لتحقيق العدالة .. وهي ليست غاية بحد ذاتها لكنها وسيلة ديمقراطية لتأكيد سلطة الشعب . هنالك شروط يجب توفرها، لسلامة وسير العملية الانتخابية ، و لمشاركة مختلف الطيف السياسي في هذه الانتخابات .

وهو أمر هام جدا في أي عملية انتخابية .

توفير شروط قيام انتخابات ديمقراطية أو في الحد الأدنى للديمقراطية ، هو أمر حيوي وضروري بل من موجبات التأسيس لقيام دولة عادلة .

فما جدوى من انتخابات تخلو من قانون انتخابي عادل !..

وغياب قانون أحزاب رصين ووطني ينصف الجميع .. ويكون بوسعه ومن خلال هذا القانون ، تمارس هذه الأحزاب والأفراد حقهم الطبيعي في العمل السياسي الذي كفله الدستور والقانون .

ما جدوى من انتخابات تخلو من مفوضية مستقلة ومهنية وحيادية ، وغير خاضعة لإرادة أحزاب السلطة و ( الإسلام السياسي ) مثلما يحدث اليوم ، من خلال محاولات حثيثة ليكون أعضاء المفوضية من الأحزاب الحاكمة ، لتكون أداة طيعة بيد الأحزاب الحاكمة ، والتي ستشرف على سير العملية الانتخابية ، في العد والفرز وليكون بمقدورهم التزوير لصالح الطبقة الحاكمة وأحزابها !.. فأي استقلالية يتمتع بها هؤلاء الذين يمثلون أحزابهم ؟؟

ما جدوى الانتخابات التي لا تكشف عن مصادر تمويل الأحزاب وعن ذممهم المالية بأمانة وصدق ، والحزب المخالف يقع تحت طائلة القانون والمسائلة !

تفعيل قانون من أين لك هذا ، وإبعاد المال السياسي ومنعه من ممارسة الفساد وشراء الذمم ، وتزوير الانتخابات ، والتأثير من خلاله على الناخبين ؟

ما قيمة الانتخابات أذا لم يكن قانون الانتخابات يُمَكٍنْ القوى والأحزاب المشتركة في الانتخابات بأن تحصل على حقوقها كاملة ، ولن تذهب الأصوات لغير من انتخبهم الشعب ، مثل ما حدث في الدورات السابقة ، وما شابها من تزوير !!؟..

ومنح هذه الأصوات التي حصل عليها المرشحون ، الذين لم يصلوا العتبة الانتخابية !.. بمنحها للحيتان الكبيرة !.. وفق قانون مفصل على مقاسهم !

كما حدث مثلما ذكرنا في الانتخابات السابقة ، وفق سانت ليغو المعدل ومفوضية غير مستقلة وغير ذلك ؟

ما قيمة الانتخابات بغياب الشفافية في سير العملية الانتخابية برمتها ، من فرز وعد وتدوين ونقل للصناديق ، وإعلان النتائج ، التي يشوبها الكثير من علامات الاستفهام ؟..

والتدخل الفاضح والمكشوف للدين السياسي ومؤسساته المختلفة ، وتجيير هذا النشاط لصالح قوى وأحزاب الإسلام السياسي ، للتأثير على الناخبين من خلال فتاوى التظليل المفبرك والكاذب ، والتي لمسناها في الدورات السابقة ، في دفع الناس لانتخاب هذه الأحزاب كونها تمثل ( الله في أرضه .. حسبما يدعون ؟ ) ، وفتاوى كيدية لخصومهم السياسيين ، بمختلف الوسائل الغير مشروعة ، والتي تهدف إلى حرف خيارات الناس ، واستخدام ماكنتهم الإعلامية الكبيرة !.. التي تم تأسيسها من السحت الحرام ، وبهبات خارجية مفضوحة ومكشوفة !..

وتهيئة رجال دينهم المسيسين من داخل أحزابهم ـ ليلعبوا دورهم التخريبي والمظلل والكاذب ، للتأثير على الرأي العام ، وعدم التورع من طرق كل الأبواب غير المشروعة ، في الدجل والافتراء ، وتسويق ما أصبح يعرف ( الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والحلال والحرام ) ليكونوا بديل عن القانون ، وسيف مسلط على رقاب الناس ، وتشجيع وإحياء القيم والأعراف العشائرية التي تجاوزها مجتمعنا منذ عقود ، وهذا بحد ذاته إلغاء للقانون ، وتهميش لدور الدولة في بسط سيادتها في المجتمع ، والتي من المفترض أن تعمل على سيادة العدل والمساواة بين الناس !

وأضحت هذه الأعراف والتقاليد البالية تتحكم اليوم بمصائر الناس .. وفضها للنزاعات التي تحدث في المجتمع حسب عرفها وتقاليدها المتخلفة ، بدل القانون والسلطة القضائية ؟

ما جدوى المشاركة وإعلام الدولة ومؤسساتها وإمكاناتها تخضع لإرادة قوى الإسلام السياسي الحاكم ،لتسخرها لخدمة أجندتها والتأثير السلبي على سير العملية الانتخابية ونتائجها !..

والإصرار بعناد على تعيين أعضاء ( المفوضية المستقلة ؟! ) من هذه الأحزاب بحجة إن الاستقلال لا يعني .. ولا يشترط !!.. أن يكون عضو المفوضية مستقل سياسيا .. وهذه إحدى ما غردوا به وأحدثها !؟.. وهي معزوفة جديدة تدعو إلى الضحك والازدراء ؟..

ما جدوى الانتخابات في إشراك القوات الأمنية ومؤسساتها المختلفة والكثير من المنتسبين تطوعوا بناء على ترشيحهم من قبل أحزاب الإسلام السياسي الحاكم والمنتمين إليه ، وهي مؤسسة تم تأسيسها على أساس طائفي في أغلب الأحيان ، ولم يتم بنائها على أساس وطني ، وعلى أساس الكفاءة والنزاهة والمهنية ، ومن المفترض أن تكون مستقلة وحيادية ، وتمثل العراق بكل أطيافه ، ولن تكون محسوبة على حزب أو طائفة أو قومية او دين ، مؤسسة وطنية مهنية مستقلة بامتياز وبعيدة عن السياسة والصراع على السلطة .

ما جدوى الانتخابات والميليشيات الطائفية ، المنتشرة في مدن العراق ، والتي تتحكم برقاب الناس وبمصائرهم وبإرادتهم ؟

هذا غيظ من فيض !... من المعوقات والحواجز التي تحول دون قيام انتخابات حرة ونزيهة وشفافة ، وتكون بإشراف دولي ومراقبين من داخل العراق ومن خارجه ، ويتمتعون بمصداقية وحيادية ، وعلى أساس مصداقيتهم ونزاهتهم وحيادهم ، تأهلهم للقيام بهذه المهمة المصيرية الهامة في حياة شعبنا وبناء نظامه السياسي .

من الأمور المعوقة الكثير ، لا مجال تناولها والتوقف عندها ، لقيام انتخابات نزيهة وشفافة وعادلة .

الانتخابات والاستعداد لها وممارستها حق كفله الدستور ، وتعتبر وسيلة ديمقراطية هامة ومفصلية لقيام دولة المواطنة ، الدولة الديمقراطية العلمانية الاتحادية ، ومثلما هو حق لكل مواطن ومواطنة بلغ السن القانوني من الواجب ممارسته وعدم التخلف عن هذا الحق !

كذلك هو واجب كما ذكرنا ، يقع على عاتق كل إنسان غيور ووطني ، يحب وطنه وشعبه ويسعى لإحداث تغيير حقيقي ، ويريد له الخير والنماء والأمان والتعايش بين كل المكونات والأطياف المختلفة .

يجب أن لا تثنينا هذه العقبات والمثالب والحواجز، التي يضعها المتنفذين ، لضمان عودتهم ثانية للسلطة !..

الواجب يحتم علينا المشاركة الفاعلة ، و الإصرار والاستعداد الفعال والنشيط ، في خوض الممارسة الديمقراطية ، وهي عملية هامة ومفصلية في حياة شعبنا ، والتي ستحدد معالم دولتنا ونظامنا السياسي في الفترة القادمة .

من دون ذلك ستستمر الأزمات ويستمر التناحر والصراع على السلطة ، ويستمر الفساد والمحاصصة الطائفية ، التي دفع شعبنا بسببها وما زال أثمان باهظة بالأنفس والأموال ، وبسب سوء إدارة الحاكمين ( للدولة ) وجهلهم وفسادهم وطائفيتهم ، تمكن الإرهاب من تدنيس أرضنا .. وامتهان كرامة الملايين من أبناء وبنات شعبنا ، والملايين الأخرى المشردة !.. شاهد على كل الذي جرى ويجري على الأرض العراقية .

النضال الجماهيري وتشديده وتلاحمه ووضوح أهدافه ورؤاه وسيلة نضالية جماهيرية سلمية ، السبيل لتحقيق الاستقرار والتنمية والأمن والسلام .

والسبيل للضغط بشكل أكبر على القوى الحاكمة ، بانتزاع كل ما من شئنه توفير كل مستلزمات الانتخابات الحرة الديمقراطية الشفافة .

من دون ذلك لن تكون هناك عملية للتغيير الحقيقي ، ولا يمكن إعادة بناء الدولة العادلة الديمقراطية ، وفصل الدين عن السياسة ، خدمة للدين ولترسيخ قيم ومفاهيم وفلسفة الدولة الديمقراطية ، دولة المواطنة وقبول الأخر، دولة تمثل كل العراقيين ، وتصون حريتهم وتحمي حقوقهم ، وتشعرهم بالأمن والأمان ، وتوفر لهم المساواة والعدل والإنصاف ، وتأمين الحياة الرخية السعيدة .

هذا لا يتم إلا بالمشاركة الواسعة في خوض النضال الجماهيري الواسع ، والمشاركة الفاعلة في هذه التظاهرات والمسيرات والاحتجاجات والاعتصامات السلمية في مدن وقصبات العراق ، كوسيلة حقيقية لعملية التغيير الشامل والحقيقي .