الأنقلاب الدراماتيكي، بين ليلة وضحاها، في مواقف قادة ميليشيات احزاب السلطة من مجمل قضايا الوطن بعد التهديد الأمريكي بالتعامل بشدة مع مطلقي الكاتيوشا على محيط سفارتهم في المنطقة الخضراء، بعد ان ضاقوا ذرعاً منها، كان مدعاة للتهكم في الأوساط الشعبية، التي رأت فيه انكفاءً يفتقر الى ادنى صور اللياقة والشجاعة التي كان هؤلاء القادة لأيام سابقة يتنافخون ويتنافحون ويتنافجون في مقاومتهم للمحتل ووجوب طرده ويهددون الحكومة ورئيسها الى ان " يغلس " يغض النظر عما يفعلون.

الأكثر مضاضة ان هذا التراجع حدث بسرعة سنة ضوئية، ونتيجة إكراه خارجي، وليس استجابة لاستحقاقات ومطالب شعبية مشروعة مضى عليها سبعة عشر عاماً، ولا هي صحوة ضمير، لذا فأن ابناء شعبنا لا يقيمون لهذا الموقف وزناً، وليسوا معنيين به. وكل ما جاء في بياناتهم من عبارات مثل : هيبة الدولة والأمان وسيادة القانون ومحاسبة قتلة المتظاهرين، لا يقنع بعوضة، ومثلهم عاجز عن توفيرها...فهي بالنهاية ثمرة استخذاء وانبطاح امام شيطانهم الأكبر، وليس نتيجة مراجعة نقدية لجرائمهم ضد البلاد وشعبها وابداء ندم، والتخلي عن السلاح، او استعداد منهم للوقوف امام القضاء واحقاق الحق.

في حقيقة الأمر ان موقفهم الهزيل هذا كان تحصيل حاصل وانجازا من انجازات انتفاضة تشرين - اكتوبر التي ستمر بعد ايام ذكرى سنويتها الأولى، بعد ان هزمتهم بسلميتها وبدماء ضحاياها من شهداء وجرحى ومفقودين ومختطفين، وجردتهم من أسمال قدسيتهم وأهانت تجبرهم وطغيانهم وفضحت رجعية قيمهم وظلامية افكارهم وكشفت مديات تخريبهم لمقدرات البلاد.

لابد وانهم بهذا الانصياع المذل للاعب الأمريكي سيعملون على ترتيب أوضاعهم معه، ولو بتغيير جلودهم الطائفية الى ( ليبرالية )، والتلون كالحرباء لنيل بركته...ويدخلون بعدها حضيرة المطبعين آمنين!

عرض مقالات: