اتخذت دراسة النخبة في السنوات الأخيرة مكان مهماً عند عدد من  الدارسين في حقلي الاجتماع والسياسة على حد سواء، من جوانبها المختلفة، وعرض الاستفهامات حول إيجاد النخبة لتقود الدولة ذات النظام الديمقراطي ومن هذه الاستفهامات، كيفية خلق نخبة سياسية واجتماعية تقود الديمقراطية في البلدان التي تعاني من تعثر النظام الديمقراطي، واذا تجاوزنا الاختلاف الفكري بين النخبة والديمقراطية، من حيث ان النخبة تحملمضمونامفاده هو وجود مجموعة من الناس لهم درجة متميزة من صفات تفردهم عن العامةمن الناس، وعندهم المقدرة من كل نوع، اي أولئك الذين يحققون بمواهبهم الطبيعية نجاحاً في عملهم أعلى  من معدل نجاح الآخرين.اما الديمقراطية فهي بما تعنية كآليه من آليات التي يصل بها الأشخاص الى السلطة، فأنها تقوم على ممارسة كافة أفراد المجتمع بغض النظر عن آليات التمايز والتفاضل، والأكثر من هذا أن من خصائص الديمقراطية أنها تقوم على التعددية، بينما من خصائص النخبة انها تقوم على القلة المختارة.

واذا تجاوزنا هذه الإشكالية بين النخبة والديمقراطية، وذهبنا مع الرأي الذي يقول بانه لا يوجد حيز شاسع بينهما حتى مثلاً داخل التعددية هناك نخبة، وبالمحصلة ما دام أننا تجاوزنا الإشكالية بين النخبة والتعددية أحدى مسلمات الديمقراطية، فهنا يعرض التساؤل التالي:كيف نوجد نخبة تقود الديمقراطية؟وهنا يأتي الدور المناط بالنخبة لكي تؤدي بما تمتلكه تلك النخبة من القدرات، وهنا لا يشترط بالدور نوع أو ممارسة واحدة أنما مهما كان هذا الدور سواء بالكلام أو السكوت أوالتأييدأو الممانعة أو القبول أو الرفض، اما عن أي نوع من النوع النخب التي تقود باتجاه الديمقراطية، فيذهب المؤشر باتجاه النخبة المثقفة، كون باقي النخبة تؤدي دورها ضمن مجالها المناط بها وهذا لايعني أنها لا تثقف باتجاه قبول الديمقراطية، فمثلاً النخبة الدينية يدور واجبها اتجاه تهذيب الناس من الناحية الأخلاقية والاجتماعية، والنخبة العسكرية، تدور حول خبرة الاحتراف العسكري والمهني.

اما الصفوة المناط بها رسمياً خلق نخبة تقود الديمقراطية في المجتمع، فهي تقع على عاتق النخب المثقفة، ونحن هنا عندما نتعامل مع هذه النخبة فانه لابد من تبيان أن هناك نوعين هما من يعمل النخب المثقفة،ففي الجانب الأول حينما يكون المثقف جزءا من السلطة والمؤسسة الحاكمة، لذا فان المثقف هنا يمارس الخطاب الثقافي التقليدي الذي درجت عليه المؤسسة الرسمية سواء كان هذا التوجه ديمقراطيا ام غير ديمقراطي ليصبح المجتمع تحت تأثير تلك المؤثرات. إما الجانب الثاني فهو حالة المثقف خارج السلطة وهو يعبر عن نفسه بانتمائه إلى المشروع السياسي، سواء اتخذ هذا الانتماء صيغة القبول أو المناوئة التصحيحية السلمية. وعليه ووفقاً لما تقدم فإنهمن الضروري ان يقودالمجتمع هذا النوع من النخبة المثقفة وهي المؤهلة باتجاه المدنية، وبتالي فان هذه النخبة هي من تقودأركان السلطة، المجتمع والمؤسسة الحاكمة باتجاه الممارسة الفعلية نحو الديمقراطية.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

* كلية العلوم السياسية/جامعة الكوفة

عرض مقالات: