حين انتهت الانتخابات، وحضرت النتائج؛ كان طبيعيا ما رأيْناه من اعتراضات، فذلك أمر معتاد، ولا غبار عليه، وأتوقع أن يتم حل الإشكالات المتعددة، كما تمَّ حلها في الانتخابات الماضية، أو بطرق أخرى؛ المهم أنهم سينتهون إلى حلول؛ قد تكون هذه الحلول مَرَضية أو مُرْضية؛ المهم أنها حلول، والمهم أن واقعا جديدا يخيم على الناس؛ قد لا يكون واقعا ظاهرا كما هي الشمس، لكنه واقع على كل حال؛ أنا أعرف أن البعض لم يتمكن من الاقتراع لهذا السبب أو ذاك، لكنهم عدّوه في المعترضين، وهو التعسّف الذي نعرفه عند البعض، وهناك مَن لم ينتخب اعتراضا، وله الحق، فهي حكومات فاسدة؛ معترف بفسادها، وبسوء أدائها من الجميع، صحيح أن البعض كان يصرخ بفسادها، وبسوء أدائها لأنه لم يتمكن من لقمة دسمة، على الرغم من صراخه (نفط الشعب للشعب) بمعنى أن له من نفط الشعب حصة، لكنه لم يحصل على تلك الحصة، أو لم تكفِه تلك الحصة، أو لأي سبب آخر؛ هؤلاء قوم يجب التنبه إلى مخاطر سمومهم التي يبثونها، فهُم يملكون المال والسلطة على كل حال، فبقي التفكير في أبناء الشعب الفقراء الذين سممهم الإعلام المسموم، والذي ملأهم بطلب التغيير؛ دونما تقدير لمعنى التغيير، هنا أرى قطار التغيير واقفا على سكة العراق، فهل سنعرف الأسلوب المناسب لتحريكه؟
هذه هي المسألة، فلكي يكون التغيير مناسبا، لا بد من أن يتَّجه نحو الأحسن، فما هو الأحسن؟!
هذا ما لم يُنبِّه إليه الإعلام الشرير، يقولون أن على التغيير أن يكون في مصلحة كل العراقيين، فهل هذا ممكن؟!
هل من الممكن أن يكون التغيير في صالح الصلحاء والمفسدين في الوقت نفسه؟!
هذا ما لا يمكن أن يكون، فإذا صحَّ هذا أمكن التساؤل عما إذا كان الوقوف بمستوى واحد، بين الظالم والمظلوم؟!
المؤجر والمستأجر مثلا؛ ممكنا؟!
من هنا، فلا بد من أن ننتبه إلى أن للفاسدين مَن يُدافعون عنهم، بل مَن يخافونهم، فهل نقف معهم؟!
مثل هذا ما يُقال عن الظالمين، فإن لهم مَن ساندهم في مجلس النواب السابق، حتى أخرج عتاة المجرمين من السجون، وغض النظر عن الفاسدين، وسلَّم الكهرباء للظالمين، بل خرَّب الماء، حتى مهّد لمصانع بيع الماء في الداخل والخارج؛ أن تنشر بضاعتها، وأن تبيع شركات أخرى منظومات التصفية، فلو جاء الماء صافيا، فهل كُنا سنحتاج إلى خدمات القطاع الخاص المكلفة هذه؟!
هنا سؤال:- هل هذا في العراق وحده؟!
الجواب:- لا، فأغلب الدول المجاورة؛ تُعاني من هذا السوء، بغضِّ النظر عما إذا مرت بما عانيناه أم لم تمر، فهذا يعني أن هناك اتجاها نحو تخريب منظومات المواطن المادية والأخلاقية، لأنه مهما بلغ دخله، فهو عاجز عن تلبية كل المتطلبات.
صحيح أنه منذ السبعينات؛ بدأ التدمير المنظم للمنظومة الهاتفية في العراق، هنا سؤال:- أين حل الدهر بهذه المنظومة الهاتفية الحكومية العراقية؟!
إنها لو توفرت، فستسد الكثير من حاجات الدولة المالية، لكنها غير موجودة لتشتغل منظومات أخرى تسرق المواطن؛ آخر فلس في جيبه؛ تُرى هل استوفت الدولة من هذه المنظومات أجور الكهرباء التي في ذمتها؟ أم أنها عاجزة عن دفع تلك الأموال للدولة؛ خلافا للمواطن الفقير القادر على دفع أجور الكهرباء، لمستغليه في الشركات المتعاملة مع الحكومة، والمولدات المهلكة للمستهلك، فلماذا يستطيع المواطن الفقير أن يدفع أجور الكهرباء مرتَين، بينما تعجز الشركات الرأسمالية الكبرى عن دفع مستحقاتها من أجور الكهرباء؟!
هذه أنموذجات من الفساد الواضح الفاضح؛ المتفق عليه، وأنا لا أزعم أن قطار التغيير، سيتمكن في أول حركة له من أن يكتسح هذه المنظومات القاتلة المتمكنة من رقبة الحكومة والشعب، فالكثير من أعضاء المجلس النيابي المنتخب؛ محسوبون عليها، والمؤكد أنه سيكون لها في الحكومة؛ مَن يُساندها، فأنا أعرف عدم إمكانية التخلص من هذا الخطر المريع فورا، لكنني أطالب، فقط بإيقافه، وأخذ حق الدولة منه، وتحويله خدمات للشعب، فإذا حدث هذا، طمحْنا إلى سواه، ووجّهْنا إلى غيره، والله الموفق إلى ما فيه الصواب، والتمكن من التخلص من الفساد، وأهل الفساد، فقد ظهر الفساد في الأرض، فساد.
"
مقتطفات"