أكدت احداث  الانتفاضة عدم تفاعل بعض المسؤولين في مواقع القرار مع أبناء شعبنا ،  ناهيك عن عدم تواصلهم مع مفاهيم الحداثة التي عكستها الممارسة اليومية لحياة الشباب العراقي الذي بذل جهودا مضنية لدعوة المسؤولين لجعل مفاهيمهم متماهية مع التقدم العلمي والتنكنولوجي السائد في مسيرة الشعوب ، وتوجيه ثروات البلاد المتعددة بما يضمن حياة كريمة والعيش الرغيد لابناء الشعب كافة ، كما ان الهوة التي خلقها القائمون على مواقع القرار نتيجة التفاوت الواسع بين مستوى معيشتهم اليومية وشحة موارد معيشة عموم الناس نتيجة الرشى وسلوك الطرق الغير شرعية للإستيلاء على المال العام بالفساد وبالسحت الحرام ، وغيرها من الممارسات التي أدت غلى تراكم ثرواتهم المنقولة وغير المنقولة في الداخل والخارج ، على حساب أعادة الشعب والوطن الى الوراء عشرات السنين تخلفا ودمارا ، وخاصة بعد تبني نهج المحاصصة الطائفي الكريه ، الذي حولهم إلى متكبرين ومترفعين عن الجماهير الشعبية ، التي تركوها تصارع الطوفان الكاسح و الأقدار لوحدها ، ففقد الشعب الثقة بهم وخاصة بعد حجب خيرات البلد عنه ، وتوجيهها لتدخل جيوب رؤساء كتلهم  وأحزابهم ، ولمنفعة حكومات دول الجوار التي وإياها تربطهم وشائج مذهبية وطائفية.  

 لقد عزلوا أنفسهم عن الجماهير وتركوا الفقر ينهش الفقراء منهم ، وسكنوا المنطقة الخضراء المحصنة بحماية جرارة تُدفع مرتباتها من أموال الشعب الذى تسوده  البطالة والامراض وسوء التعليم ، على الرغم من كون العراق يُعتبر من الدول الغنية ، لإحتواء أرضه على أكبر خزين إحتياطي نفطي عالمي ، ومع هذا لم تُلب مطاليب الجماهير الشعبية اﻷساسية ، لا بل قفز البعض ممن وُضع على صيانة الأمن على الدستور , وإبتعد عن الجماهير بقوة تبني نهج المحاصصة الطائفي ، وشكلوا ميليشيات مسلحة تحمي مصالحهم وتدفع بتعميق الأزمات بينهم وبين مطاليبي حرية الفكر والإعتقاد التي إستعصت حتى على الأحزاب الوطنية للوقوف على معالجتها وانهاء معاناة الجماهير الشعبية. 

لقد غَيَبت سياسة المحاصصة الرؤية الإستراتيجية لتقديم الخدمات الى الشعب , وعرضت التماسك الوطني بين مكونات شعبنا للتمزق ، علاوة على وقوف متبنيها ضد المطالبة بالتغيير وإلإصلاح الحقيقي ، ناهيك عن تواصل المحاصصة السياسية والطائفية لإرواء الفساد  وتعزيز نمو المحسوبية والتفرد بالحكم دون إشراك وتعريف ممثلي الجماهير الشعبية وقواها الوطنية في كيفية معالجة المآسي التي تعاني منها الجماهير الفقيرة. 

   ومع إحياء المناسبات المذهبية طائفيا والتأكيد على ما تحمله من مفاهيم العودة الى الماضي ، ونكران بعض المسؤولين للحداثة وإتساع طرق التواصل الإجتماعي التي ترعرع في أجواءها جيل جديد ناشيء ، أصبح فاعلا بين الجماهير الشعبية ، رابطا ما تربى عليه من روح وطنية عالية بعيدة عن ألإسلوب التراثي للأحزاب الإسلامية ، ومحافظا على تمسكه بتقاليد حراك شعبه السلمي في مقارعة الأنظمة الرجعية والدكتاتورية التي ورثها عن وثبة كانون وإنتفاضة تشرين وغيرها من الإنتفاضات ضد عسف وظلم الأنظمة المقبورة ، فكان له أولوية خوض أول حراك شعبي بعد إستلام المهوسين بالسلطة عام 2005  في 25 شباط من عام 2011 ، والذي قُمع بإستعمال القوة المفرطة والرصاص الحي ، وسط صمت من يهمهم أمر الشعب والوطن من المرجعيات الدينية.

 و مما شجع المسؤولين الامنيين على قمع حراك الشباب الحالي بالقوة المفرطة ، هو ما جرى من تعاون وتنسيق بينهم وبين مليشيات مرتبطة عقائديا بدولة جارة ظناً منهم أنهم قادرون على التصدي لحراك الشباب الذين لبستهم حالة انعدام الاطمئنان على مستقبلهم والذي بداء يساور افكار الكثير منهم. 

 ، زُج بعناصر بلطجية تفتقر وفي محاولة لكسر شوكة النضال المطلبي الذي تداعا اليه الشباب في ساحات التظاهر

   لأدنى حس وطني ويغلب عليها جانب الإلتزام الطائفي والطابع الإنتقامي بعد كل حراك وطني يهدف تقويم عمل الحكومة لخدمة الشعب . فحاصروا الشباب المتظاهرين سلميا، وبدأ إطلاق النار ينهمر عليهم من فوق سطوح المنازل من قبل قناصة محترفين . فراح حوالي5000 متظاهر ضد الظلم بين شهيد وجريح ، على الرغم من كون الشعارات التي رُفعت سلمية . فكل ما نادت به حناجر الشباب ، هو الحاجة الى تعزيز الروح الوطنية وجعل العراق وشعبة في المقام الاول مع تمتعه بإشاعة ديمقراطية حقيقية ، كي لا تبقى سطوة الدولة قشرة ممكن فضها عن جسم العراق الفدرالي الموحد.

  لذا فأصحاب القرار مدعوون الي تطبيق تصريحاتهم وخططهم التي أتخذت طابعا تخديريا الى واقع عملي وبأقصر وقت ممكن وعدم القاء تبعية ما جرى على الشباب المتظاهر ونعتهم بصفات مشينة.

ابحثوا  ايها المسؤولون عن من يخل بالوحدة الوطنية وتماسك المجتمع  في اجهزة الدولة وبين صفوف مستشاريكم وليس في ساحات المتظاهرين.  

عرض مقالات: