لم تغب عن ذهن لينين ولا للحظة واحدة، قضية “ جريدة الحزب”   التي يمكن أن تكون وسيلة مهمة أخرى من وسائل الصلة بالجماهير، تعمل على تربيتها سياسيا في ظروف الحكم الرجعي الشاقة، وتبصيرها بحقوقها ودورها في التحضير للثورة، وفي تدعيم صلات قيادة الحزب مع المنظمات الحزبية، وفي نشر الافكار الثورية، وفضح سياسات السلطة القيصرية المستبدة في قمعها الجماهير المطالبة بحقوقها المشروعة.

كانت التجربة الأولى مع إصدار جريدة (ايسكرا “الشرارة”) في كانون الأول من عام 1900 ومن مكتب تحريرها في مدينة ميونيخ الألمانية، حيث كان لينين في بداية هجرته إلى الخارج. وبعد توقف الآيسكرا وتعثر إعادة اصدارها بادر عمال بطرسبورغ بتأييد من لينين، إلى اصدار جريدة (البرافدا “الحقيقة”) في ربيع عام 1912. فصدر العدد الأول منها في 22 نيسان من نفس العام.

وجدير بالذكر أيضا، إصدار الحزب البلشفي جريدته المركزية (سوسيال-ديموقراط “الاشتراكي الديموقراطي”) عام 1913 التي لم يدم اصدارها طويلا، فعاودت البرافدا

 الصدور بعدها.

رسمت الصحافة البلشفية الخط الثوري، واوجدت التقاليد الثورية الرائعة: الإخلاص للحزب والثورة، الروح المبدئية العالية، عدم التهاون مع التقلبات الفكرية، القرب من الجماهير، حتى أصبحت تلك الصحافة نموذجا لكل الصحافة الطليعية الشيوعية الثورية في العالم.

لم يكن إصدار تلك الصحف والعمل فيها، ونشرها بالأمر الهين، فهناك مراقبة ومطاردة النظام القيصري للينين والعاملين معه، فضلا عن تعاون البورجوازية والرجعية في دول أوربية أخرى مع القياصرة لمنع انتشار الجريدة.

بعد الأحداث الثورية في روسيا، وبالذات بعد ثورة شباط 1917 عادت جريدة البرافدا للصدور مرة أخرى، فظهر العدد الأول في 5 آذار 1917 وكان لينين قد ترأس آنذاك لجنة الحزب المركزية وهيئة تحرير البرافدا ومسؤول منظمة البلاشفة في بتروغراد.

كثيرا ما كانت تظهر مقالات لينين في جريدة البرافدا وهو يفضح سياسة الحكومة المؤقتة المعادية للثورة، وانتهازية المنشفيك.  وكان يؤكد للعمال والجنود، بأن انتقال كل السلطة إلى السوفيتات هو وحده الذي يستطيع أن يخرج روسيا من الطريق الذي أوصلتها اليه سيطرة البرجوازية. هذا ما أغاظ السلطة البرجوازية التي اوعزت إلى طلاب المدرسة الحربية (اليونكر) إلى تحطيم مقر هيئة تحرير البرافدا في ليلة 5تموز 1917.

حقيقة، أن الجهود التي بذلها لينين وحزب البلاشفة ككل في إصدار صحافته لم تذهب سدى، فكانت ثورة اكتوبر 1917 هي واحدة من ثمار تلك الجهود العظيمة.

عرض مقالات: