تمر الدولة العراقية وتشكيلتها الاجتماعية بمرحلة من عدم الاستقرار الاجتماعي – السياسي بسبب الورثة الثقيلة التي خلفتها الديكتاتورية واستلام الطبقات الفرعية لسلطة البلاد السياسية في المرحلة المعاصرة، وبهذا المسار أثر تراجع أنشطة الدولة العراقية وضعف هيمنتها السياسية على فاعلية أحزابها السياسية ووضوح برامجها الكفاحية.  

استنادا الى ذلك نحاول بحث العوامل المؤثرة على التشكيلة الاجتماعية العراقية واحزابها الوطنية – الديمقراطية وتأشير برامجها الوطنية الرامية الى إعادة بناء نظام الدولة السياسي الهادف الى معافاة الدولة الوطنية وتشكيلتها الطبقية والحد من هيمنة الطائفية السياسية على مسار تطورها الوطني اللاحق.

 انطلاقاً من الرؤية السياسية المثارة نحاول تحليلها بملفات مترابطة يتمثل الأول منهما بسمات التشكيلة العراقية بعد الاحتلال الأمريكي للعراق. وثانيهما فعالية الأحزاب السياسية في إعادة بناء الدولة الوطنية. وآخرهما انشاء تحالفات السياسية قادرة على مناهضة للتبعية والتهميش.

اعتماداً على تلك الرؤى السياسية نتناول المحور الأول المتمثل ب-

أولا -- سمات التشكيلة الاجتماعية بعد انهيار النظام الاستبدادي.

أدت التغيرات الاجتماعية في العهد الاستبدادي المنهار الى ظهور الفئات البيروقراطية – الطفيلية التي جمعت بين النهج الديكتاتوري لنظام الحكم وبين مشاركتها السيطرة على ملكية الدولة الاقتصادية.

 - واعتماداً على ذلك نمت وتطورت الشرائح البيروقراطية والطفلية في قطاعي الدولة الاقتصادين العام والخاص بسبب قرابة المالكين لأزلام السلطة السياسية.

-- وبذات المسار ساعدت العقوبات الاقتصادية الدولية بتنامي الفئات الطفلية -البيروقراطية الحائزة على الثروة الوطنية وسلطة البلاد السياسية.

-- تعزيز الفئات البيروقراطية - الطفيلية في البلاد جرى بعد سقوط الديكتاتورية حيث ظهرت الطائفية السياسية والبرجوازية الطفلية بديلا طبقيا عن قوى الديكتاتورية المنهارة اعتماداً على الوقائع التالية --.

أ - تفكك قطاع الدولة الاقتصادي وبيع اغلب وحداته الإنتاجية للقوى الطبقية الجديدة؟

ب – أصبح الفساد والتلاعب بالثروة البترولية مصدراً لنمو القوى الطبقية الجديدة وما نتج عن ذلك من تخريب تطور مصانع القطاع العام وتعطيل قدراته الانتاجية.   

ج- انتعاش قطاع الاستهلاك بسبب ازدهار بضائع المزارات المقدسة ومتطلبات المناسبات الدينية.

د – ترابط القوى التجارية الطائفية مع الجوار الطائفي الإقليمي افضى الى ازدهار التجارة الخارجية وتعثر تصدير المنتجات الوطنية.

ه – سيادة الطائفية السياسية على السلطة الوطنية وتزايد تأثيراتها على تشكيلة البلاد الاجتماعية.

ان المؤشرات السالفة الذكر اثرت بشكل كبير على فعالية الطبقات الاجتماعية وغياب دور الأحزاب السياسية في تنمية وتطوير البلاد السياسية.   

ثانياً -- فعالية الأحزاب السياسية في إعادة بناء الدولة الوطنية.

- التغيرات الجارية على القوى الطبقية في التشكيلة الاجتماعية العراقية اثرت على نهوج الأحزاب السياسية وانحسار قاعدتها الاجتماعية.

- استناداً الى ذلك يمكن تحديد السلبيات التي افرزتها السلطة الطائفية وتأثيراتها على أحزاب تشكيلة العراق الاجتماعية بالسمات التالي—

1 –برامج أيديولوجية

- تنطلق برامج الأحزاب السياسية بشكل عام من مناهج أيديولوجية بعيدة عن المصالح الطبقية لتشكيلة العراق الاجتماعية. 

2– ضعف التمثيل الطبقي

-- تعذر تمثيل مطالب الطبقات الاجتماعية بوضوح كامل بسبب تداخل مصالح طبقات اجتماعية متقاربة.

3 – التداخلات الطبقية

ترابط مهام الطبقات الاجتماعية وتداخلها مصالحها في الظروف الاقتصادية الراهنة.

4– التخريب السلطوي

هيمنة الطبقات الفرعية وسيادة البرجوازية التجارية – المالية الربوية على مفاصل سلطة البلاد السياسية وابعاد الطبقات الاجتماعية الناشطة عن إدارة الاقتصاد الوطني.

5 -- احتكار الوظيفة الاقتصادية

– سيادة الطبقات الفرعية على سلطة البلاد السياسية واحتكارها سياسية البلاد الاقتصادية.

6– بناء الاقتصاد المشوه.

اعتماد الطبقات الفرعية على استيراد منتجات الدول الأخرى وما يعنيه ذلك من استمرار تهميش الطبقات الاجتماعية العاملة على تطوير الإنتاج الوطني.

7 - اعتماد الفصائل الشعبية المسلحة.

- اعتماد الطبقات الفرعية على فصائل مسلحة لصيانة مصالحها الطبقية عند خوض النزاعات الاجتماعية والتصدي للمطالبات الشعبية.

8 - سيادة النزعة الطائفية السياسية.  

سيادة الطائفية في الحياة السياسية واتساع تحالفاتها مع الجوار الإقليمي وما يعنيه ذلك من ضياع السيادة الوطنية ارتهانها للصراعات الإقليمية – الدولية.

9 – الطائفية السياسية والإرهاب السياسي.  

– ترابط الإرهاب والقمع السياسي الممنهج لدى أحزاب الطائفية السياسية ضد القوى الوطنية الراغبة في تطور بلادها بعيدا عن الترابطات الإقليمية الطائفية او النزاعات الدولية.

10 – التدخلات الدولية وانحسار السيادة الوطنية.  

لجوء الطائفية السياسية وقواها المسلحة الى قمع الحركات الوطنية المطالبة بالعمل والسلام الاجتماعي وما ينتجه من تدخلات دولية وانحسار سيادة البلاد الوطنية.

ان اللوحة السياسية القاتمة التي جرى تبيانها تجبر القوى الاجتماعية الديمقراطية على التعاون لإنقاذ البلاد من التخريب الطائفي ومساعي الرأسمالية المعولمة الهادفة الى تهميش الدولة الوطنية وما يعنيه ذلك من بناء سياسية جديدة نابعة من طبيعة التخريب الطائفي السياسي الممنهج للدول الوطنية.

ثالثاً -التحالفات السياسية ودورها في مناهضة التبعية والالحاق.

تشكل صيانة الدولة الوطنية وحمايتها من التبعية والتهميش الحلقة المركزية في الكفاح الوطني الديمقراطي الامر الذي يشترط إعادة بناء هيمنتها السياسية على حياة البلاد الوطنية استناداً الى --

أولاً- اقامة تحالفات وطنية تعمل على تعزيز سيادة الدولة المركزية وما يعنيه ذلك من تحجيم دور الطائفية السياسية في إدارة حياة البلاد السياسية.   

ثانياً – تكثيف التعاون السياسي بين القوى الوطنية الديمقراطية بهدف صياغة برنامج وطني مشترك يعتمد القضايا الوطنية الواقعية.

ثالثاً – اعتبار الشرعية الديمقراطية الانتخابية الأسلوب الوحيد لاستلام السلطة السياسية والحد من النزعات الانقلابية.

رابعاً - التركيز على الوطنية العراقية في صياغة البرامج الانتخابية لأنها تشكل الأداة السياسية الفاعلة في وحدة البلاد الاجتماعية.

خامسا – عدم اعتماد الطائفية السياسية في الانتخابات التشريعية والتركيز على البرامج الاقتصادية – الاجتماعية.

سادساً – تطوير الدورة الإنتاجية وبناء توازنات بنيتها الطبقية الهادفة لخدمة مصالح العراق الوطنية.

سابعاً- التركيز على تلبية المصالح الطبقية للطبقات الاجتماعية الفاعلة في الدورة الإنتاجية.

ثامناً– إقامة علاقات دولية ترتكز على احترام سيادة البلاد الوطنية.

تاسعاً- صيانة الدولة الوطنية من التبعية الإقليمية والتهميش الرأسمالي.

عاشراً - الابتعاد عن سياسة المحاور الإقليمية - الدولية والتركيز على الحياد المنبثق من مصالح البلاد الوطنية.

ان المهام الوارد ذكرها المنبثقة من التحالفات السياسية الطبقية كفيلة بنقل البلاد من العزلة الطائفية والتبعية الإقليمية الى تعزيز سيادة البلاد الوطنية وتطور تشكيلتها الاجتماعية.

 

عرض مقالات: