، اﻵﻻف من الضحايا في عهود مختلفة ، فهل لها أن تكتمل فرحة الجماهير، برص صفوفها في هذا العام أيضا، سائرة موحدة نحو تحقيق مطالبها العادلة في تنظيم نفسها وتعزيز مكانتها من أجل حياة حرة كريمة في مجتمع مدني ديمقراطي تسوده العدالة الاجتماعية ، ليضاف عيد ثان لأعيادها السابقة بعد تحقيقها لمجتمع مدني في أجواء ديمقراطية، يتم خلاله تصفية، نتائج العلاقات العشائرية وضبط السلاح المنفلت وحصره بيد الحكومة لتستطيع الجماهير خوض الانتخابات وهي مطمئنة لسيرها بنزاهة وديمقراطية، باعتبار ذلك الخطوة الاولى التي علينا تحقيقها، خاصة وان من جيء بهم بعد إسقاط الطاغية، قد خيبوا آمال الجماهير الشعبية بعد تنصيبهم على مسار العملية السياسية، سيما بعد أن تأكد (ألمحتلين) بأن من جاء بهم قد تركوا سوح الوقوف بجانب مطالب الشعب والوطن، وانهم يسعون للسلطة والكسب غير المشروع فحسب.

  فالحكام الحاليون قد عمقوا جراحهما( وادخلوه في نفق لا ذبالة ضوء في نهايته، لاعتمادهم نهجا كارثيا في إدارة الدولة، التي لم يكونوا مؤهلين لإدارتها إطلاقا، عبر ثالوث  المحاصصة الطائفية الاثنية، والفساد، والاستقواء بالأجنبي)، فبات ثلث الشعب تحت خط الفقر، وضاع الوطن على الرغم من أن العراق اغنى بلد في الشرق الأوسط، بالإضافة الى ضياع الدولة وهيبتها في أروقة المليشيات وحملة السلاح المنفلت والشحن الطائفي والقتل على الهوية، وظهور المنظمات الارهابية التي احتلت ثلثي الاراضي العراقية لتكتمل لوحة الخراب والدمار الشاملين التي رسمها المتنفذون الفاشلون.

مع كل ذلك يبقى التمني محفورا في فكر الطبقة العاملة العراقية وحزبها الطليعي في بناء الاشتراكية لكن المهام الآنية تتصدر ضمان تعزيز بناء مجتمع مدني تسوده العدالة الاجتماعية عبر الانتخابات القادمة. فهذه هي الخطوة الحالية التي يجب ان تتوجه الجماهير الشعبية لتحقيقها، كي يتم استقرار الشعب على قاعدة الحرية والديمقراطية، فأمامهما مسألة   توحيد قوى التغيير لتهزم منظومة المحاصصة والفساد من مواقعهما بعد خوض انتخابات العاشر من أكتوبر. فليكن احتفالنا مكرسا لتلك الأهداف النبيلة.

عاشت الذكرى السابعة والثمانون المجيدة لتأسيس الحزب الشيوعي العراقي

عرض مقالات: