بعد ان ذاعت انباء الانتفاضة السلمية الباسلة لشباب تشرين نساء و رجالاً ، و صارت تُتناقل في النشرات الاخبارية اليومية، ليس في وسائل الاعلام العراقية فحسب و انما في كبريات الصحف و الاذاعات و الفضائيات الاقليمية و العالمية، و صارت تُتابع بخفقان القلوب و التأييد من مختلف اوساط شعوب العالم، بل و في اوساط الامم المتحدة و مجلس الأمن و منظمات حقوق الانسان و العفو الدولية، و هم يتابعون انتصاراتها و تصعيداتها و تحدياتها الجريئة بشعارات سلمية، تطالب بالحق بالحياة و بالخبز و الحرية .  . بالحق بوطن !

لقد كُتب الكثير و عُلّق الكثير عمّا دار و يدور في البلاد و اسباب آلامها و الاحتجاجات السلمية  التي اندلعت منذ 2010 في سوح العراق و قدمت انواع التضحيات، حتى انتفضت الجماهير بقضّها و قضيضها، على حكّام سرقوا و نهبوا و بذّروا اموال البلاد الثريّة، بل و كتبوا ثرواتها باسمائهم و اسماء ذويهم مسخّرين المحاصصة الطائفية و العرقية و عابريها، المحاصصة التي عملوا و يعملون على صنعها و إذكائها بـ (القانون)، على اساس المصالح الانانية .  . القانون الذي لم تعرفه قوانين البلاد و لا اعرافها من قبل، القانون الذي لايُذكّر الاّ بورقة الدكتاتورية المنهارة لأصلاح النظام القانوني حينها على اساس ( شهادة قانون في الجيب و مسدس بالحزام )، بـ (تطويره) الى (فقرات دستور و ميليشيات)، بعد ان افرغوا الدستور و روحه الحيّة بدلاً من تطويره لصالح الشعب مصدر السلطات.

و رغم عدم اهتمام الحكام بالاحتجاجات و اهمالهم المشين لمطالبات المتظاهرين، الذي لايدّل على حرص على البلاد و لا على ما أئتمنوا عليه، الذي لايدلّ الاّ على جشعهم اللامحدود بما سرقوا و يسرقون، او على تفاهة فكرهم كرجال دولة في هذا الزمن .  .  حافظ المتظاهرون على سلميتهم بشكل يدعو لإعجاب العالم بصمودهم اللامعهود و على رقيّ فكرهم و حضاريته، رغم انواع التضحيات بالارواح امام رصاص الحكام الحي و قنابل الغاز المحرمة دولياً و القنابل الصوتية و بالكواتم و القناصين و بالسكاكين حتى بلغت اعداد الشهداء التي تتزايد الى مايزيد على 700 شهيد و 26 الف جريح و معوّق بينهم عدد من افراد القوات الأمنية، حتى تأريخ كتابة المقال.

و يصف مراقبون مايجري بكونه، نتيجة حكم المحاصصة و العقلية المتخلفة لمن بيده السلطة و ماهية فهمه الاغبر للشعب على اختلاف اطيافه و لحقوقه. و بكون الحكم جاء نتيجة انتخابات مزوّرة .  . لم يشارك بها غالبية الشعب كموقف يستكمله الان بالتظاهر، بعد ان كشفت النتائج بان نسبة المشاركة لم تتعدى الـ 26 %  فانتجت  برلمانا اعرجاً و مؤسسات يتحكم بها لصوص ينتظرون الرأي و الموقف من الجوار و من ميليشيات (الطرف الثالث)، و كتموا و غطوّا على المواقف الوطنية للاقلية المخلصة للبلاد في تلك المؤسسات.

و ترى اوساط شعبية واسعة الى انه رغم اتّباع الحكام كل الوسائل العنفية و القمعية، يلتزم المتظاهرون بالسلمية التي كفلها الدستور و القوانين الدولية اضافة الى كفالة المرجعية الشيعية العليا للسيد السيستاني الذي ايّد المتظاهرين و شدّ و يشد ازرهم بنصائحه و دعوته ايّاهم بالثبات على الموقف من جهة، و شدد على الحكام بالاستجابة السريعة لمطالبهم و لإختيار رئيس وزراء جديد لحكومة انتقالية تهئ لإنتخابات مبكرة و مستلزماتها، بل و دعا الحكام دائماً الى ضرب رؤوس الفساد سريعاً و بيد من حديد، حتى وصل الى دعوته ايّاهم بـ ( التنازل عن جزء مما حصلوا عليه و امتلكوه) لصالح حل ازمات البلاد و مطالبها بالخبز و الحرية و العدالة الاجتماعية، من جهة اخرى.  

و فيما يحذّر خبراء من انه، فيما تتظاهر حكومة تصريف الاعمال التي لاتستطيع التهرب من المسؤولية، بانها لاتسمع و لاترى مايجري منتظرة، تصعيد مواقف المتظاهرين اكثر في محاولتهم لتحريك الحكومة المالكة للداخلية و الدفاع و الامن لتستجيب لمطلب المتظاهرين الاول في تسمية و تقديم قتلة المتظاهرين الشهداء للعدالة، كبداية .  . من جهة اخرى يبدو ان الحكومة تتنظر من التصعيد الاكثر للمتظاهرين، مشاركة اوساط اوسع معهم منتظرة اخطاء متوقعة لصعوبة ضبط مئات آلاف جديدة بما فيها مجاميع تدسّها بينهم لتقوم باعمال الفوضى لتستخدمها ورقة ضدّ المتظاهرين كي تهاجمهم و تنهي التظاهرات بعنف وحشي اكثر، على حد تصورها.

يجيب متظاهرون : اننا ملتزمون بحقنا بالتظاهر السلمي الذي كفله الدستور، و الاّ فالبلد ملئ بالسلاح و مستعدون لكم ان اعلنتم انتم الحرب على الشعب .  . اننا ملتزمون بالحفاظ على سلامة البلاد و كرامتها و من اجل سيادتها و قرارها المستقل، احترموا حقنا بالتظاهر السلمي و تصعيده المكفول بكل الشرائع و القوانين المعمول بها في دول العالم ! (يتبع)

 

 

 

 

عرض مقالات: