لصوصنا في السر والعلانية، من الحيتان الكبيرة، أظهروا براعة أكثر من السحرة الذين نراهم على الشاشات الذين يخفون شيئا كالخاتم ويظهرونه في مكان لا نتوقعه. فاليوم أظهروا براعة أخرى، ولكن بدون الحيل المعروفة أو لبس طاقية الإخفاء، بل هكذا على عينك يا تاجر، لأنهم كالمنشار يأكل في صعوده ونزوله، فهم يشفطون ما عند الدولة والمواطن معا، ثم يتباكون على أموال الدولة المهدورة وعلى المواطن الفقير، ويبتهلون.. كي تصحح المسيرة ويرفع الحيف عن الضحايا، ولا تخلوا ابتهالاتهم من بكاء ودعوات تصل الى حد التهديد بالقتل، واستخدامه أحيانا، ولكن الذي يُضرب المسروق فقط ويساح دمه في الشوارع والقاتل مجهول، بينما تظل السلطات تلملم (ورقة توتها) تطلق حملتها المتكررة التي تتضمن الكثير من (ال...سوف) حتى يختنق الهواء. 

مرة أعلنت (مناقصة) على تعيين 30 ألف كمتعاقد مع وزارة الكهرباء، بدأت لجنة اللصوص الاقتصادية من جهة معروفة بالتقوى، بطلب أربعة الاف دولار من كل متقدم لتوظيفه، وبما أن العدد لا يكفي طموح اللصوص، أضافوا اليه ستين ألفا، ومجموع ما تم تحصيله بلغ 360 مليون دولار فقط!

 فما الذي حصل؟ الحكومة المفلسة، وهي عاجزة عن الدفع لهؤلاء المتعاقدين منذ شهر اذار (مارس) الماضي، وأصبحت مدينة لهم بحدود 324 مليون دولار إذا حسب معدل الراتب 400 دولار! والمتعاقدون يعملون ويواصل بعضهم الاضراب في المطالبة بحقوقهم، بدون أفق واضح، وأصبحوا مثل تلك (المكورد ة لاحظت برجليها ولاخذت سيد علي)

هذا مثال بسيط في النصب.  وهو لم يبدأ بهذه الواقعة أو (الغزوة) ولن ينتهي ببيع المناصب الحساسة والكبيرة، وتعويم الدينار لصالح تجار العملة وأصحاب نوافذ البيع من عرابي  المافيات.

 سفينة الشعب العراقي برمته من أقصى الشمال الى الجنوب ومن شرقه الى غربه، تسير على مياه مثلث برمودا (لصوص – قتلة – طغمة متحكمة)، وليس أمامها خيارات كثيرة سوى الغرق في ظلمات الفوضى أو أن تغير خارطة سيرها، وترفع شعارها الموحد (يا ضحايا الظلم واللصوصية والموت اتحدوا) فلا خيار بدون كنس هذه الطغمة المتحكمة من دولة عميقة ومافيات وأصحاب الابتهالات وتخدير العقول. وألا نظل نلوك سخريتنا المرة كما رد البطل نيرودا في رواية (ساعي بريد نيرودا) عن سؤال ساعيه عن صحته وهو يراه ممدا بالفراش فيقول:

 (أشعر بأنني أحتضر وباستثناء ذلك ليس هناك ما هو خطير!)    

 

عرض مقالات: