أوَّلَ أمس أخـذ عادل عبد المهـدي يتحـدث عن حركة الاحتجاج مستخدِماً توصيفَ "الفتنة!". وقـد أغفل حينَها أن "قنّاصيه" المجهولين ـ المعلومين له ولنا، هم أول من نثَر، معَ بـدء الإنتفاضة،َ بذور هذه "الفتنة الشيطانية" مُلَطَّخةً بالـدم الزكيِّ لفتيةٍ جميلين خرجوا باحثين عن وطنٍ مفقود، حالمين في استعادته واستعادة أنفسهم وذواتهم وأصواتهم الحرة معه وفيه. خرجوا قاصـدين انتزاعه من بين مخالبِ وأنياب سـاسةٍ (هم، في الحقيقة وكما قلت عنهم مرةً في محاضرة قيل ما يقرب من عشر سنوات، ليسـوا سـوى سـوسٍ خبيث ينخر في لحوم الناس وعظامها). هـؤلاء الساسةُ ـ السوسُ لا يرون في العراق إلآّ مغانـم وأسـلاباً لهـم ولعوائلهم وأتباعهم، تماماً مثلما رآه أسلافنا الغزاةُ الفاتحون!! 

حين سمعتُ حديثَ هذا "العادل!" عن "الفتنة" أوجستُ فيه ومنه شَـرّاً ، بُحتُ فيه لصديق صـدوق يعرفه (هل يعرف "عادل" من العدل شيئا؟). 

الرجلُ، شأنَ أصحابه، فتَـنَتُهُ السلطة وأسِرَّتُها الوثيرةُ، وأَضَـلَّهُ السلطانُ ، وأمـالَهُ للفتنةِ، وأيقظَ فيه غريزةَ اشـتهاء الـدم. فإذا به هو، وليس الفتية المحتجون، من يوقِعُ البلادَ وأهلها في الفتنةِ 

في قواميس العربية يَرِدُ ذِكرُ أكثر من فَـتّانٍ، من بينهم الشيطان واللصُّ. والشيطان في فَهمي هو النفسُ الأمّارةُ بالسـوء. والساسةُ ـ السوسُ في وطني لصوصٌ وذوو نفوسٍ أمّارة بالسوء كذلك. وهاتان مثلبتان غالباً ما تدعوانِ صاحبهما للقتل وإراقة الدماء.  

ومنذُ يوم أمسِ والقتل يشـتد في الناصرية والنجف وبغداد والبصرة وغيرها من مدن وطني (من فُكاهاتِ هذا الزمن العراقي السـوداء أنَّ القاتل سيعلن، كما فعل في البداية، أنَّ ضحاياه شـهداء!! سيعلِنُ هذا مع أنَّ دمَهم ما يزال يقطر من مخالبه وأنيابه، ومن مخالب قادته العسكريين وأنيابهم كذلك).

هل يستطيبُ هذا القائد العام للقوات المسلحة وضباطه الاغتسال بـدم الضحايا؟

هل ينتشون برائحة الـدم فتأخذهم سُـكرتهم به للرقص وهَزِّ الأرداف قبل التخطيط المدروس بعنايةٍ لحملاتِ قتلٍ قادمة وبعدَها؟

هل يتوَضَّـأُ القـائد وعساكرُهُ و"قنّاصوه المقدسون!"، وهم جميعا أناسٌ سيماهم في وجوههم من أثر السجود في الظاهر، بدم الضحايا لأداء صلواتهم؟ 

هل يَتَقَـبَّلُ الله صـلاةً وضـوؤها الدمُ المُراقُ حراماً؟!

يقالُ إنَّ عادل عبد المهدي "سـيِّدٌ" يجري في عروقه دمُ الانتساب إلى نبي الإسلام. ألا يخجلُ من له مثلُ هذا النَسَبِ أن يكونَ قاتلاً؟

عرض مقالات: