اقدمت الحكومة المستقيلة على واحدة من اكثر الخطوات خطورة وامعانا في تعميق الازمة الاقتصادية والاجتماعية في نفس الوقت الذي يواجه شعبنا مثل جائحة كورونا وما تسمى بـ (coved-19) فقد اصدرت قرارها رقم 97 في الخامس من ايار / 2020 الذي لا يمكن تفسيره في هذا الوقت المازوم الا بزرع الالغام امام الحكومة المؤقتة واعاقتها في معالجة حزمة المشاكل التي اورثتها لها.
لقد كان هذا القرار الذي أحدث ضجة كبيرة في اوساط الموظفين والمتقاعدين ومستفيدي الرعاية الاجتماعية وعوائلهم فضلا عن تناقضه مع مقترحات أعدها فريق الموازنة السنوية التي تضمنت من بين امور عديدة وضع سلم بأعلى راتب في الدولة لا يتعدى 5 ملايين دينار واعلى تقاعد لا يتعدى 4 ملايين دينار كما تضمنت استقطاع نسبة 75 في المائة من المخصصات للدرجات الخاصة والعليا واستقطاع يصل الى 50 في المائة من مخصصات الموظفين نزولا من الاعلى الى الاسفل مع ايقاف تسديد القروض.
وموضوعيا ينبغي الا ينظر الى عدد الموظفين في جهاز الدولة من وجهة نظر سطحية مجردة بل الاصح النظر الى هذه الاشكالية التي تحولت الى عبء على الاقتصاد الى الاسباب التي ادت الى تضخم هذا العدد الكبير التي تكمن في الاساس في سباق القوى السياسية الطائفية الاثنية المهيمنة على السلطة التي عملت على ضخ اكبر عدد من المواطنين غير المؤهلين في الجهاز الحكومي بغية بناء قاعدة انتخابية لها ادت الى استنزاف 50 مليار دولار سنويا والتي تشكل الجزء الاعظم من الموازنات السنوية والاسوأ من ذلك تعامل الحكومة المستقيلة مع مطالب الانتفاضة الجماهيرية بطريقة الانحناء امام العاصفة وذلك باللجوء الى تعيين ما يزيد عن نصف مليون موظف في القطاع الحكومي دون الاهتمام بمدى توفر التخصيصات المالية الكافية لتامين رواتبهم واجورهم كاستحقاق لا مفر منه مما زاد من عمق الازمة المالية ولهذا ازداد حجم الرواتب من 36 مليار دولار في عام 2019 الى 47 مليار دولار في عام 2020.
والسؤال الملح في هذه الظروف الحرجة كيف ستتصرف الحكومة الجديدة المؤقتة للخروج من هذه الازمة ومواجهة تداعياتها الاقتصادية والاجتماعية فحتى لو لجات الى الاقتراض من صندوق النقد الدولي لتغطية الحاجة الى 40 مليار دولار حسب تقديرات معهد جيفريز للخدمات المالية وهو مبلغ كبير لا يمكن توفيره بالبساطة المتوقعة، فهل ستلجأ الحكومة الى اضعاف قيمة العملة الوطنية للحد من تآكل احتياطيات العملة الصعبة في البنك المركزي مما يترتب على ذلك المزيد من التضخم وفرض العوز المرهق على المواطن العراقي؟ كما ان تخفيض الرواتب اذا ما شمل القاعدة الواسعة من الموظفين والمتقاعدين فان نتائجه ستؤدي الى ركود اقتصادي غير مسبوق ومزيد من افقار المجتمع.
ان الحكومة وهي تواجه اعباء لا تتلائم مع طبيعتها المؤقتة وازمة خانقة متوارثة من سابقتها مطالبة بدراسة اسبابها والمخارج المطلوبة عبر الاستفادة من الخبرات الاقتصادية والمصادر المالية المتاحة والاستعانة بالدعم الجماهيري، وفي هذا المجال نقترح ما يلي:
1. القيام بعملية جرد لأموال الدولة سواء في داخل العراق او خارجه المنقولة وغير المنقولة ومنها على سبيل المثال الاموال غير الضرورية الموجودة في مؤسسات الدولة والمتوافرة في المصارف الحكومية وشركات التامين وصندوق التقاعد والاعتمادات الحكومية غير الضرورية المفتوحة لدى المصارف التي لم تنفذ ووضعها تحت تصرف الحكومة بالإضافة الى تفعيل دور البنك المركزي في عملية التنمية وتحريك الاقتصاد.
2. الغاء الامتيازات التي يتمتع بها المسؤولون الحاليون والسابقون من رؤساء الجمهورية والوزراء والنواب ومجلس القضاء الاعلى والمحكمة الاتحادية وتقليص النفقات الاخرى بما فيها السيارات والحمايات ودور السكن الى الحد الادنى ووضعها الفائض تحت تصرف الحكومة.
3. فتح ملفات الفساد كافة الموجودة في هيئة النزاهة والقضاء وتشمل اعلى المراتب واستعادة الاموال المسروقة باي شكل والمهربة المودعة في المصارف الاجنبية وتنشيط دور القضاء بما يسهل مهمة الدولة في تعاملها مع الاطراف الدولية.
من اجل تأمين الرواتب مواجهة تداعيات الأزمة
- التفاصيل
- ابراهيم المشهداني
- المنبر الحر
- 3806