تمر هذه الأيام الذكرى الخالدة لأنتفاضة معسكر الرشيد في الثالث من تموز 1963، والتي خطط لها ونفذها وقادها الشهيد البطل نائب العريف حسن سريع، ومجموعة من رفاقه العسكريين والمدنيين ضد قادة انقلاب شباط  الأسود الفاشي.

ولد الشهيد حسن سريع  ( الأسم الصحيح له: حسن سلمان محسن الزيرجاوي، ولقب بـ ( حسن سريع) لأمتلاكه قدرة كبيرة على المشي السريع). في مدينة السماوة عام 1937، في عائلة فلاحية وترعرع في كوخ من القصب. أبعد ابوه وكل العائلة ( بقرار اقطاعي) الى مدينة  شثاثة ( عين التمر) في كربلاء، أكمل دراسته الأبتدائية، وبسبب ظروف عائلته الأقتصادية انتسب الى الجيش العراقي متطوعا في مدرسة قطع المعادن في معسكر الرشيد ببغداد، وصار نائب عريف ومعلما بنفس المدرسة، والتحق بأحدى المدارس المسائية لإكمال دراسته واقام في حي الشاكرية.

مدبر ومنفذ وقائد انتفاضة معسكر الرشيد في 3 تموز 1963. قام بتهيئة مكان إختباء المنفذين في وحدته، ثم أعتقل ضابط خفر المعسكر وقام بتوزيع السلاح على المنتفضين. أبت روحه النضالية وشرفه العسكري ان يخضعا لسيطرة القتلة انقلابي 8 شباط، فأعد وبالتعاون مع عدد من رفاقه خطة انتفاضة المعسكر. قبل مغادرته الأجتماع الأخير في الساعة الثانية عشرة والنصف ( ليلة تنفيذ الأنتفاضة)، في ذلك الكوخ الصغير في منطقة ( كمب ساره) الذي أحتضنه ورفاقه الثوار، أقسم الشهيد حسن سريع ( نقسم بتربة هذا الوطن ان نحرره من رجس المجرمين). قال عنه الفقيد نعيم الزهيري الذي شاركه زنزانته: كان حسن ذا شخصية فذة ، الكل يحترمه في وحدته العسكرية ويستمع اليه بتقدير حتى المراتب الذين هم أعلى منه رتبة، وقد تميز بقدرة فائقة على الحوار والإقناع،  بعد اعتقاله وفي زنزانته تميز حسن سريع بضبط الأعصاب والهدوء، ولم يفقد ثقته بشعبه وحزبه. وكان يذود عن رفاقه امام المحكمة الصورية بقوله: أنا المسؤول الأول عن الحركة، وأتحمل  كافة عواقبها ، وقد أرغمت الآخرين على حمل السلاح، انهم أبرياء. في المحكمة العسكرية سأله رئيس المحكمة شاكر مدحت السعود: لماذا قمتم بهذه الحركة؟ أجاب البطل حسن: ردا على ظلمكم وثأرا لشهدائنا في انقلاب 8 شباط.

وسأله هل تريد أن تصبح رئيس للجمهورية وانت النائب عريف ؟ اجابه: ما اردت ان أكون رئيسا للجمهورية أو ضابطا كبيرا في الجيش انما أردت ان أسقط حكومتكم !! ما اردت شيئا لنفسي. ما اردت غير تخليص العراق من زمرتكم، كنت اريد اطلاق سراح الضباط المعتقلين ظلما وأسلمهم المسؤولية، وسأله رئيس المحكمة أيضا: شلون شديتوا النجمات ، شلون بكيفكم ؟ فأجابه حسن: كيف صار عبدالسلام عارف من عقيد الى مشير برمشة عين، ونحن شديناها مؤقته، فسأله السعود وماذا كنتم ستفعلون؟ أجاب حسن: نسلمها للحزب . وماذا بشأن الذين اعتقلتموهم؟ فأجاب: كنا سنحاكمهم. وقف برباطة جأش وشموخ شيوعي وهو يستمع الى حكم الأعدام الصادر بحقه من المحكمة العسكرية الصورية، وتم تنفيذ الحكم فيه في 31 تموز 1963، وعند تنفيذ الحكم به ترنم بصوت مسموع:

السجن لي مرتبة والقيد لي خلخال    والمشنقة يا شعب مرجوحة الأبطال

واستشهد إبنا بارا لحزبه وشعبه العراقي. ترك وراءه زوجته وطفلة عمرها ستة أشهر.

المجد والخلود للبطل حسن سريع ورفاقه وستبقى انتفاضة معسكر الرشيد عنوانا وفنارا تنير الطريق للثائرين من اجل وطن حر وشعب سعيد.

عرض مقالات: