إنشغل الرئيس الأمريكي ترامب بمهمة تجميل إسرائيل بإعداد ما سمي بصفقة القرن وذلك بالتعاون مع وكالة الإستخبارات المركزية الأمريكية في تنفيذ برنامج خاص تم أعداده مع تفاصيل طريقة  تحقيقه، بالإتفاق مع النخب الإستراتيجية الصهيونية لدولة إسرائيل، وبالإشتراك مع أصدقاء الكيان الصهيوني في عدة دول. ومع هذا فاستنكار هذه الصفقة جملة وتفصيلا ، دون مناقشتها وإبداء الراي فيها، يعطي إنطباعا لدول العالم بالرغم من معرفتنا المسبقة بأن مشروع الإتفاقية المطروحة أمريكيا وإسرائليا، تعمل على تشويه صورة الفلسطيني. ويُستدل من بنودها بأنهم عدائيون، يحبون الحرب ويسعون لها، بنشر   الكراهية والعمل على نشر مفاهيم التطرف والإرهاب، والزعم على أنهم يربون أجيالهم على رفض اليهود وإنكار حقهم في الوجود، ويرفضون السلام ولا يسعون إلى تحقيق الأمن، وينكرون حق (الشعب اليهودي) في العيش بأمن وأمان، ضمن حدود كيانهم، بالإضافة إلى كون ذلك يجنبهم السير بإتجاه سياسة  كل شيء او لا شي

 إن كثرة تأييد بعض الدول التي إرتضت أن تكون أدوات هذه الصفقة في تنفيذ هذا المشروع، كزينة إصطناعية لا تنتمي الى طبيعة الصراع بين شعوبهم والأمبريالية من جهة والمطامع الامريكية بخيرات بلادهم من جهة ثانية، فهذه الدول لا ترتبط بما يجري من وقائع على الأرض، وتتغافل عن مقررات الرأي العام  للشعوب العربية، بالإضافة لحكومات بعض الدول، التي تعتبر المسألة الفلسطينية، الحلقة المركزية في توجهاتها، بينما تقمع تطلعات شعوبها نحو الأمن والإستقرار وبناء مجتمعاتها المدنية. 

 لقد نصت قرارات الجامعة العربية ، والامم المتحدة على تقرير المصير للشعب الفلسطيني، دون تأثير خارجي لكون الشعب الفلسطيني (عدا المتشددين منه) يأبى أن يكون دمية تتلاعب بها مصالح بعص الدول الأقليمية في المنطقة والدول الإمبريالية،  هذه المصالح التي يتفوق بها الحفاظ على أمن وإستقلال دولة اسرائيل ونظامها القمعي الذي يتميز بقسوة تعامله عنصريا مع من جاء من دول غير أوروبية، وطبقيا مع شعبها من إضطهاد  ومصادرة حقوقه السياسية بهذا الشكل أو ذلك، وإن ما يتقولون به من مخطط يعده العرب لإزالة إسرائيل هذا الأعتقاد غير الوارد في تطلعات شعوب المنطقة التي تسعى لحياة مستقرة بأمن وسلام بجانب الشعب الإسرائيلي الذي تسعى حكومته المرتبطة كليا بالمصالح الأمبريالية وتحقيق أجنداتها في المنطقة متلقية منها كل مقومات دعم التوسع الجغرافي وبناء المستوطنات على حساب الشعب الفلسطيني، والذي رفض دوليا من قبل هيئة الامم المتحدة

فالخطة الترمباوية هي إشهار فعلي لمساعي ترامب لتصفية القضية الفلسطينية جاءت لتناصر الإستغلال البشع للوضع السياسي في المنطقة، وخاصة في الدول العربية، بسبب التشظي وعدم إتباع سياسة وطنية، لعديد من دول المنطقة التي يسير حكامها نحو تحقيق أهدافهم الذاتية على حساب المصالح العليا لاوطانهم وشعوبهم. 

فالكثير من الأحزاب الوطنية والتقدمية أستنكرت ما جاءت به صفقة القرن  إنطلاقا من دعمها للنضال البطولي للشعب الفلسطيني العادلة التي أيدته منذ وعد بلفورد المشؤوم ، الذي نسف حقه المشروع بإقامة دولته الوطنية المستقلة على أرضه وعاصمتها القدس الشرقية وفق الشرعية الدولية وقرارات الأمم المتحدة،  وأعتبرت صيغة ما أعدته الإدارة الأمريكية لا تقل شأنا عن وعد بلفور بنسخة جديدة، يصادر بها كل ما حققه الشعب الفلسطيني من إتفاقيات مع مسؤولي الكيان الإسرائيلي من إتفاقيات لتصب في مصلحة السلم مع دولة أسرائيل.

لقد تناست الوثيقة كل ذلك من خلال التأكيد على جعل القدس عاصمة دولة إسرائيل ، وتطبيع ممارسة حكامها للتوسع الجغرافي لدولتهم، بقضم الأرض الفلسطينية وبناء المستوطنات معتمدين على دعم وتضامن الإمبريالية الأمريكية . ومع هذا فاستنكار هذه الصفقة، وإعتبارها مشروعا عدائيا جملة وتفصيلا ، أمر في غاية الخطورة يترتب على حاملي الهم الفلسطيني إيجاد ما يبرر تلك المواقف أمام الرأي العام العالمي   

كل الجهود لإسقاط وعد بلفور بنسخته الجديدة.    

عرض مقالات: