عانت السياسة من علة مستعصية في العراق، وعلى وجه الخصوص بعد (٢٠٠٣) وما تبعها من إجراءات في إعادة تعديل القوانين النافذة وسن دستور جديد، لقد فشلت الحكومات العراقية على مدار ثمانية عشر عاما في تحقيق نظام سياسي صحي وديمقراطية يتماشى مع متطلبات المرحلة للأسف الشديد، كما إنها فقدت أيضا أركان مهمة بسبب عدم تسوية القرارات الدستورية، على رغم ان التشريعات الدستورية وضعت وفق العدالة، لكنها تعرت من المصداقية في التطبيق.

إن ذريعة ما نراه اليوم من اختلال البنية السياسية في العراق وعدم مقدور الحكومة الانتقال الدستوري وتطور الديمقراطية، هو احتكار الأحزاب في الدينية والمتبنيات الإيديولوجية وتعدد المراجع والمذاهب، وافتقارها لمجلس أعلى لتوزيع الثروات بعدالة، مما خلق عداء شخصي وبغض لدى جميع فئات المجتمع اتجاه الطبقة السياسية المتصدية، وهو بالنتيجة دفع إلى هرج في صفوف الشعب وبالتالي ولد فكرة إزاحة الحكومة بنية غير صادقة في حقيقتها؛ غايتها إشباع الرغبة الجامحة لدى بعض "راكبي الأمواج" وعشاق الأضواء والسلطة، حيث وجد الكثير منهم إن الحراك الشعبي الدائر ألان في الساحة يعد فرصة لا يمكن توفيتها دون تحقيق مأرب شخصية، وهذا بالنتيجة انعكس سلبا على طبيعة الحراك واهدافه المشروعة، مما تسبب باضمحلال الحركات السياسية الشعبية ذات الطابع المدني، والتي هي من أهم مقومات اركان بناء الدولة. حتى أصبح المجتمع غير دارك لما يحصل من حوله بسبب تداخل الأحداث وتشعب تفاصيلها. أن العراق اليوم أمام أزمة ثقافية كبيرة من قبل الشعب والحكومة، في بناء مجتمع مدني متحضر، والفاجعة الأكبر، هناك من يتصدى لمناصب حساسة وكبيرة في الدولة وهو لا يحمل عشر ما يؤهله لذلك! حتى بات الأمر أشبه بالمسلمات! إذا اننا نجد اليوم هناك الكثير من هذه الشخصيات تتسيد المشهد وتتربع على سدة الحكم وصناعة القرار، على مستوى الحكومة والدوائر الخدمية أيضا.

بدل ان تتم التوعية والتنشئة من خلال قطاعات التعليم والإعلام، الا اننا وجدنا أنفسنا نواجه عاهة أكبر، حيث اقتصر التعليم على قدر النجاح وابتعد عن التربية والتعليم، وبات الإعلام للدعس والترويج لمتبينات معينة وتسقيط الخصوم، مدت شبكات الانترنت يد العون للتهكم في وتعميق الأزمات وتوظفيها بما يخدم المصالح الحزبية فحسب.

وجراء ما حصل قد خُلق التمثيل الخاطئ للشعب، وسريان الزعزعة بين صفوف البرلمان ومجلس الوزراء؛ فقدت المقاعد البرلمانية والمناصب الحزبية رصانتها ومصداقيتها وتحطيم الديمقراطية خلف أستار حصونها الواهية.

الاعتلال اليوم لا ينحصر على الحكومات فقط بل كأنه وباء أصاب به جميع اصناف وفئات الشعب والمجتمع المدني والساسة ومراجع الدين، الاعتلال في المصالح الشخصية والعداء الشخصي أصبح هو الميزة السائدة والانطباع العالم للعملية السياسية.

بمقدورنا ان نحدد بعض النقاط لتكوين النظام السياسي الصحي:

  1. حل الفِرق المشوبة بالمصالح الشخصية وبداعي الفصل بين المذاهب.
  2. تطبيق الدستور المشرع الحقيقي على وفق الشريعة الإسلامية لا احتكاره مذهبيا.
  3. منع الاستبداد وخطف الديمقراطية.
  4. تعزيز دور الأعلام بشرط عدم استغلال المهنة والميول الشخصي، ونشر التنشئة الثقافية المدنية والسياسية بكل حياد.
  5. وضع نقاط مهمة صارمة للترشيح لمجلس النواب.
  6. تعزيز الحكومة بالمصداقية التامة.
  7. الحضانة والتنسيق بين الشعب والبرلمان.
  8. الرصد المستمر للعمليات الغير قانونية من الوزير إلى أصغر موظف.

٩. فتح ملفات الفساد.

١٠. فصل الدين عن السياسة واعتبار العراق ذا تجمع الأديان الكبيرة والمصالح عامة.

عرض مقالات: