ما هذا الصراع الذي ينشب بين المليشيات الكثيرة خارج نطاق السلطة في السر، ونسمع اصداءه في التراشق الإعلامي؟ لا نعرف اجوبته الكاملة، ولكننا نعرف ان الكل يدعي الشرعية وعدم خرقها، مادام متحصنا بالاتباع، والمدفعية الثقيلة للرمز، ويعتقد أنه وجد ضمن (الشرعية الثورية) التي أطلقها المقبور حزب البعث، أذن، فله الحق في امتلاك السلاح، والتحرك كما يريد، وتصفية ما يحلو له، ولا يحق للسلطات مساءلتهم، اللهم من يعتقد أنه (بطل من هذا الزمان) أي زائد عن الحاجة.
والمليشيات تتدخل في كل أمور الدولة، ولها الحق أيضا في قمع المعارضة وملاحقة النشطاء وقتلهم. ورسمت لنفسها دائرة للتحرك لا يجوز للأخر تجاوزها، كما ترسم السباع لنفسها.
ونتيجة لصراعات هذه المليشيات، تصبح الدولة مثل (العجوز المأكول عشاها) تتكلم مع نفسها ثم تطوي جسدها وتنام، أما الناس المغلوبين على أمرهم، فهو العشب، الضحية، حين تتصارع عليه فيلة الميلشيات،
والطريف أن الجميع يبكي على (ليلى)، وهي السلطة، الكنز، ويحاول عبر كل السبل، أن يثبت جدارته بها، ويعلن عزمه أن يفوز بالسباق مادامت المقصلة كما يسخر الفرنسيون، لا تنتظر أن يشيب شعر رأس المحكوم عليه بالقطع!
السباق محموم على الانتخابات والقوى الإقليمية والدولية تريد أن تخرج النتائج على مقاساتها وتحرك ميلشياتها واتباعها، وكالعادة كما هو متوقع ستخرج مؤسسات الدولة مثل ثوب المهرج، لا تناسق بينها، معطلة قبل أن تبدأ بالعمل، حزينة كأم مكلومة بأبنها، حائرة لا تعرف بأي اتجاه تمشي.. وهي بالتأكيد لا تبشر بالخير، إنما تنذر نتائجها بالحرب في سياق من يكون له حصة الأسد في كعكعة السلطة القادمة.
أما نحن (المتطلعين) لعراق حر ديمقراطي تسوده العدالة الاجتماعية، ما لنا غير التمني أن يكون صراعهم، صراع ديكة، أذ ينهزم الديك الخاسر ويحصل الغالب على قليل من (الدخن) ليأكله ويستلم صاحبه مبلغ الرهان، فنحمي أنفسنا من طلقاتهم التائه أو المتعمدة الموجهة الى صدرونا.