جرائم الاختطاف والاغتيال ليست وليدة اليوم ولا حديثة العهد فحسب بل هي امتداد تاريخي يمتد الى حقب بعيدة وتطور هذا النوع من الجرائم عبر سلسة من العهود السياسية الحديثة فاختلف التوجه والهدف والشكل حسب نوعية المصالح التي وجدت في التصفيات الجسدية والفكرية طريق لتثبيت السلطة والهيمنة ومورس هذا النوع ولو بشكل غير واسع ابان الحكم الملكي وما تلته من أنظمة سياسية بعد سقوطه الا انه تطور بشكل ملحوظ ومورس بشكل اخر لكنه بقى من حيث الجوهر يكمل تلك السلسلة من الجرائم السياسية والانسانية ثم اصبح مخططاً تكتمل به اهداف السلطة بعد انقلاب شباط 1963 ، وازداد تميزاً بعد الانقلاب الثاني 17 / تموز / 1968 الذي قاده حزب البعث العراقي بالتحالف مع النايف والداود ومن خلفهم الولايات المتحدة الامريكية والبريطانية ولا داعي لذكر الاسماء التي اختطفت او اغتيل أصحابها ولا باس ان نذكر بداية من ناصر الحاني وحردان التكريتي ومحاولة اغتيال مصطفى البرزاني ثم ثلة من كوادر الحزب الشيوعي العراقي " عضو اللجنة المركزية ستار خضير ومحمود شاكر والخضري وغيرهم" واستمرت هذه السلسلة من الجرائم السياسية طوال 35 عاماً من سلطة صدام حسين وبعد احتلال العراق وسقوط النظام تنوعت العمليات الاجرامية وبعد ان كانت الأجهزة الأمنية لسلطة النظام تقوم بها انتقلت الى مجموعات كانت او نشأت بعد السقوط فضلاً عن المنظمات الإرهابية (القاعدة والمنظمات التي شكلت من بقايا نظام البعث ثم داعش)، وتوجتها الاحزاب والميليشيات الطائفية الشيعية المسلحة بمخططات للخطف والاغتيال والاعتقال في معتقلات وسجون سرية حيث تستعمل ضد المعتقلين اقسى أنواع التعذيب. ولم تقتصر على حالة واحدة او اثنتين فحسب فهناك العشرات من المعتقلين وقسماً منهم مازالوا مفقودين وعشرات المختفيين المخطوفين قبل واثناء انتفاضة تشرين وعند السؤال عن مصيرهم تتنصل القوات الأمنية الجيش والشرطة الاتحادية وغيرهما والحكومة من معرفتهم بأوامر الاعتقال ويعلن عدم درايتهم بموضوع الاعتقال وهنا يطرح سؤال طبيعي
ــــ اية دولة واي قوى امنية؟ مسؤولة عن أمان وسلامة المواطن لا تعرف ولا تعلم حسب (ادعاءاتهم) بمصير عشرات المختفيين والمختطفين والمعتقلين في اقبية سرية ليس لهم من يحميهم وهم عرضة للتعذيب الوحشي وقد يكون ذلك لحد اغتيالهم ثم التنصل عن وجودهم
ـــــ الى متى تستمر هذه الحالة المزرية الوحشية بعد مرور حوالي أكثر من 17 عاما على اسقاط النظام السابق الذي اتهم من قبل هؤلاء الجلادين المجرمين انه ظالم ووحشي واتهامات أخرى بينما قام هؤلاء الجدد باستخدام اساليبه لا بل الأكثر قساوة وبربرية لا بل تفننوا في استخدام التعذيب والإرهاب والقتل والتغييب، بينما تقوم هذه التنظيمات والميليشيات والمافيا الطائفية المسلحة بالسيطرة على مساحات واسعة في المدن والارياف لتأخذ الاتوات وتجمع المال بطرق فئوية وتسلب المواطن رزقه ورزق عائلته وتسيطر على أراضي الدولة وحتى المواطنين "وجرف الصخر" وغيره مثالاً حيث يقال بشكل علني (تسيطر عليه كتائب حزب الله والعصائب والنجباء وغيرهم)" ، حتى تيار الحكمة الذي يتزعمه عمار الحكيم المتحالف معهم قالها بالقلم العريض يوم الثلاثاء 11 / 8 / 2020 وطالب رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي " بالتدخل الفوري في انقاذ أراضي مملوكة للدولة تسيطر عليها (مافيات مسلحة في العاصمة بغداد)" هذا في بغداد وامام انظار الحكومة والمؤسسات الأمنية المنتشرة؟ فكيف هي الحال في مناطق ومحافظات أخرى؟ الا يحق لنا ان نطلق عليها" فرهود تحت طائلة احكام شريعتهم انها غير مملوكة ومن حقهم اخذها وهو حلال على طريقة الذبح الإسلامي المكتوب لحم حلال «، حتى ان المتحدث باسم الحكمة على الحميداوي " علي وياك علي!" قال يشكو سوء الخدمات بما هو أسوأ في بيان الثلاثاء 11 / 8 / 2020 وبصريح العبارة " إن "بغداد تعيش مأساة خدمية كارثية من انتشار للنفايات وانقطاع مستمر للمياه ... الخ" وطالب الحميداوي رئيس الوزراء "بالتدخل العاجل والفوري وانقاذ ما تبقى من اراضي في مناطق الكرخ والرصافة وفتح تحقيق فوري وعاجل بالأمر واطلاع الرأي العام بذلك بأسرع وقت" هذه هي حالة الأوضاع ليس في العاصمة بغداد فحسب بل في جميع محافظات العراق ما عدا إقليم كردستان.
ـــــ هل العراق دولة ام ميليشيات مسلحة تتقاسم أراضيه ومدنه وهي مدعومة من إيران وغيرها وتملك السلاح الهائل والمتنوع بما فيها الدروع المعروف مصادرها كما هو "سلاح حزب الله اللبناني"
ــــ كيف سيكون حال الأوضاع وحالة أمن وسلام المواطنين إذا انتزع سلاحهم ورفضوا هل ستكون الحرب الاهلية ليحترق الأخضر باليابس؟
ــــ كيف ترضى الحكومة ومصطفى الكاظمي القائد العام للقوات المسلحة على أنفسهم باعتبارهم قادة للحكومة والدولة بهذه الحالة التي يُقسم العراق حسب المصالح من قبل ميليشيات مسلحة خارجة على القانون؟
ـــ وماذا عن موقف دول العالم ودول المنطقة وبالعموم المجتمع الدولي من نظام سياسي تهيمن عليه الميليشيات والمافيا الطائفية المسلحة التي لا تلتزم بالقوانين والأعراف الدولية وتنتهج سياسة العنف والفوضى وإطلاق الصواريخ والكاتيوشا على المناطق الآهلة بالسكان او الدوائر الحكومية والسفارات الأجنبية وتقوم بخطف الأجانب كما هو حال المختطفة الالمانية افي العراق "هيلا ميفيس " من قبل حسبما نشر" كتائب سيد الشهداء " هذا مثال واحد لأمثلة عديدة حدثت في السابق ومـازالت تحدث في كل ساعة وكل يوم.
ــــــ امام الحكومة الحالية ورئيس الوزراء مصطفى الكاظمي اختيارات أهمها أولاً: اما ان تكون حكومة قوية تنهي ملفات المافيا والميليشيات الطائفية بكل أنواعها وتمنع انتشار السلاح وملفات الفساد والملفات الأخرى المعروفة وان تكون دولة للقانون واحترام حقوق الانسان عند ذلك سوف يقف معها كل المخلصين واكثرية الشعب، ثانيا: حكومة ضعيفة تتلاعب بها الميليشيات المسلحة وترتهن للتدخلات الخارجية ولا تستطيع ان تحمي شعبها ووطنها، فإذن على العراق السلام.
ثالثاً: ان تقوم بمحاسبة الجهات مهما كان موقعها التي تعيث بالبلاد فساداً واستهتاراً والتي تقف ضد أي تطور أو اصلاح أوتغيير لمصلحة الشعب، ونحن مع تأكيد تصريح المكتب السياسي للحزب الشيوعي حول القتل والقمع بخصوص المنتفضين او غيرهم "ان على الحكومة، وهي تتحمل المسؤولية السياسية عما حصل، ان تفتح تحقيقا واسعا وعلنيا شفافا بذلك، وان تشرك جهات حقوقية ومدنية فيه، وتنزل اشد العقوبات بمن أصدر أوامر وقام بهذا الفعل الشنيع وارتكب هذه الجريمة المستنكرة"، نعم انها جرائم كثيرة ارتكبت بحق المواطنين ونالت الانتفاضة الأمرين من جرائم الخطف والاغتيال والاعتقال والاعتداءات والبطش والتعذيب واهانة كرامة المواطن ، انه الإنذار الحقيقي ، انه ناقوس الخطر الذي يرتفع صوته عالياً في هذه الظروف الحاسمة والبلاد على حافة الهاوية، وهو يذكر مئات المرات : العراق في خطر والانقسام قادم لا ريب فيه، والشقة سوف تكون أوسع واعمق لا يمكن ردمها اذا لم تتظافر الجهود الخيرة للخلاص من هذا التشرذم والشقاق والنفاق والميليشيات المسلحة التي تتحكم فيها اجندة خارجية معروفة. وان " غداً لناظره قريب ".