تشتد معاناة أوسع الأوساط الشعبية بألوان طيفها و خاصة الكادحة منها، من الطبقة الحاكمة الاوليغارشية (حكم العوائل) التي تشكّلت على اساس محاصصة للهويات الطائفية و العرقية، التي لم تقدّم للشعب باطيافه طيلة سبعة عشر عاماً، الاّ  محاولات دموية لنبش و تصعيد المشاعر الطائفية و العرقية، و أدّت الى تحطيم اساسيات الاقتصاد الوطني بالزراعة و الصناعة و التجارة، و جعلت من البلاد الغنية دولة ريعية بائسة تابعة بلا احتياطات و لا تأمين لمواجهة الازمات و بقيت البلاد عارية امام الوباء الخطير الذي انتشر و ينتشر مؤخراً، الذي كشف هشاشة الدولة . . و التي انتهت بفتح الباب لتحطيم العملة العراقية !

حتى صارت الدولة و (المؤسسات الدستورية) و كأنها واجهة لحقيقة هي حكم الميليشيات بسلاحها المنفلت و بممثليها الذين جرى تنسيبهم لعضوية البرلمان على حد تصريحات و اقوال برلمانيين حاليين و سابقين على الفضائيات، في وقت يتصاعد فيه الخلاف بين النواب و مسؤولي الكتل الحاكمة . . في مسيرة انتجت بالتالي مافيات حاكمة عابرة للطوائف و العرقيات لا اكثر، بإسم الديمقراطية، داست على  قانون الاحزاب الدستوري بالاقدام . .

في وقت يزداد فيه رعب الطبقة الحاكمة باطرافها من ثورة تشرين الشبابية البطولية بتضحياتها الباهضة، التي نالت تاييد المرجعية العليا و كبار رجال الدين المسيحي باطرافه و تأييد الطائفة الصابئية  و كبريات النقابات المهنية و العمالية و اتحادات الطلبة و النساء و منظمات المجتمع المدني . .

 ثورة تشرين التي ادّت الى تخبّط الاحزاب الحاكمة و تخبّط خطاباتها، التي صارت تتيه بين تقوية البيوتات الطائفية و بين البيوتات العابرة للطوائف، و بيوتات الفساد العابرة للطوائف، المسلحة حتى الاسنان بالميليشيات التي تصعّد حملات اغتيالاتها اليومية بالكواتم بحق خيرة ابناء شعبنا، و راح ضحيّتها قبل ايام احد ابرز قياديي الاحتجاجات الشهيد البطل صلاح العراقي الذي لم يستطع دفع ايجار بيت عائلته و اطفاله المتواضع طيلة شهور، فاضحاً حتى باستشهاده اسطوانة (ابناء السفارات و الرفيقات و جوكرية الدولار . .) المشروخة الكاذبة القذرة . .

في اثبات جديد على ان الكتل الحاكمة مستعدة لعمل كلّ شئ لمحاولة (وأد الإنتفاضة) وفق خيالها المريض في محاولة لإبقاء استمرار رجالاتها على كراسيهم، دون ملاحظة ما انجزته الإنتفاضة باطلاق الوعي الوطني، و ما احدثته في انطلاق الوعي الشعبي التحرري من اجل الخبز و الحرية و المساواة و الهوية الوطنية لكل الطيف العراقي . .

و يرى سياسيون و متخصصون بأن الفكرة التي اطلقتها ثورة تشرين باقية رغم حملات الإغتيالات، بدلالة المحاولات المستميتة للكتل الحاكمة و لرجالها للادعاء بأنهم هم مطلقيها ؟؟ و يرون بان الفكرة هي التي تساعد على التحشيد و التنظيم، كإجراء عملي لشعار ( الوعي قائد ) و يتساءلون . و لكن هل يكفي ذلك للوقوف بوجه الميليشيات المنظّمة المدججة بالسلاح ؟ في ظروف يولّد فيه انخفاض قيمة الدينار العراقي و انخفاض الرواتب، يولّد امواجاً بشرية جديدة تنضم الى احتجاجات و مطالبات و اعتصامات تشرين !

و يرى آخرون، بأن استمرار العنف و القتل و تصاعد الضغوط المتنوعة ازاء اي اعتراض او مطالبة، في بلد لايخلو فيه منزل من قطعة سلاح، يجعلهم لايعرفون ماسيجري في العام القادم، و على الحكام الاغبياء ان لاينسوا الحكمة الثورية التأريخية " ان الجماهير الخائفة و الهاربة من قبضة رجال الاجهزة الخاصة السرية بالامس . . هي نفسها التي تصنع التأريخ بانتفاضتها المقدامة ان انتظمت و وحّدت قواها " لأن العوامل التي فجّرت الإنتفاضة لاتزال قائمة و اقوى من السابق، و تتطلب ادراك اهمية وحدة القوى الشعبية لمواجهة المخططات (الارجنتينية) الجديدة التي جاءت بالكاظمي و رسمت له الخطط البعيدة عن مطالب ثوّار تشرين، من تقديم قتلة المتظاهرين للعدالة . . و الى محاكمة كبار الفاسدين و استرداد اموال الشعب منهم !

عرض مقالات: