لا نبالغ إذا قلنا أن شريحة المتقاعدين في العراق، لم تحظ بأي اهتمام او رعاية من قبل الحكومات السابقة، ولا حتى من الحكومة الحالية، سوى ما يصدر بحقها، بين فترة وأخرى من قرارات مجحفة تؤدي إلى تفاقم سوء أوضاعها المعيشية، في بلد وصلت ميزانيته المالية السنوية إلى الذروة، وعادلت ميزانيات دول مجتمعة!

هذه الشريحة التي قدمت زهرة شبابها في خدمة بلدها، لم تجن من الحكومات المتعاقبة وممثلي الكتل السياسية سوى الوعود. إذ استغلت كثيرا خلال الحملات الانتخابية، من قبل سياسيين قطعوا لها وعودا كاذبة بانتشالها من واقعها المرير، والعمل على إصدار القوانين المنصفة بحقها.

من حق المتقاعدين أن يتمتعوا بخيرات بلدهم وثرواته، ويحصلوا على لقمة عيش كريمة، وأن تكون لهم امتيازات تفوق ما تتمتع به اليوم الكتل السياسية الحاكمة،  التي فشلت على مدى 17 عاما، في تحقيق الأمن والاستقرار والعيش الكريم للمواطن، وفي الحفاظ على ثروات البلد من الفساد وأيدي سارقي المال العام.

اليوم تفاجأ المتقاعدون عند تسلمهم راتبهم لشهر حزيران الجاري ( تأخر صرفه مدة 10 أيام)، باستقطاع نسبة 10 في المائة منه، من دون إشعار مسبق، ما مثل تجاوزا سافرا بحق شريحة جل أفرادها من كبار السن والمرضى، الذين يعتمدون في معيشتهم بشكل رئيس على ما يتقاضونه من راتب تقاعدي شهري.

ومعلوم أن الرواتب التي تصرف للمتقاعدين، ليست منّة أو صدقة من أحد، بل انها استحقاقهم ومشرعة بموجب قانون خاص ومثبت في الدستور العراقي.

الطامة الكبرى أن جهات حكومية عدة، بالإضافة إلى هيئة التقاعد الوطنية، كانت قد صرحت (وهذه إبرة تخدير!) بعدم وجود أي استقطاع في رواتب المتقاعدين، ثم اختفت عن الأنظار ولم تدل بأي تصريح بخصوص قرار الاستقطاع الأخير.

ومعلوم أيضا أن رواتب المتقاعدين، حسابيا غير خاضعة للضريبة، كونها مستقطعة أصلا من مبالغ كانت خاضعة لضريبة الدخل السابقة. فالفقرة 6 في المادة 7 من قانون ضريبة الدخل رقم 113 لسنة 1982، نصت على اعفاء مدخولات المتقاعدين او عيالهم  (الخلف) الناجمة عن الراتب التقاعدي من هذه الضريبة.

واخيرا، في ظل الظروف الاقتصادية والمعيشية الصعبة التي يمر بها المواطن اليوم، يناشد المتقاعدون، الحكومة إلغاء قرار الاستقطاع "الجائر والمجحف"، الذي اعتبروه مثابة "رصاصة رحمة" في صدورهم، بعد أن ذاقوا من المعاناة ما ذاقوا!

ويرى المتقاعدون انه كان من المفترض ان تتم مناقشة هذا القرار في جلسة علنية لمجلس النواب، والتصويت عليه سواء بالموافقة أم الرفض، كونه يمس شريحة واسعة من شرائح المجتمع العراقي التي تضررت كثيرا جراء الأزمات المتتابعة، والتي غالبية أفرادها يعيشون دون مستوى خط الفقر.

عرض مقالات: