تقدمت نحو الامام دون ان تنصت لصرخات الشباب: تراجعي يمه، انهم حاقدون لا يبالون بامرأة او طفل او رجل مسن، يرمون القنابل الدخانية كيفما شاءوا. لكنها لم تسمع كلام أحد وظلت تتقدم نحو الامام. سارع أحدهم اليها وامسك ذراعها بقوة، وبغضب قال: "رجاءً امي لا تتقدمي بعد ستصيبك القنابل او تختنقي".، نظرت اليه بصمت وعيناها تدمعان مدرارا، وقتها أفلت يدها وسار بجوارها يرافقها.
سألها: عمن تبحثين في هذه الأجواء السامة، ووحدك، اين، ومن، ولماذا؟
توسلت اليه كي يتركها، فهي لا تطيق الوقوف وقتا أطول. لقد صبرت طويلا، واليوم ضاقت ذرعا، انهم هناك يتساقطون بشموخ، وعيونهم نحو السماء، اليس هذا أعظم بحثا.
تبحث هي في عيونك وعيونهم عن أجزاء وطن، تتصوره في خيالها فيتجسد على شكل وطن، كل واحد منكم يرسم موضعا، موقعا، مدينة، وروضة او حديقة، فتكتمل الصورة لوطن اسمه العراق.
ترغب ان ترافق تلك الأجساد حين تتهاوى، كي تشهق لكل منهم "اسم الله عليك يا الولد، يابني، انت بطل وليس سواك اليوم بطل " هنا تعالت الصيحات: سقطت قنبلة يله شباب شدوا حيلكم سقط جرحى وشهداء لابد من انتشالهم. تراكضت معهم فصرخوا: وقع مقاتل، أجابت انا امه وكل اهله، سقط جريح فقالت لقد نزف معه العراق.
اسم الله عليك ياعراق على كل الشباب المنتفضين، على الأطفال الفقره والارامل والايتام والثكالى وكل الآباء والمسنين.
اسم الله عليك على طولك وعلى جدحة عيونك، على لونك الأسمر لمن يوصفونك، على ثغرك الباسم، وعلى عطرك لمن يزفونك، يلله يالولد يابني انهض، ارجع من جديد فالساحة امامك وكلها بانتظارك.
ضمد جراحك، واستعد لكل واحد يريد يغتالك ويقتل فرح الأمهات وضحكات خواتك. كن لهم بالمرصاد، انا اليوم معك اساندك، انهض بحق من ربت وكبرت لهذا اليوم وموش لغيره.
كان يئن من ألم الجراح، ويبكي، وبصوت خافت يقول، اريد ارجع ويه الشباب. لم تسعفه قدماه بالوقوف، عندها اسرعت هي واسندته بكتفها، وفاجأته بقولها: " أمك معك على السائر، ومعها كل أمهات الشهداء، ينظرن اليك كي تواصل المسير. اليوم لم ولن تكون وحدك من يواجه العنف والقتل، لأجل الوطن الذي نريد.
فتح عينيه ببط، ثم وقف ونظر اليها نظرة محبة وابتسامة صغيرة علت ثغره، وقال: استعدوا، جئت لأحقق مطلبي ومطلب كل الأمهات: "محاسبة من أطلق الرصاص على الأجساد البريئة في سوح الانتفاض".

امل عبد الله

عرض مقالات: