تهدف سلطة الدولة العراقية وأحزابها الطائفية الى تأكيد شرعيتها السياسية عبر انتخابات برلمانية جديدة وتماشياً مع ذلك تسعى القوى الوطنية -الديمقراطية الى خوض الانتخابات لغرض احراز مكاسب نيابية تمكنها من تنفيذ برامجها الوطنية.

ورغم رؤيتنا الإيجابية بخوض الانتخابات التشريعية كونها اسلوباً وطنياً شرعياً قادراً على تنفيذ البرامج السياسية للأحزاب الوطنية - الديمقراطية إلا أنه لازال طريقاً تحفه حزمة من المخاطر والصعاب السياسية لا يمكن تجاوزها في فترة زمنية قصيرة من عمر الدولة العراقية.

- استناداً الى حزمة الصعاب والمخاطر التي تكتنف الشرعية الديمقراطية الانتخابية دعونا نؤشر بعض الوقائع السياسة وتقدير آثارها على الدورة الانتخابية القادمة في محاولة لدراستها بموضوعات سياسية - فكرية عامة أهمها -

أولا - سمات الدولة العراقية وسلطتها السياسية.

ثانياً – خصائص التشكيلة الاجتماعية العراقية.

ثالثاً – التيارات السياسية الوطنية المتنافسة. 

اعتماداً على تلك المحددات السياسية نسعى الى التقرب من مضامينها العامة--  

أولا -سمات الدولة العراقية وسلطتها السياسية.

تمر الدولة العراقية وسلطتها السياسية بحالة من التراجع في قوة ضبطها الاجتماعي – السياسي لأسباب كثيرة نشير الى أبرزها -

1- كثرة المليشيات الحزبية المسلحة

تتعايش في الدولة العراقية كثرة من الفصائل الحزبية المسلحة المنافسة لدور المؤسسة العسكرية في مسعى منها -المليشيات المسلحة - مشاركة الدولة الوطنية في وظائفها السياسية – الأمنية الداخلية.

2- اعتماد الإرهاب السياسي.   

رغم الانتصارات الكبيرة التي حققتها المؤسسة العسكرية على القوى الإرهابية الا أن تلك القوى لا زالت ناشطة على الأرض العراقية بين آونة وأخرى. وبهذا السياق ينتشر إرهاب سياسي آخر تمارسه المليشيات الطائفية المسلحة ضد القوى الوطنية-الديمقراطية وأساليبها السياسية.

3 -انتشار الفساد الإداري.

يغتني كثرة من كوادر الاحزاب الطائفية من أموال الدولة المنهوبة بأساليب كثيرة منها عمولات على تسهيل تجارية، تزوير وثائق رسمية، شراء عقارات حكومية، فضلا عن كثرة الرواتب التقاعدية لمنتسبي الأحزاب الطائفية.

4 -الهيمنة الحزبية على المنافذ الحدودية.

- افضت سيطرة المليشيات الحزبية المسلحة على عائدات المنافذ الحدودية الى تقوية فصائلها الحزبية المسلحة عبر ادامة فعالية قواها العسكرية.

- ان الضعف الأمني المصاحب لسيطرة الدولة العراقية على شؤنها الوطنية انعكس على طبقات تشكيلتها الاجتماعية عبر نوافذ متعددة نحاول التعرض لأهمها في المحور التالي.

ثانياً – سمات التشكيلة الاجتماعية العراقية.

تتزايد عوامل ضعف وتفكك التشكيلة الاجتماعية العراقية لأسباب كثيرة منها –

(أ) - اعتماد الدولة على تصدير منتجاتها النفطية وبعض المنتوجات الوطنية.

 (ب) هيمنة شرائح تجارية على تصدير واستيراد البضائع الأجنبية.

(ج) ترابط الوحدة المذهبية بين القوى الطبقية التجارية الناهضة في تشكيلة العراق الاجتماعية وبين الطبقات التجارية في دول الجوار الطائفي.

- ان التغيرات الجارية على طبيعة حركة الإنتاج الوطني وسيادة الطبقات الفرعية انعكست على تدني مشاركة الطبقات الاجتماعية الفاعلة – الطبقة العاملة والبرجوازية الوطنية في الإنتاج الوطني ناهيك عن تراجع أدوارها في الحياة السياسية.   

-- ضعف مساهمة الطبقات الأساسية في الإنتاج الوطني أدى الى تدني فعالية كفاحها الوطني – الديمقراطي الهادف الى صياغة المستقبل السياسي للدولة الوطنية.   

-- الملاحظات المشار اليها تترافق واتساع نشاط وحيوية الفئات الوسطى العاملة في الأجهزة الإدارية حيث نجدها وبسبب ترابطها والقوى الحزبية المتنفذة تشارك في صياغة نهوج البلاد السياسية.   

- اعتماداً على ما تقدم يمكن تحديد خصائص الطبقات الفرعية الناهضة في تشكيلة العراق الاجتماعية بكثرة من السمات الأساسية منها --

-- هامشية الطبقات الفرعية.

تنبع هامشية الطبقات الفرعية من اعتمادها على التصدير والاستيراد وانعدام رغبتها في تطوير بنية البلاد الاقتصادية.

-- اشتداد نزعتها الإرهاب

مناهضة الطبقات الفرعية للنهوج الوطنية - الديمقراطية واعتمدها الإرهاب السياسي نهجاً في علاقاتها السياسية.

- ترابطها والجوار الإقليمي - الطائفي.

 ترابط مصالح الطبقات الفرعية مع الجوار الطائفي- الاقليمي ساهم في تدخل العاملين الإقليمي – الدولي بالشؤون الوطنية.

تلخيصا يمكن تقدير الحالة السياسية – الاجتماعية للدولة العراقية بمستويات عدة منها—

المستوى الأول- ضعف الدولة في بسط سيادتها الوطنية على كامل تشكيلتها السياسية.

المستوى الثاني – تراجع الطبقات الاجتماعية الناشطة في الإنتاج الوطني وصعود الطبقات الفرعية.

المستوى الثالث– انتشار المليشيات المسلحة وتدخلاتها في وظائف الدولة الوطنية.

ان عوامل الضعف والتراجع في بنية الدولة العراقية وتشكيلتها الطبقية تنعكس سلبا على فعالية الأحزاب والقوى السياسية لذلك نسعى الى توضيح ذلك الضعف والتوقف عند نتائجه السلبية.

  ثالثاً –التيارات السياسية الوطنية المتنافسة.     

يسود في التشكيلة الاجتماعية العراقية تياران سياسيان يتمثل الأول منهما بتيار الإسلام السياسي بقسميه الشيعي والسني مع التأكيد على سيطرة التيار السياسي الشيعي على الدولة وسلطتها السياسية استناداً الى مبدأ المحاصصة الطائفية. وثانيهما تيار الوطنية الديمقراطية الذي يضم قوى وأحزاب الوطنية الديمقراطية.

ان انقسام التشكيلة السياسية العراقية الى معسكرين سياسيين كبيرين يدفع تيار الوطنية – الديمقراطية الى ردم التباينات الفكرية والسياسية بين فصائله بسبب جوهر الخلافات بين المشروعين المتنافسين – الطائفي - السياسي والوطني الديمقراطي المتجسدة في الموضوعات التالية--

أولا – بناء الدولة الوطنية.

يسعى تيار الوطنية - الديمقراطية الى اعادة بناء الدولة الوطنية ونظامها السياسي على أساس الشرعية الديمقراطية والتغيرات الاجتماعية بينما يهدف المعسكر الطائفي- السياسي الى أضعاف سلطة الدولة وتوزيعها على أقاليم طائفية.

 ثانيا- تطوير الاقتصاد الوطني.

 يدعو تيار الوطنية - الديمقراطية الى بناء اقتصاد وطني يرتكز على مشاركة الطبقات الاجتماعية الفاعلة في تنمية وتطوير فروع الإنتاج الوطني بينما يسعى تيار الطائفية السياسية الى بناء اقتصاد مشوه يعتمد التصدير والاستيراد.

ثالثا –العلاقات الدولية – الإقليمية.

 يسعى تيار الوطنية الديمقراطية الى بناء علاقات وطنية – دولية تنطلق من التعاون الدولي وعدم التدخل في الشؤن الداخلية بينما يسعى تيار الطائفية السياسية الى التحالف مع الجوار الإقليمي - الطائفي بهدف مشاركته في النزاعات الوطنية.

ان كثرة الخلافات السياسية- الفكرية بين التيارين السياسيين في تشكيلة العراق الوطنية لا يمنع تيار الوطنية - الديمقراطية من خوض الانتخابات البرلمانية في مسعى للحد من سيطرة التيار الطائفي السياسي على السلطة السياسية ونهب ثروات البلاد الوطنية.

 

عرض مقالات: