المعاناة والالام التي تراكمت بمجيء طبقة سياسية انتهجت المحاصصة الطائفية السياسية لفترة ستة عشر عاما لم يرافقها غير الفشل والازمات ، فقد العراق خلالها هويته الوطنية واصبح اسيرا للإملاءات الاقليمية والدولية. وقد اعتمد  هذا النظام  من خلال سياسته العبثية  الفساد شعارا رئيسا في نهجه ، مما قاد الى تجويع الشعب ونهب ثرواته الوطنية ، ولم يقدم ايا من الخدمات الضرورية كالكهرباء والماء ، وتوفير فرص للعمل ، بل ذهب كنظام الى سد المعامل والمصانع وترك الشباب في حيرة من امرهم تتقاذفهم الامراض والعلل والجوع والبطالة ،لم يكتف بكل هذا ، بل ترك الباب مفتوحا لكل افات الفتك والتدمير الجسدي والنفسي والفكري الا وهي المخدرات بانواعها، لتغزوا جسد الوطن الجريح وابناءه ، و نتيجة لهذا الوضع المأزوم بما يحمله من تجويع متعمد وفساد متأصل في عقلية هؤلاء المتنفذين الماسكين بالسلطة ، دفع الحراك الشعبي في عموم الوطن ومنذ اعوام   ( 1911 - 1915)، للقيام بتظاهرات سلمية  من اجل تلبية مطالبهم المشروعة ، وبدل ان يٌستجاب لهذه المطاليب جوبهت التظاهرات بالسلاح والغاز والاعتقالات والاختطاف والتهديد  وتشويه التظاهرات ، هذا النهج للطائفية السياسية وعدم مبالاتها لمطاليب الشعب العراقي، قاد الى الاحتقان العميق في الشارع العراقي ، تراكم حتى تفجر بهذا الوعي الثاقب ،الذي يقود اليوم هذه الانتفاضة الباسلة التي عمت كل محافظات العراق ، متخذة ابعادا اعمق من المظاهرات السابقة تمثلت في وطنية الشعارات حيث  اعتمد شعار( نريد وطن ) اساسا في هتاف الجماهير المنتفضة الهادرة ، لشعور ابناء شعبنا العراقي بسرقة الوطن من قبل كتل المحاصصة المتنفذين  ،مناديا باجتثاث الطبقة السياسية المدمنة على الفساد وسرقة المال العام  واستقالة حكومتها ، والدعوة لتشكيل حكومة وطنية جديدة من وطنيين مخلصين لشعبهم ووطنهم ، وتغيير قانون الانتخابات بجديد يأخذ بمطالب المنتفضين،  وتشكيل مفوضية جديد من عناصر كفوءة نزيهة وطنية مستقلة بعيدة عن المحاصصة البغيضة .....

ان انتفاضة اكتوبر اكدت على ان البنية السياسية لنظام المحاصصة هي العائق لكل تغيير واصلاح ، واي حديث عن تغيير في ظل هذه الطبقة السياسية الطائفية القومية  هو ضرب من الخيال وضحك على الذقون .

ان انتفاضة ابناء شعبنا العراقي قد تحولت اليوم الى ثورة  حازت على ثقة جماهير شعبنا جميعا وبمختلف قومياته وفئاته ومثقفيه وكوادره العلمية وطلبته،  وتميزت بمساهمة واسعة للنساء ، التي امتزجت دماؤهن بدماء شباب ساحة التحرير قبلة الثوار، وتوسع الانتفاضة الى الاعتصام والعصيان ،  اخاف الحكومة واجهزتها، ففقدت رشدها  مستنفرة القوى الامنية والميلشيات  الخارجة على القانون والتي لا تمت بصلة لهوية المواطنة ، وقوى حفظ النظام المشكلة اخيرا  لقمع المتظاهرين السلميين مستخدمة الاسلحة الحية  والمحرمة  ضد الجماهير السلمية، والتي سقط جراءها المئات من الشهداء والالاف من المصابين ، والتي اصابة اغلبهم خطيرة ، مما دعا المنظمات الدولية المهتمة بشؤون حقوق الانسان الى رفع اصوات الاحتجاج والشجب والتضامن مع المنتفضين من ابناء شعبنا العراقي  ،و انظمت الامم المتحدة  الى التضامن مع المتظاهرين السلميين وشجبها لعدوانية السلطة ضد ابناء شعبنا ،لقد وجهت الحكومة هذه الاجهزة وقناصيها باستخدام السلاح الحي ، بعد ان اخذت تشك بولاء الجيش لأوامرها ، حيث لم يمتثل في الكثير من مواقعه الى ضرب الجماهير المنتفضة .

ان هذه الثورة الشعبية العارمة ،قد فاقت كل التوقعات و اثبتت ان الشعب العراقي قد نفد صبره ولن تستطع اية وعود  وتطمينات كاذبة من قبل نظام المحاصصة ان ترجعه عن تحقيق اهدافه المعلنة وعلى راسها( نريد وطن عراقي) الذي باعه هؤلاء الفاسدون ،  ولن يغادر المنتفضون ساحات الاعتصام الا ويرون  هذا النظام بحكومته الفاسدة قد غادرت المسرح السياسي .

ان هذا الجيل المتمرد قد استيقظ ليدك عروش الفساد ويعطي الصورة الحقيقية للشباب الواعي الرافض للاستبداد والظلم والفساد وهو ذلك الجيل الذي وصفه الجواهري بقوله :

سينهض من صميم اليأس جيل

شديد الباس جبار عنيد

نعم ان جيل بهذا الوعي والادراك لا يمكن الا وينتصر

وسيحاسب كل من ربط مصيره بهذا النظام المحاصصي المقيت .خاصة هؤلاء الذين اعطوا الاوامر بقتل المتظاهرين والذين نفذوا عمليات القتل للمتظاهرين السلميين مع سبق الاصرار !!

 سيحاسبون فان عرتهم سكتة من خيفة فستنطق الآثام

سينكس الفاسدون رقابهم  حتى كأن رؤوسهم اقدام

 

عرض مقالات: