المثل الشائع [: الشمس لا تحجب بغربال] كما يحدث في عراق ما بعد احتلاله عام 2003 م، من قبل أمريكا وحلفائها، وتدميرهم للبنية التحتية ولأغلب مؤسسات الدولة.

منذ ما يزيد على عقد ونصف وشعبنا بأغلبيته يجتر الجوع والمعاناة من فقر وفاقة وجهل ومرض وأمية وغياب الأمن وشيوع الجريمة والبطالة وغياب الخدمات والأمن، وعصابات الجريمة المنظمة والسلاح والدعارة والقمار وتجار الجنس البشري وتجار المخدرات، وغياب العدل والقانون والقضاء وغياب الدولة، وغير ذلك الكثير! كما هو معروف بأن الميليشيات الطائفية العنصرية، هي من يتحكم بمصائر الناس وهي من يمتلك ناصية القرار في كل مؤسسات (الدولة) من خلال أذرعها العسكرية والسياسية المتمددة في [الدولة العميقة] والتي ابتلعت (الدولة).

وهذه وغيرها حقائق على الأرض ولا يمكن إنكارها أو التنصل عنها، كما يحاول دائما الإسلام السياسي وأحزابه وميليشياته المهيمنة على كل شيء في عراق اليوم.

بالرغم من كل تلك المعاناة وما دفعه شعبنا من أثمان غالية بالنفس والنفيس، عبر هبات وتظاهرات واحتجاجات واعتصامات عبر سنوات من الكفاح والنضال لإعادة بناء دولة المواطنة وتحقيق العدالة وترسيخ هيبة الدولة والقانون واحترام الحقوق والحريات والأمن والسلام في ربوع الوطن.

وتم تتويج تلك الهبات المتواصلة بثورة عارمة في الأول من تشرين الأول أكتوبر 2019 م وما زالت مستمرة حتى الساعة، وشعبنا والعالم كان شاهدا على تلك الثورة الجبارة وعلى تلك التضحيات الجسام من شهداء وجرحى ومختطفين ومعتقلين ومن تمت تصفيتهم بعمليات جبانة على أيدي القوات الأمنية والميليشيات والعصابات الخارجة عن القانون وبعلم الطبقة السياسية الحاكمة، ومن دون أن تحرك ساكنا وتضع حد لتلك الجرائم المروعة وتقدم الجنات إلى القضاء لينالوا جزائهم العادل.

ولدت حكومة مصطفى الكاظمي على أنقاض حكومة عادل عبد المهدي التي تهاوت نتيجة رفض الشعب وثوار وثائرات تشرين الأبطال وبعد معارك دموية شنتها الطبقة السياسية الحاكمة ضد المتظاهرين.

ولا يخفى على أحد بأن حكومة مصطفى الكاظمي ولدت من رحم الإسلام السياسي الحاكم ومن يسير وراءهم من بعض المكونات، وهي نتاج توافق ومحاصصة بين هذه القوى، وتم التصويت عليها في مجلس النواب نتيجة توافق تلك القوى المتنفذة.

ولا يخفى على أحد كذلك بأن هيمنة وسطوت الإسلام السياسي الشيعي وأحزابه وميليشياتهم تشغل ما يقارب على 90% من مؤسسات الدولة والمؤسسة الأمنية والعسكرية والمخابرات والأمن الداخلي والحشد الشعبي، وبقية الوزارات والمراكز العليا في الدولة والمجتمع، وتحتكر كل تلك الوظائف العليا وصنع القرار وإلغاء الأخر والتعددية.

هناك توجه لإجراء انتخابات (مبكرة!) وهو مطلب جماهيري ملح، ووفق معاير مختلفة عن سابقاتها من الانتخابات التي شابها التزوير الفاضح والمكشوف وباعتراف الكثير من أحزاب وكتل الطبقة الحاكمة، وعلى وجه الخصوص انتخابات 12/5/2018 م ولا نريد هنا لإعادة تبيان حجم التزوير وحرق الصناديق وتزوير الخارج وتدخل المال السياسي المنهوب من قبلهم للتأثير على الناخب وحريته في الاختيار.

واليوم يريدون إعادة نفس النهج وبنفس الأساليب، ومن خلال جيوشهم الإلكترونية والوسائل الإعلامية والقنوات الفضائية التي يملكونها! ولا ندري مصادر تمويلها ومن أين لهم تلك الأموال الباهظة لتمويل تلك الوسائل الإعلامية، ناهيكم عن استخدام المؤسسة الدينية والحوزات والحسينيات والمدارس الدينية ومؤسسات الدولة المختلفة وعلى وجه الخصوص مركز الإعلام والاتصالات والفضائية العراقية التابعة إلى (الدولة!) ويجب أن لا تخضع لأي جهة سياسية أو عسكرية كونها مؤسسة وطنية.

كما بينا بأن إجراء الانتخابات الشفافة العادلة وبحرية وديمقراطية تتيح لكل عراقي وعراقية الفرصة المناسبة لانتخاب من يراه مناسبا وبحرية وبعيد عن كل المؤثرات التي تحول دون هذا الحق الذي كفله الدستور.

فعليه يجب أن يكون هناك قانون انتخابات عادل ومنصف يمثل إرادة العراقيين كافة، وليس كما يريدون فرضه اليوم، من قبل مجلس النواب الذي جاء نتيجة عملية مزورة وغير سليمة.

ويجب أن تكون هناك مفوضية مستقلة بحق وليس كما هي القائمة اليوم التي تم اختيارها من قبل الأحزاب المتنفذة الفاسدة ووفق مبدأ المحاصصة البغيض، ليس فقط هذا وإنما يجب أن يكون الهيكل الهرمي للمفوضية ومن خارج الأحزاب الفاسدة ومن المستقلين النزيهين الوطنيين، وليس كما هم عليه الآن.

يجب إعادة تشريع قانون أحزاب وطني ويمثل إرادة الطيف العراقي وأن يكون ولاء الأحزاب للعراق كشرط من شروط الموافقة على عمله ونشاطه على الساحة العراقية، ويكون تمويله معلوما ولا يتعامل مع الدول الخارجية ووفق الدستور والقانون.

يجب تشريع قانون من أين لك هذا، ليسري على كل العاملين في مؤسسات الدولة والمجتمع بما في ذلك المراكز القيادية للأحزاب والمنظمات الاجتماعية والسياسية.

القيام بحل جميع الميليشيات المسلحة والعصابات الخارجة عن القانون والحشد الشعبي، وإعادة بناء المؤسسة الأمنية والعسكرية على أساس وطني ومهني وإبعادها عن السياسة وتدخل السياسيين في شؤونها وفي بنائها وما للسياسة من تأثير سلبي في عملها وأدائها.

محاربة الفساد والكشف عن الفاسدين وحيتانهم واستعادة تلك الأموال المنهوبة إلى خزينة البلاد وإعادة إعمار وتنمية البلد ورفع الحيف الذي أصاب المواطنين على امتداد سنوات حكمهم البغيض

الكشف عن قتلت المتظاهرين وتقديم المجرمين والمحرضين ومن تسبب في عمليات القتل الإرهابية الجبانة إلى العدالة لينالوا جزائهم العادل، وتعويض ذوي الشهداء والمصابين وإطلاق سراح المعتقلين والمخطوفين ومحاسبة كل من ساهم وأصدر الأوامر بتلك الجرائم والمخالفات ووفق القانون والدستور والمواثيق الدولية النافذة.

هناك محاولات لإعاقة إجراء انتخابات نزيهة وشفافة وديمقراطية وبإشراف دولي والمنظمات الديمقراطية ، ومحاولات إجرائها وفق رؤيتهم وتحت وصايتهم ، والعودة إلى الانتخابات الماضية ، ليتمكنوا من البقاء في مواقعهم وفي هيمنتهم ، وسيعملون جهدهم للبقاء على رأس السلطة وبأي ثمن ومهما كلفهم ذلك من ثمن ، وعلى شعبنا وقواه الديمقراطية والوطنية أن يدركوا هذه الحقيقة وأن لا ينخدعوا جراء تظليلهم وكذبهم المكشوف وألاعيبهم البهلوانية ، ويجب فضح كل تلك الأساليب وتوعية الملايين بفساد هؤلاء وجهلهم في إدارة شؤون البلاد وما ارتكبوه من جرائم ، وعدم التعويل عليهم أبدا وتحت أي ذريعة [ لا يصلح العطار ما أفسد الدهر ! ] .

الكاظمي وحكومته ومنذ أن جاء قبل ما يقرب على أربعة أشهر، لم يقدم لشعبنا أي إجراء يدلل على أنه يسير نحو التغيير ومن أجل إعادة بناء دولة المواطنة، ولن يُقَوِمُ ما انثلم أو انكسر أو لم يصب في مصلحة شعبنا وكادحيه!...

السلاح المنفلت كما هو، وما يجري في البصرة وميسان وغيرها لم يتعرض إلى سلاح الميليشيات وأحزاب السلطة.

ولم يمس الفاسدين والمكاتب الاقتصادية للأحزاب، وما زال حيتان الفساد هم أسياد العملية السياسية ولا يخشون أحد بل (الدولة!) هي من تخشاهم وتتقي شرورهم.

لم يقم السيد الكاظمي بأي إجراء حقيقي بإعادة بناء الهيئات المستقلة وتعيين مستقلين حقيقيين ووطنيين مهنيين، بديلا عن التابعين الحاليين إلى الأحزاب الحاكمة الفاسدة، وهل هو جاد فعلا بإعادة بناء دولة؟ أنا في شك من ذلك بل متيقن! الواقع هو من يقول ذلك.

اليوم قام السيد الكاظمي بإجراء تغيرات [واسعة!] في مواقع اقتصادية وأمنية وعلى طريقة (جيب خرمه! نبدله بتمر!! هيهه)!

لم يأت بأي من هؤلاء (المستقلون الأكفاء!) حسب ما غرد به والناطقون باسمه!

ربما سائل يسأل السيد الكاظمي؟

هل أمهات العراق عقرت أرحامهم؟ ولم يلدن غير الفاسدين من قوى الإسلام السياسي وهواة السياسة والجهلة والدجالين والمظللين الكاذبين؟

ألم يكن في العراق وطنيون مخلصون أكفاء؟

ألم يكن فيهم علمانيون ويساريون واشتراكيون مخلصون صادقون ووطنيون حتى النخاع!

لماذا غابوا أو غيبوا عن الكابينة الوزارية وعن المناصب العليا والحساسة في (الدولة!) بل وحتى في المناصب الدنيا في مؤسسات الإسلام السياسي الوطني النزيه!!؟؟

هذه أسئلة وغيرها الكثير تحتاج من سيادتكم ومن القوى المتنفذة الإجابة عليها، هذه القوى [الرشيدة والديمقراطية للكشر !!].

مسك الختام نقول للنظام السياسي الفاسد الذي يحكم العراق من عام 2006 م وحتى الساعة، بأن طريقكم وخياراتكم التي دمرت العراق وشعبه، ولم تنتج غير الموت والخراب والكراهية والطائفية وتدمير القيم النبيلة والأخلاق الرفيعة، وإصراركم على نفس الطريق، فسوف لن تحصدوا غير الخيبة والخذلان والهزيمة المنكرة والمصير الأسود، وقد جرب هذا الطريق من سبقكم وتعلمون ما أل إليه مصيرهم، وذهبوا غير مأسوف عليهم إلى مزبلة التأريخ وتلاحقهم لعنة الشعب.