رغم بعدنا عن العراق الحبيب لآلاف الأميال، ورغم اقصائنا من الادلاء بأصواتنا التي هي أثمن شيء عندنا، بسبب عدم وجود مركز انتخابي في المغرب، بدواعي قلة اعداد الجالية العراقية هنا، ولا نعرف اعداد المقيمين في المملكة المغربية، لأن هناك العديد من القادمين للمغرب، يغلّفون وجودهم بسديم من الصمت لأسباب لا نعرفها، رغم كل ذلك، بقينا نتابع العملية الانتخابية بكل شغف ومحبة وترقب ودهشة مما يجري داخل الوطن أولا، وثانيا اشتراك حزبنا الشيوعي المناضل في العملية الانتخابية وتحالفه المبارك مع شخصيات وكتل تنادي ببناء الدولة المدنية والعدالة الاجتماعية، وفي مقدمتها حزب الاستقامة الصدري، مما عده المراقبون انعطافة مهمة وفاعلة في تصحيح المسار السياسي الذي اختلط فيه الحابل بالنابل، ولم يعد يفرّق المرء بين من هو وطني ومن هو طائفي، بسبب ازدواجية المعايير وتغليب نظام محاصصة فريد من نوعه، حول البلد الى ضيعات وكانتونات ومماليك صغيرة، تفرقت بين الأحزاب الكبيرة، مما جعل العراق مرتعا لكل من هب ودب من المرائين والفاسدين وناهبي المال العام ومنح الامتيازات الهائلة وتوزيع أموال الوطن الجريح على منتسبي تلك الأحزاب بطرق لصوصية بشعة، أفلست ميزانية الدولة وكبّلت العراق بديون خارجية ثقيلة مع انعدام تام لإعادة البناء وتوفير الخدمات الضرورية لبلد مخرب تماما وانحدار سمعة العراق الى حضيض الدول الفاسدة والمتخلفة، دون أن يرف لمنتسبي تلك الأحزاب من مافيات الفساد أي جفن أو وخزة ضمير حي.

هنا أخذ التذمر الجماهيري منذ اربع سنوات بالتصاعد والرفض، خصوصا من لدن الشرائح المسحوقة والمتضررة والفقيرة، مما تطلب وجود تيار وطني حر وشريف من شأنه أن يخرج العراق من دوامة الفوضى والفساد الذي ضرب اطنابه كل مفاصل البلد، دون اعتبار لتاريخه العتيد وماضيه الرافل بالعطاء على مر الأزمنة والحقب البعيدة، مع افتقار أو انعدام الحس الوطني المطلوب من قبل السياسيين الجدد الذين أتوا لسدة القرار العراقي في اعقاب انهيار أعتى نظام فاشي كوني،  ولكن جرت سفن الخراب بملاحيها الجدد  لتكملة مسلسل انهاء البلد وانحداره الى مديات مخيفة من التدهور في كل شيء من طرف ممن كانوا بالأمس القريب من ألد أعداء النظام البعثي، كما يدّعون.

سبق لنا وكتبنا عشرات المقالات التي تناولت هذا الأمر بمعية الكتاب الوطنيين الحريصين على الاسهام بإنقاذ العراق واخراجه من النفق المظلم دون أن نلمس تراجعا أو تجاوبا ولو طفيفا عما خطط له وعزم عليه الفاسدون باستغلال فترة تسلطهم لنهب ما يمكن نهبه من ثروات العراق بعد أن وزعوها لمنتمي احزابهم وكتلهم والمقربين منهم من الأبواق الخسيسة والرخيصة، تاركين صراخ المحرومين وعذاباتهم وراءهم، مما دفع بشرفاء العراق لوضع حد لهذه المهازل الخطيرة، فأخذت وتيرة الاحتجاجات الشعبية بالتصاعد وبرزت أصوات وطنية تنادي بضرورة التغيير الفوري والإصلاح الجذري، بعد أن رفع سليل العائلة الصدرية المناضلة والشريفة، السيد مقتدى الصدر شعار "شلع قلع" هذا الشعار الذي عاد لكافة فقراء العراق ومسحوقيه شعارا مقدسا، بعد أن حفّز التيار المدني الوطني، اتباع التيار الصدري للانضمام لتيار الاحتجاجات الذي أخذ يتعاظم يوما بعد آخر، وقدم الدماء والتضحيات وواجه الطغمة الفاسدة والفاشية متمثلة بميليشياتها ومجرميها القتلة لتزهق أرواح العشرات من الشباب الرافض لسياسة المحاصصة المخيفة والإفقار المتعمد، دون أن يتراجع الرافضون للمهادنة عن أهدافهم النبيلة بكنس الفاسدين والرعاع وبهمة عالية ما عرفت الخفوت أو التراجع رغم كل شيء.

وها نحن اليوم نشهد ونبارك حصاد الفعل الوطني الشريف في تصدر قائمة تحالف سائرون في مقدمة التحالفات الأخرى بعد أن بذل الفاسدون المستحيل باتباع كل الوسائل الرثة من شراء الذمم وتوزيع الأموال المسروقة على من فقد الذمة والضمير والحس الوطني، دافعين بالرعاع لارتكاب التجاوزات وإشاعة الخوف، لكسب الأصوات دون أن ينالوا ما يرمون اليه، ليثبت تحالف سائرون أن الأمل لكل العراقيين المتضررين من سياسة الاقصاء والمحاصصة وأن المستقبل قادم بكل اشراقاته ومسراته ووضع القطار على مساره الصحيح.

ما حز في نفوسنا وأضر في خواطرنا، أن غالبية العراقيين امتنعوا عن التصويت وشرعوا بالعزوف عن الانتخابات، ورغم أن هذا الموقف حق طبيعي وحرية الاختيار شخصية ولا لأحد التدخل فيها، إلا اننا كنا نأمل أن يهب العراقيون عن بكرة ابيهم للإدلاء بأصواتهم لشرفاء العراق الذي عقدوا العزم على التغيير الجذري لنقف على محاسبة الفاسدين والمخربين ومافيات النهب وتبييض اموال العراق لينالوا عقابهم العادل.

اليس هذا مطلب العازفين؟ فكم ستكون الفرحة اشد وأعظم إن هم اضافوا لزخم التصويت أصواتهم الثمينة، ولكن مما يؤسف له أن الغالبية العظمى من الاخوة الممتنعين، لا زالوا في شك من هذا الموضوع، دون ان يقدموا بديلا لإنقاذ العراق، علما أن عصر الانقلابات قد ولّى، ولم يتبق من سبيل للتغيير لهم لكنس الفاسدين، سوى صناديق الاقتراع التي هي الوسيلة الحضارية السلمية الوحيدة في الخروج من المحنة.

وهل لدى الأخوة الممتنعين والعازفين أدنى شك بنظافة ونزاهة ووطنية الشيوعيين أصحاب التاريخ المجيد والتضحيات الخالدة والأيادي البيضاء؟ 

كلنا أمل أن تتم مراجعة المواقف، ولعل ذلك سيتحقق بعد أن يلمسوا حجم الاصلاحات التي ستظهر لاحقا وقريبا على أيدي الوطنيين الأحرار الساعين لبناء دولة البناء والمواطنة والعدالة الاجتماعية.

مرة أخرى نقدم أجمل التهاني وازكى التبريكات لتيار سائرون ونبارك لكل من حظي بثقة ناخبيه، آملين أن تتضاعف الجهود لتصحيح مسارات الإصلاح الجذري وبسرعة كبيرة، لنتلمس النتائج الإيجابية الباهرة.

أملنا معقود عليكم يا احرار العراق

والى لقاء قادم يجلله الفرح والمسرات ونحن نرى أن العراق بدأ يرفل بثياب العزة والفخر والسلام والمحبة. عراق خال من الفاسدين والطائفيين.

عاشت الأيادي الوطنية البيضاء

وعاش العراق حرا أبيا بأبنائه البررة.

عرض مقالات: