أستبشر بحذر شديد عدد غير قليل من العراقيين  بوصول السيد مصطفى الكاظمي إلى رئاسة الوزراء، بعد مخاض عسير كان من ابرز معالمه انتفاضة اكتوبر الباسلة التي ارعبت القوى الطائفية الماسكة بالسلطة ، والتي  قدمت كوكبة من الشهداء البواسل من بنات وأبناء العراق الغيارى، إلى جانب اعداد كبيرة من الجرحى والمعاقين . هؤلاء الفتية الذين  تطلعوا إلى بناء  بلد خال من المحاصصة والطائفية البغيضة والفساد، بلد لا وجود فيه لعصابات الجريمة المنظمة والميليشيات المنفلتة، ارادوا دولة المواطنة الحقة دولة المؤسسات دولة العدالة الاجتماعية.

وساد جو من التفاؤل الحذر اوساطا واسعة من أبناء شعبنا، حين تم الإفصاح عن  البرنامج الحكومي الذي أعلنه رئيس الحكومة  عشية توليه منصبه الجديد، مع علم الجميع ان السيد الكاظمي وأن صدقت نوياه إلا أنه وللأسف جاء وحكومته من رحم ذات المؤسسات التشريعية  المتنفذة في البلد منذ سقوط الصنم عام 2003، وهي ذاتها المسؤولة  عن حجم الدمار الذي حل بالبلاد والعباد نتيجة الفساد المستشري والمدعوم من جميع الكتل والأحزاب الماسكة بالسلطة.

أن الأوضاع المأساوية التي  يعاني منها ابناء شعبنا،  لا يمكن معالجتها بالنوايا الحسنة ولا بالكلمات المعسولة ولا بالوعود ولا بالاستعراضات الإعلامية، انما تتطلب مواقف جريئة وشجاعة للقضاء على الفساد وإنزال القصاص العادل بالمجرمين الذين اجرموا بحق ابناء انتفاضة اكتوبر المجيدة، واعتبارهم شهداء الحرية والعدالة الاجتماعية، وأنصاف كل من تعرض للأذى منهم  على ايادي حكومة القناصين، ومحاكمة رؤوس الفساد بغض النظر عن المواقع التي يشغلونها، وهنا هو الاختبار الحقيقي، ويحق لنا كمواطنين ان لا نولي الثقة لكائن من كان ما دام لم يثبت انهُ قادر على تحقيق ما وعد به، وهذا هو اضعف الأيمان.  إذاً  نبقى نردد مثلنا العراقي القائل " أبد لا تگول سمسم إلا تلهم "، ولو قُدر لرئيس الحكومة وفريقه تحقيق المطالب المشروعة التي نادى بها ابطال انتفاضة أكتوبر،  حينها سيجد من يقف الى جانبه  ويدعمه  في مواجه حيتان الفساد  من الطائفيين الذين تسببوا في خراب البلد طيلة السنوات الماضية.

وبعكس ذلك  فأن صبر ابناء شعبنا العراقي الأبي  قد لا يطول كثيراً خصوصاً ونحنُ نرى أن مسلسل الخطف والاغتيالات وملاحقة المنتفضين والناشطين المدنيين  لازال مستمراً، وكأننا على ابواب سيناريو جديد للقمع وتكميم الأفواه، والذي سيفضي  بالضرورة بأصحابه الى اسوأ من مصير من سبقوهم.

 

عرض مقالات: