يتجاهل العالم مايحدث في العراق من جرائم ضد المتظاهرين السلميين منذ أربعة أشهر، في ظاهرة غير مسبوقة، وكأن الشعب خارج المنظومة البشرية، والبلد في كوكب آخر.

ماتنقله وسائل الاعلام العراقية والاجنبية يوثق الحقائق الدامغة لمستويات العنف والقمع الممنهج  بجميع صنوفه وأشكاله، من قبل قوات الأمن الرسمية، ومن قبل تشكيلات مليشياوية تابعة لاطراف في السلطة، لاتخضع للقوانين ولاللتوجيهات الحكومية، وبينهما تنشط عصابات خارجة على القانون، مستفيدة من الفوضى العارمة التي وفرها غياب القرارالمركزي الموحد، نتيجة الانقسام والصراعات على السلطة وأدواتها منذ سقوط الدكتاتورية .

ان هذا المشهد المرعب هو النتيجة الطبيعية للاداء الهزيل للحكومات الطائفية المتعاقبة منذ 2003، والتي تقاسمت الادوار فيها أحزاب السلطة المدعومة من دول الجوار، بشقيها الموالي والمعادي للامريكيين، على حساب مصالح العراق وشعبة، ليتحول العراق الى ساحة للصراع على النفوذ والثروة، وفق اجندات تلتقي وتتقاطع حسب مصالح اللاعبين في الجواروالعالم، وتنفذها أدواتهم التابعة، ليغيب القرارالوطني العراقي، وليدفع الشعب الاثمان الباهضة من حياة ابنائه وهدرونهب ثرواته و ضياع مستقبل أجياله .

لقد ضاق العراقيون ذرعاً بالاستهتارواللامبالاة من قبل السلطات باوضاعهم المتردية على جميع المستويات، فانطلقت الاحتجاجات السلمية في العاصمة والمدن العراقية في الوسط والجنوب، للمطالبة بالحقوق المكفولة بالدستوروالقوانين العراقية النافذة، بعد تصاعد نسب البطالة ونقص الخدمات وتفشي الامراض والمخدرات والفساد ونهب الثروات وغياب العدالة، لتواجههم السلطات ومليشياتها بالغازوالقنص والرصاص الحي والخطف والتغييب والترهيب، ويتساقط الآلاف من المواطنين شهداء وجرحى، في سابقة لامثيل لها على مستوى العالم، منذ سقوط النازية واعوانها في اواسط القرن الماضي.

التفسير الاكثراقناعاً للسكوت المطبق من كل الاطراف القريبة والبعيدة، الكبار والصغارفي الجوارومابعده، على المستويات الرسمية والمنظمات الدولية والمدنية، هو ان هذه الاطراف مجتمعة لاتريد التغيير الذي يطالب به الشعب العراقي، لان الحكومات العراقية الطائفية المتعاقبة، كانت وفرت لها الظروف المثالية لعقد الصفقات الكبرى لشركاتها ونظمها السياسية والاقتصادية، والتي تبقي العراق سوقاً لها في جميع المجالات، نتيجة تعطيل صناعته الوطنية واهمال زراعته، وتدهورمرافق الخدمات العامة في جميع مدنه وأريافه.

وأمام هذا التجاهل الغيرانساني لدماء الابرياء ومعاناة الضحايا وعموم الفقراء، لابد للعراقيين من توحيد صفوفهم لانجازالتغييرالسلمي المنشود، الضمان الحقيقي والوحيد، لانصاف الشهداء،ومواجهة القتلة والفاسدين والداعمين لهم في الداخل والخارج، وصولاً الى تحقيق العدالة الكفيلة بتقديم المجرمين الى القضاء، والنهوض بالوطن ليكون لائقاً للعيش الكريم للعراقيين .

عرض مقالات: