* العراق كدولة مستقلة يتمتع بكافة الحقوق التي تتمتع بها دول العالم الأخرى كما أنه مشمول بالقوانين الدولية السارية المفعول والمعمول بها ضمن قوانين الهيئة العامة للأمم المتحدة ومنها القوانين الخاصة بحرمة البلدان وإحترام سيادتها وإستقلاليتها وعدم الإعتداء عليها من أيَّة دولة أو جهة ولأي سبب كان.

* يحق لأي دولة أن تبرم عقودا عسكرية أو أمنيَّة مختلفة مع أية دولة من دول العالم وعلى هذه الدول أن تراعي في هذه العقود عدم التجاوز على حقوقها وسيادتها وسلامة أراضيها ومواطنيها وأن يتحقق فيها مبدأ التكافؤ والإبتعاد عن شروط وإملاءات الخنوع للآخر.

* من واجبات الدولة الأساسيَّة ضرورة بسط نفوذها وسيطرتها التامة على قُوّاتها العسكرية والأمنيَّة بكافة أصنافها وبمختلف مناطق تواجدها.

* لا يجوز للدولة أن تسمح لأي فصيل من قواتها العسكريَّة بأصنافها المختلفة أن يَتَّخذ قراراته لوحده والدخول في صراعات مسلحة ومناوشات عسكريَّة مع فصائل وطنيَّة أو أ ج ن ب ي ة.  أو مع طرف آخر دون الرجوع إلى قياداته الشرعية وعلى رأسها القيادة العامة للقوات المسلحة.

* في عراقنا المثخن بالجراح والآلام، الذي عانى من كثرة الحروب والإعتداءات وآخرها الغزو الدموي الداعشي وما تعرض إليه على أيدي أزلام/ أقزام الدولة/ الكيان اللاإسلامي وما ترتب على ذلك من إجتياح لثلث الأراضي العراقية مما ترتب عليه أن تقوم المرجعية الدينيَّة بإصدار فتوى الجهاد الكفائي لإنقاذ البلاد من هذا الشر العظيم وقد تم لها ذلك وهَبَّ آلاف العراقيين لتلبية الدعوة والذود عن أرض العراق وشعبه ومقدساته وتم تنظيم المتطوعين وإلحاقهم بالقوات المسلحة وإعتبارهم جزء منها وصدرت القوانين اللازمة لذلك.

* التحقت وللأسف الشديد بجموع المتطوعين الملبين لنداء المرجعيَّة مجاميع من المسلحين الخارجين عن سلطة الدولة وأصبحوا جزءا من التنظيمات الجديدة التي أطلق عليها اسم الحشد الشعبي، وقد صَبِغَت هذه المجاميع المسلحة والخارجة عن القانون صبغتها على تنظيمات الحشد الجديدة وأخذت تتحكم بها وبإدارتها وتجاوزت ذلك وبدفع وتسهيل من قياداتها لتفرض هيمنتها وسيطرتها على بقية القطعات العسكرية والأمنيَّة الأخرى حتى صارت تتحكم بإختيار قياداتها.

* قامت قطعات من هذه الفصائل الجديدة ـ من الحشد الشعبي/ كتائب حزب الله في العراق ـ بتأريخ 2019.12.27 بقصف إحدى القواعد العسكرية الأمريكيَّة ــ K1 ــ بالقرب من مدينة كركوك، وهذه القاعدة متواجدة على الأراضي العراقيَّة بموجب إتفاقيّات سابقة مع الدولة العراقيَّة. كان الهجوم مفاجئا وفي ظروف متوترة تعيشها البلاد بعد ثورة شعبية لا تزال مستعرة ومستمرة قام بها أبطال العراق ضد المتسلطين والماسكين بزمام الأمور من الأحزاب والميليشيات الفاسدة. لم يكن هذا القصف بأوامر صادرة من القيادات الرسميَّة للقوات المسلحة العراقيَّة ولا بعلمها أو بموافقتها.

* لم تتخذ الحكومة العراقيَّة أيَّة إجراءات عقابيَّة ضد هذه القطعات التي إرتكبت هذه المخالفات وتجاوزت بذلك على التعليمات العسكريَّة والقوانين المرعيَّة.

* كما لم تقم السلطات الإمريكيَّة باللجوء للطرق الدبلوماسيَّة ومطالبة الحكومة العراقيَّة وبشكل رسمي بضرورة محاسبة هذه القطعات وتقديمها للعدالة لإرتكابها هذه المخالفات ولتجاوزها على ما جاء بالإتفاقيّات المبرمة بين الدولة العراقيَّة والحكومة الأمريكيَّة بل أقدمت على تنفيذ جريمتها بعد إبلاغ الحكومة العراقية بدقائق قليلة قبل التنفيذ. *وكأننا في دولة فالتوه، كلمن يشتغل بكيفه*

* بَقِيَت فصائل الحشد الشعبي رغم إلحاقها بالقوات المسلحة العراقيَّة بشكل رسمي، بفعل هيمنة ما إلتَحَق بها وسيطر على قراراتها من المجاميع المسلحة من الخارجين عن القانون، الذي يطلق عليهم فصائل الميليشيات المسلحة الملحقة بأحزاب الدين السياسيَّة وخاصة الشيعيَّة منها، مما ترتب عليه إن بقيت هذه الفصائل خاضعة في ولاءاتها إلى أحزاب الدين السياسيَّة تلك وليس إلى القيادات العسكرية الرسميَّة.

* المصيبة الأكبر في هذه القضيَّة هي أنَّ هذه الفصائل العراقيَّة رغم تشكيلها بموجب فتوى المرجعية الدينية في العراق، ورغم أنَّ كامل عديدها من العراقيين، وإنَّ تدريبها وتسليحها وتمويلها من قبل الحكومة العراقية، ورغم إعتبارها جزء لا يتجزأ من المنظومة العسكرية والأمنية العراقية بقيت تستلم أوامرها من قبل قياداتها الدينيَّة الميليشياويَّة المرتبطة بأحزاب الدين الإسلاميَّة، والأنكى من ذلك إنَّ هذه القيادات خاضعة بولاءاتها إلى جهات ومرجعيات غير عراقيَّة وإنها لا تولي للمعادلات الوطنيَّة أي إعتبار أو إحترام قدر إيلائها إعتبارات للمذهب والطائفة والمراجع المرتبطة بذلك.

* قامت الحكومة الأمريكيَّة بإرتكاب جريمة ضد الدولة العراقية وتعريض سيادتها وأمنها للخطر. إرتكاب جريمة ونحن والعالم يحتفل بأعياد الميلاد ورأس السنة الميلاديَّة راح ضحيتها 28 شهيدا و 55 جريحا ناهيك عن الخسائر الماديَّة والمعنويَّة التي ترتبت على هذا العدوان الأمريكي الجبان. فقد قامت الطائرات الأمريكيَّة المسَيَّرة والقادمة من خارج الحدود بتأريخ 2019.12.30 بقصف ثلاث مواقع عسكرية لكتائب حزب الله/ العراق عند الحدود العراقيَّة السوريَّة وهذه مخالفة للقوانين والإتفاقيات الدولية المعمول بها. لقد كان هذا العمل الإجرامي بمثابة رد إنتقامي للعملية التي قامت بتنفيذها مجاميع من الحشد وخرقت بموجبها القوانين العسكرية العراقية النافذة.

* نعم لقد ذهب جرّاء ذلك مجموعة كبيرة من الشهداء ضحايا أبرياء ـ لا بيها ولا عليها ـ، ذهبوا نتيجة لصراعات دولية وإقليميَّة ليس لوطننا فائدة أو نفعاً فيها، ضحايا دافعوا بالأمس القريب وسَطَّروا أروع المثل وصنعوا أمجاداً في دفاعهم عن أهلهم ووطنهم ضد وحوش وأوباش ومرتزقة قلَّ نظيرهم في التأريخ، ضحايا كانوا يحلمون بوطن يحميهم ويوفر لهم ولعوائلهم وإخوتهم العيش الرغيد والمستقبل السعيد. نعم إنهم أصبحوا ضحايا للعبة قذرة إشتركت فيها أطراف مجرمة، لا يهمها مصلحة العراق وأهله، ضحايا لجريمة إشتركت فيها على الأقل ثلاثة أطراف خبيثة هي قيادات هذه الفصائل الماسكة بزمام الأمور في عراق اليوم والمستميتة على البقاء للإستمرار لحماية رؤوس الفساد وسرقة ثروات العراق، هذه القيادات الخاضعة في ولاءاتها للولي الفقيه والجهة التي تتحكم بهم من خارج الحدود بالإضافة إلى قُوّات المحتل الأمريكي. ولهذه الجريمة أسباب وأهداف في مقدمتها الصراعات الدائرة بين أمريكا وإيران لفرض الهيمنة والإستحواذ أكثر وأكثر ليس على العراق فقط بل على دول المنطقة وخيراتها. وهنا يبدو واضحاً بأن الطرفين الأمريكي والإيراني يريدون تحويل العراق إلى ساحة لصراعاتهم ومواجهاتهم العسكرية والعراقيون هم من يدفع الثمن في هذه الصراعات البغيضة. كما يأتي في مقدمة أهداف هذه اللعبة الخبيثة من قبل الجانب الإيراني وذيوله في العراق القضاء على ثورة الشعب العراقي الجبّارة وتوجيه الأنظار فقط إلى العدو الأمريكي وتأليب المواطنين ضد الثوار لإنهاء إحتجاجاتهم وبالتالي الإنفراد بهم وسحق صمودهم وبسالتهم والقضاء على ثورتهم.

* الخوف كل الخوف من أن تستمر هذه الميليشيات بتمردها على القيادات الرسمية العراقيَّة وتواصل تنفيذها لعمليات أخرى إنتقاميَّة وبتوجيهات غير عراقية على القواعد الأمريكية في العراق وربما في الدول المجاورة وبالتالي تسهم في إشعال نيران قد لا يخمد سعيرها ويصبح العراق أرضاً وشعباُ حطبها وموقدها. وربما تقوم هذه الميليشيات بتنفيذ مخططات معهودة إليها ودفع وتحريض القوات المسلحة العراقيَّة النظاميَّة للمشاركة بذلك. كفانا الله شرور الفاسقين.

عرض مقالات: