و من جهة اخرى . . تتحدث وكالات انباء متعددة دولية و اقليمية بانه، من المتوقع ان ينقطع الدعم الايراني للميليشيات الولائية، بسبب الضائقة المالية التي تعيشها ايران و تصاعد التذمر الشعبي فيها، و بسبب تأثير احتمالات تعثّر و انقطاع اموال الفساد في دوائر الدولة العراقية عن وكلائها و مكاتبهم الاقتصادية لأنها صارت تحت مراقبة اقوى، بسبب انتفاضة تشرين على واقع الحياة المزري، التي ادّت الى استقالة رئيس وزراء و مجئ رئيس جديد وعد بمكافحة الفساد و بدأ باجراء تنقلات أمنية، اضافة الى انفضاح الفساد الهائل في المنافذ الحدودية و بدء السيطرة عليها حكومياً في محافظة ديالى . .
ليصل محللون الى ان ايران قد تذهب الى اجراء تنازلات في تحدياتها في محاولة الى تسويات تشمل تخليّها عن ميليشيات عراقية عائدة لها، لإبعاد الصراع الأميركي ـ الايراني عن خطر اشتعال الصدام بينهما عسكرياً مهما كان شكله، في ظروف تتوالى فيها انباء اكّدها مصدر اعلامي ايراني عن وقوع انفجارات و حرائق كبرى في اماكن حساسة داخل ايران تسببت بخسائر مالية كبيرة لها. و في ظروف اعلنت فيها قيادة حزب الله اللبناني عن دعمها للجهود الرامية الى الحصول على المساعدات الاميركية لحل الازمة التي تعيشها لبنان الآن، كما تناقلت صحف و وسائل اعلام دولية و اقليمية، مذكّرة باتفاقية حزب الله اللبناني مع اسرائيل عام 1996، بالتخلي عن استخدام العنف و اعتماد الطرق السلمية لحل الخلافات بينهما!
و يرى مراقبون بأن عودة اندلاع التظاهرات المطلبية في محافظات الجنوب بسبب الفقر و البطالة و مأساة كورونا و الاجراءات الوقائية غير المنظّمة بعد الفشل في صدّ الوباء بداية، بسبب عدم غلق الحدود الشرقية كما مرّ و غيرها، التي اوصلت اكثر من 35% من نفوس البلاد الى مستوى مادون الفقر وفق احصاءات دولية يُعتمد على صدقيتها . . التظاهرات التي اذكاها الصيف الحارق و انقطاع الكهرباء و الماء الصالح للاستهلاك البشري، و يرون بانها قد تتطور الى مستويات اعلى نوعاً و كمّاً مما بدأت به في بدء تظاهرات انتفاضة تشرين البطولية 2019 رغم اجراءات كورونا، بسبب الجوع و العطش و الحر القاتل . . يصفه قسم بانه قد يكون انفجاراً شعبياً يصعب تقديره او السيطرة عليه، في ظروف لم تعد للحياة معنى فيها و ظروف لم يعد للخوف مكاناً فيها . .
وما يزيد الأمور حدّة و تعقيداً، هو اصرار الميليشيات الولائية على مواقفها المتشددة من حصر السلاح بيد الدولة الذي قد يعيق الدولة عن البدء بمكافحة حيتان الفساد الكبار بالطرق السلمية رغم الشعارات المنافقة لتلك الميليشيات، و بسبب اصرارها على صراع الدولة و اللادولة، في الظروف القاهرة التي تعيشها البلاد التي تتطلب بالحاح وجود دولة واضحة و بكيان و حدود ثابتة و قانون نافذ، في زمن لم يعد فيه اخفاء حقيقة مايدور امام دول العالم ممكناً . . دولة قانونية، لتحصل على دعم دول العالم في مواجهة الكارثة الصحية و المالية، و لكي تضمن تنفيذ ما يتم الاتفاق عليه دولياً، و لكي تحدّ من تسرّب العملات الصعبة الى ايادي تشكّل خطراً على امن المنطقة و العالم (تابع التقارير المالية للاتحاد الاوربي و لوزارات الخزانة الاميركية و البريطانية للاشهر الجارية) . .
حتى وصل الأمر بالمفوضية الاوروبية الى، وضع العراق باقليمه على اللائحة السوداء للدول التي تمارس اللاقانون و غسيل الاموال و تزوير الوثائق و اقامات الارهابيين و تمويلهم، الذي سيؤدي بالبلاد الى وقف الاستثمارات فيها، و ان يشيح المستثمرون عنها اكثر، خوفاً على اموالهم، و يؤدي بالبلاد الى الحضيض بسمعتها و آفاقها و مدى الثقة بصدقية طلباتها للنجدة و الثقة بعقودها و على رأسها القروض و المساعدات المُلحّة الآن للاجراءات الصحية (بضمنها التعويضات) و الكهرباء و رواتب الموظفين و المتقاعدين و المعونات الاجتماعية و الحصة التموينية . .
و تطالب الجماهير السيد الكاظمي بالتحلي بجرأة اكبر لتقديم عدد من قتلة المتظاهرين الى العدالة، و تقديم عدد من حيتان الفساد للقضاء، و اسنادها العملي العاجل في مشكلة الكهرباء الأكثر التهاباً . . لكسب ثقة اوسع الاوساط الشعبية و المهنية، و لكسب تكاتف جهود الجميع للوقوف معاً في ظرف تُرك فيه العراق الثريّ الكبير لوحده عاجزاً، في اقوى ازمة يمرّ بها كدولة و ككيان باطيافه، و لرفع نداء الروح الوطنية الحيّة عالياً . .
من جهة اخرى، و في وقت خففت فيه اعادة الحكومة منفذ مندلي لسلطتها (و مُنتظر استكمالها باعادة هيكلة الجهاز الضريبي و الرسوم و اتمتة المنافذ)، خففت من القلق الواسع على الواقع الجاري، و شكّلت بداية مقبولة على الاقل، بعد الإحباط بسبب اشكاليات و تأخّر رواتب المتقاعدين، و حادثة الدورة . .
فإن اوساط خبيرة تحذّر من لجوء الميليشيات حامية الفساد، الى العنف بالسلاح المنفلت الذي شكّل اغتيال الخبير الأمني الوطني الشهيد هشام الهاشمي به، ببرود و بتلك الصورة العلنية لإثارة الخوف في اوساط الرأي العام، اشارة بأن الاوساط الإسلاموية الحاكمة مهما كانت الوانها و اجيريها تستعد لإعادة فتح مسلسل الإغتيالات من جديد، بحق الكلمة الحق و بحق الناشطين العزّل، لتهديد الحكومة و لمواجهة الجماهير بالعنف، و تتوقع انفجار السخط الشعبي الذي قد يصعب تنظيمه و السيطرة عليه، ان لم تبدأ اجراءات عاجلة حياتية تطالب بها مراراً سلميّاً كما مرًّ، انفجاراً اكبر من السابق بدأت معالمه تظهر في مدن الجنوب، بفرض الجماهير ارادتها بعزل اداريين و مسؤولي الكهرباء و الماء، و توليّ قسم منهم تشغيل آليات تلك المرافق وفق ما يمكن الحصول عليه.
في ظروف تبدو فيها و كأن ايران تسحب يدها من الميليشيات الولائية و لو آنيّاً لضيقها المالي و العسكري، رغم تأكيدات السفير الإيراني على انهم باقون مادام الاميركان متواجدون، و تبدو فيها ان تلك الميليشيات تمر بظرف صعب عليها، لإيجاد قائد يقودها مكان ابو مهدي المهندس و غياب الجنرال سليماني، و تحاول احداها فرض قيادتها على جميعها بدعم جهات ايرانية و لبنانية . .
و ان ادارة ترامب و هي على اعتاب انتخابات جديدة في اكتوبر القادم، تحاول ان لاتتخذ خطوات متسرعة و عسكرية، و تنتظر نتائج محادثات مبعوثيها مع الحكومة الإيرانية لتخفيف حدة التوتر، و تنتظر ايضاً نتائج مفاوضاتها غير المعلن عنها الجارية مع الميليشيات الولائية (وفق صحف و وكالات انباء و مواقع عالمية و تصريحات برلمانيين على الفضائيات).
وسط كل تلك العوامل، يرون بأنها تشكّل فرصة للسيد الكاظمي للبدء الفوري عملياً باجراء اصلاحات و تغييرات اكبر، على هدي المطالب الملحة للمتظاهرين في وقت الصراع المحتدم مع وباء كورونا، و سيجد ان الجماهير باختلاف طيفها ستكون معه و رهن اشارته، فلا طريق الا طريق التغيير الحقيقي و فرض الدولة بانها الوحيدة التي تحصر السلاح، و ليس السلاح المنفلت هو الذي يحصرها !! (انتهى)