لجنة التحقيق المكلفة بمتابعة المقصرين في مجزرة إنتفاضة اكتوبر المجيدة
مجزرة فريدة من نوعها يقدم عليها حماة القانون، حماة المواطنين، حماة الوطن بحق أبناء جلدتهم من شباب في مقتبل أعمارهم مطالبين فقط بالحقوق التي ضمنها لهم الدستور، الحقوق التي ضمنتها كل الشرائع والدساتير في كافة دول العالم حيث تتواجد المجتمعات البشرية كان جَلُّها المطالبة بالغذاء والدواء والسكن والتعليم والعمل والضمان والأمان ليس إلا. ليشمل هذا العدوان مساحة واسعة من محافظات العراق ويستمر ل 5 أيام متتالية كانت حصيلته 157 ضحية 70% منهم تعرضوا إلى إطلاق الرصاص الحي في الرأس والصدر بالإضافة إلى أكثر من 5000 جريح أعداد كبيرة منهم في حالات خطرة.
تم تشكيل لجنة غير مؤهلة وغير كفوئة وغير عادلة، فلا يمكن ولا يجوز تكليف الجلادين بالتحقيق مع ضحاياهم بجرائم كانوا هم من ورائها. قامت هذه اللجنة بتقديم تقريرها الذي كان مخيب للآمال ذو طابع إنشائي مراوغ وبعيد عن تشخيص ومعاينة الواقع بشكل فعلي، الغرض منه كسابقاته من التقارير في مثل هكذا مصائب هو فقط لإمتصاص الغضب وتهدئة الخواطر.
في هكذا لجان كان يفترض عدم إهمال دور مجلس القضاء الأعلى، والنيابة العامة ونقابة المحامين والحقوقيين العراقيين واشراك منظمات دولية ومنظمات المجتمع المدني ومنظمات حقوق الإنسان في التحقيقات.
السيد محمد رضا آل حيدر رئيس لجنة الأمن والدفاع في البرلمان العراقي وعضو لجنة التحقيق المشار اليها يعترف في مقابلة تلفزيونية في هذا الخصوص بأنَّ هناك ضُبّاط تلقّوا الأوامر من أحزابهم السياسية لقتل المتظاهرين دون أن يذكر لنا من هم هؤلاء الضبّاط ومن هي الأحزاب التي أصدرت لهم هذه الأوامر.
ويقول بأنَّ القوى الأمنية لم تتمكن من تشخيص عناصر مدسوسة في المظاهرات، فلماذا إذاً اللجوء إلى قرارات وأوامر تدعو إلى الإستخدام المفرط للقوة وإستخدام الرصاص الحي.
هل يعني عدم صدور أوامر من جهات عليا وعدم تشخيص الجناة الحقيقيين وعدم تحديد اسماء القنّاصين بأنَّ هذه الشبيبة ما هم إلا عناصر ضالَّة فقدت رشدها وقامت بعمليات إنتحار جماعية مخالفة للقوانين المرعية لتبرهن فقط للعالم وبدمائها على عجز أجهزة الدولة وسفالة المسؤليين في رعاية مصالحهم. هل يكفي إعفاء المتورطين بأرواح ودماء المواطنين من مناصبهم وهم يقدمون على بشائع القتل الجماعي وبشكل متعمد مع سبق الإصرار ويصوبون إصابات مميته بإتجاه المتظاهرين دون تقديمهم للمحاكمات والقصاص منهم.
لماذا لم تتم إماطة اللثام عن القنّاصين وعن الذين أصدروا الأوامر لهم وعن الجهات التي صدَّرت أوامر القتل العمد إلى هذه المراتب.
لقد سعى التقرير إلى تبرئة الجناة الحقيقيين وحمايتهم كما سعت الجهات الأمنية بتخوين المتظاهرين وإتهامهم بالعنف والعمالة من قبل، وتم إهمال واضح ومتعمد لدور ومسؤلية السياسيين في البلاد لكي تتحمل أعبائها في هذه الجرائم البشعة.
أهمل التقرير الإشارة إلى التحقيق بشكل عقلاني وواقعي فيما يخص الإعتدات التي حصلت على وسائل الإعلام لخنق الأصوات الحرة، حيث تم إعتقال صحفيين بوضح النهار وبشكل عشوائي وبدون أية أوامر قضائية ولا زال البعض من هؤلاء رهن الإعتقال دون أن يتطرق التقرير إلى الجهات والأشخاص الذين يقفون وراء هذه الإنتهاكات.
متى ينطق الصامتون ـ الساكت عن الحق شيطان أخرس ـ ليعلنوا رأيهم ويتخذوا موقفاً حيال مآسي المواطنين على الأقل فيما يتعلق بهذه الكارثة الإنسانية المروعة.