لا يخفي الأمريكان والأوربيون أن التنازع الجاري مع إيران، ومواصلة إخضاعها لأقسى عقوبات قررها البيت الأبيض وتلتزم بها بلدان الإتحاد الأوربي، لا يخفون أن أصل هذا النزاع لا يتعلق بقدرات إيران النووية، بل بقدراتها الصاروخية.

 القلق الأمريكي والأوربي من الصواريخ الإيرانية لا يتصل أبدا بكونها تمثل تهديدا مفترضا للسعودية وبلدان الخليج، بل بما تمثله من تهديد لإسرائيل، وبالتحديد للمنشآت النووية الإسرائيلية. ويدرك الأستراتيجيون في أمريكا وأوربا بلا شك أن ما طورته إيران من صواريخ ، حتى الآن، لا يحمل خطر إلحاق أذى جسيم بإسرائيل، خاصة في حال إنطلاقها من منصات على الأراض الإيرانية، وربما يختلف الأمر قليلا لو نجحت إيران في نقل تلك الصواريخ ومنصات إطلاقها، الى حزب الله في لبنان، مصحوبة بالخبراء المختصين بعملها، وهذا أمر فائق الصعوبة.

 ومع ذلك فأن هذا الخطر المحتمل، مهما بلغ من الضعف والهشاشة يحرص الأمريكيون، بغض النظر عن من يكون سيد البيت الأبيض، وكذلك الأوربيون، خاصة إيمانويل ماكرون، يحرصون على إجتثاثه بصورة تامة، عبر تدمير البرنامج الصاروخي الأيراني، وقطع الحبل السري الذي يربط حزب الله بطهران.

 وفي حال إنصاعت إيران للرغبات الأمريكية والأوربية في هذا المجال، ربما لن تمانع الولايات المتحدة ولا ألإتحاد الأوربي في مناقشة فكرة الأتفاق على نوع من تقاسم النفود معها في العراق، أما في سوريا فستتكفل موسكو بضبط النفوذ الأيراني في دمشق، ولن يشكل حوثيو اليمن تهديدا حقيقيا لأحد دون دعم إيراني، وربما كان في مسعى واشنطن الى التفاهم مع طالبان، محاولة تأسيس منصة صراع سني ـ شيعي، تشغل أيران وتستنزف طالبان وتحد من ما يمكن أن يمثله الطرفان من تهديد.

 ويبدو أن لبنان لموقعه الحساس شمال إسرائيل خارج دائرة التفاهم الإمريكي ـ الأيراني وإن كان ولا بد من إدخاله فبشرط قطع الحبل السري الذي تمت الإشارة إليه.

 حتى الآن يقاوم النظام الأيراني تمرير مثل هذا السيناريو، ولكنه مع الوقت، سيكتشف أن التغير الإيجابي الذي كان ينتظره من رحيل ترامب كان مجرد سراب، وأن عليه مواصلة تجرع العقوبات القصوى، مع تغير لفظي في لغة سيد البيت الأبيض الجديد عن لغة سلفه، لغة تشجع الأوربيين على زيادة الضغط على طهران,

 والسؤال الآن: هل يمكن للنطام الإيراني تحمل العقوبات القاسية إلى ما لا نهاية؟