مات الملك ... عاش الملك ...رحل ترامب ــ الفيل ... جاء بايدن ــ الحمار!
رحل ترامب المهرج العنصري، الرأسمالي، الجشع، الوقح، النرجسي، الصفيق، الداعر، ... الخ، فانتظروا قريبا ظهوره على الشاشات في دراما طلاقه من زوجته ميلانيا التي صبرت طويلا تتنظر انتهاء ولايته لتتحرر من قيوده. وانتظروا محاولاته الانتقامية الصبيانية ممن طرده من البيت الأبيض، فهزيمته في الانتخابات لا علاقة لها بالعملية الديمقراطية، بل عنده قضية شخصية تتناسب مع طبيعته النرجسية.
رحل الأسوأ القبيح وجاء أفضل السيئين، أو ما يسمى " أهون الشرين"!
رحل الشعبوي، العنصري الذي كان أيقونة للشعبويين واليمين المتطرف في أوربا، والذي استطاع التغرير بالمتضررين من سياسات ونشاطات الراديكاليين والتكفيرين المسلمين، فكسب قلوب قطاعات واسعة من أبناء الشرق قبل الغرب، وغاب عن بالهم ان اية قطعة نقدية، لها نفس القيمة مهما نظرنا لها من أي جانب، وكذا السياسة الامريكية.
يتفق الكثيرون، بان السياسة الامريكية لا يرسمها البيت الأبيض وإنما كارتلات المال وشركات السلاح، وأن مصالح من يرسم السياسة هي الأولى قبل كل شيء، ولأجل ذلك يمكن التحالف مع الشيطان بغض النظر عن حزب الرئيس الجالس في البيت الابيض سواء كان فيلا او حمارا. تفاءل الكثيرون يوم جاء باراك أوباما الديمقراطي، رئيسا جديدا، فهو اعتبر من يسار الديمقراطيين، حمل معه للمواطن الامريكي مشروع اصلاح نظام التأمين الصحي (Obamacare)، لكن خلال فترة رئاسته ساهمت أمريكا في صناعة وحش (داعش) الذي نثر الموت والخراب في العراق وسوريا. الآن في مرحلة بايدن الديمقراطي، الذي يوصف بالاعتدال، ومهما قيل عن قلة جوع أمريكا لنفط الشرق الأوسط، كونها أصبحت منتجة له، وازدياد انتاجها من النفط الصخري، ووجود دول منتجة بديلة، ما جعلها تعيد ترتيب أولوياتها في مجال الطاقة، فأن الشرق اللعين لأسباب متعددة يظل ملفا ساخنا على طاولة أي رئيس، فانتظروا القادم الذي سيظهر يوما، فإذا تطلبت مصالح أمريكا فهو سيكون تنظيما أكثر بشاعة من داعش، وتكون صناعته بمساهمة أمريكية وبمباركة من الرئيس الديمقراطي!
بمجيء بايدن ستتنفس إيران وأوردغان والاخوان المسلمون الصعداء بعض الشيء. ستكون امامهم فرصة لترتيب امورهم بشكل أفضل لمزيد من التدخل في شؤون الدول الأخرى خصوصا العراق وسوريا وليبيا، ولقد بدأ اوردغان بمد يده الى القرن الافريقي في الصومال. وان عودة التزامات أمريكا النووية امام إيران، كما هو متوقع، سيكون دافعا لإيران لاسترداد أنفاسها لتزيد من تدخلها في شؤون العراق، وان علاقات بايدن المتميزة مع بعض القيادات الكردية في العراق قد تغريها لفتح ملف الانفصال من جديد خصوصا مع استمرار ضعف وغياب دور الحكومة المركزية في بغداد.
قد يقول قائل عليكم بالتفاؤل لأن بايدن اختار كامالا ديفي هاريس، المعروفة بعلاقاتها الطيبة مع النقابات العمالية وميولها اليسارية والاصلاحية كنائبة له، وذلك كمحاولة لإرضاء جمهور بيرنارد "برني" ساندرز، خصوصا شباب المنظمات اليسارية التي ساندت حملة ساندرز الانتخابية، بل وربما ان بايدن سيمنح ساندرز موقعا ما في طاقمه، وكل هذا بالتأكيد سيعود بالخير أولا على الشعب الأمريكي، اذ تعب الناس من تصاعد العنصرية والخوف والقلق من مفاجآت ترامب لو فاز بولاية ثانية، لكن أية خطط تنتظر الشرق الأوسط اللعين وكيف سيكون دور نائبة الرئيس في التأثير على مشاريع الرئيس القادمة؟ هل سيتخلى بايدن عن صهيونيته التي طالما تفاخر بها، وعن ضرورة وأهمية وجود إسرائيل بالنسبة لأمريكا ليصرخ عام 1986 في مجلس الشيوخ الامريكي " ان لم تكن موجودة لاخترعناها "؟
قد يتنفس الامريكيون بهدوء بعد رحيل ترامب، لان سياسة بايدن ستكون إصلاحية على مستويات اجتماعية واقتصادية، لكن علينا في الشرق الأوسط ان نتهيأ لمفاجآت الحمار، التي قد تذهب بفرحة الخلاص من كابوس الفيل العنصري القبيح !