ما أن يتجمع بعض الأشخاص في الشارع ويرفعون صوتهم بالاحتجاج على انعدام الخدمات وانتشار الفقر والجهل حتى يجن جنون رجال السلطة الخضراوية ويدب الهلع في قلوبهم ، فمنهم من يهرب باول طائرة الى بلاد العم واق واق ومنهم من  يحمل امواله ويختفي بين القرى عائدا لحمى العشيرة والركبان.

منذ سقوط العصابة الصدامية تناوبت على السلطة  في العراق طغمة بعد أخرى تمارس الخداع بانتخابات مزيفة  تبدأ بتزوير ( سانت ليغو) وتنتهي بشراء الاصوات باراضي وهمية يقدمها محامي الشيطان واضافة ارقام الى من لايستحقون من ابناء الاخ والاصهار والنسابة كي يدخلوا قبة البرلمان بسلام وهم يستعدون لقضم الاخضر واليابس  من خيرات البلاد ، فلا يسلم من بين اسنانهم  لا خبز ولا نفط ولا بطيخ !حتى مضت السنون العجاف التي كانت بحساب يوسف عليه السلام سبع  سنوات فزاد القوم عليها تسعة  اعوام اخرى من السنين كي تكتمل  ستة عشر عاما دون ان يسمع المواطن العراقي جعجعة او يرى طحينا .

في مطلع الشهر الحالي خرجت الجماهير تطالب بحقها في الحياة فتعرضت الى وابل من الرصاص حتى زاد عدد الجرحى والقتلى على ستة الاف ضحية فما كان من السلطة الخضراوية الا الادعاء بانها لاتعلم من هم القناصة الذين اطلقوا الرصاص على المتظاهرين . وهنا ينطبق المثل الشهير عليهم ان كنت تدري فتلك مصيبة وان كنت لاتدري فالمصيبة اعظم !

وبعد أيام من الانتظار على جمر جراح الشهداء والمصابين تمخضت الحكومة عن تقرير سري حول اطلاق النار  على  المتظاهرين .

هذا التقرير يدين الحكومة  جملة وتفصيلا ، فاول قراءة لهذا التقرير الهزيل لا تجد ذكرا لمن أصدر الاوامر باطلاق النار على المتظاهرين ، وألقى بالاعتداء الصارخ على عاتق مراتب عسكرية من الشرطة والضباط ذوي الرتب البسيطة التي لا تستطيع التصرف بهذا القدر من العدوانية واطلاق النار على هذه الجموع المتظاهرة وقتل واصابة اكثر من ستة الاف شخص دون اوامر من جهات عليا ، وعلى مدى عدة ايام من التظاهرات وفي مختلف مدن ومناطق العراق .

إن محاولة اللجنة التي اعدت التقرير تمويه الحقائق لدرجة انها ادعت عدم اهلية القوات العسكرية من شرطة وجيش في حماية المتظاهرين ، وهذا ان دل على شيء فيدل على سذاجة التقرير ومحاولة تلفيق الحجج للنجاة من قسوة الحقيقة التي لن تنطلي على المواطنين .

والمضحك ادعاء التقرير العثور على  عدد من أغلفة اطلاق رصاص فوق إحدى البنايات المتروكة من عيار 5 ملغرام ونصف ، وبهذا تريد اللجنة اقناع الناس ان الالاف التي جرحت كانت بسبب هذه الاطلاقات القليلة التي عثروا عليها !!

مناقشة التقرير ليست ذات جدوى لان الجماهير لاتنتظر من هذه الحكومة العاجزة انجاز مهمة بهذه الخطورة ، حكومة ينهشها اخطبوط الفساد وتعيش على الاكاذيب لن تتمكن من الافلات من مصيرها المحتوم الذي سيؤدي بها الى مزبلة التاريخ .

عرض مقالات: