انتهى مؤتمر الكويت بتعهدات استثمارية بثلاثين مليار دولار, وبحسب ما تمخض عنه المؤتمر فان الاموال لن تسلم بيد الحكومة خوفا من ان تتلقفها جيوب الفاسدين المشرعة لابتلاع كل شئ بعد ان ابتلع الفاسدون المليارات الكثيرة من الموازنات الوطنية السابقة، و لولا هذا النهب المستمر لكان العراق في غنى عن مؤتمر الكويت او غيره, لكن المهم الان معرفة كيف ستتصرف الدول والشركات حتى تستثمر اموالها وهي تشترط ان تصرف هذه الاموال في المناطق المحررة من عصابات داعش الارهابية. ولابد ان للحكومة دورا تنفيذيا لإنجاز هذه المهمة من خلال شركاتها, فان كانت الحكومة ستعمل بنفس الاليات البيروقراطية والقوانين المعطلة فأن شيئا لن ينجز على ارض الواقع, ان الدمار الذي حل بالمحافظات التي احتلت من قبل الدواعش كبير جدا، شمل بناها التحتية ومؤسساتها الخدمية والتعليمية ومنازل سكانها التي اصابها تدمير يكاد يكون شاملا خاصة المدن التي كان القتال يجري فيها من بيت الى بيت, ان الحكومات المتعاقبة، ويوم كانت الموازنات انفجارية في السنوات السابقة، وقبل ان تتدهور اسعار النفط الى ادنى مستوياتها، عجزت عن اعادة تأهيل المئات من البنايات والمنشئات التي تعرضت الى القصف الجوي اثناء غزو القوات الامريكية للعراق, ومنشآت اخرى تعرضت للنهب والسلب بعد السقوط وتم احراق البعض منها. ورغم مرور اكثر من اربعة عشر عاما لازالت هذه البنايات شاخصة بالدمار الذي لحق بها اينما توجهنا، وعلى سبيل المثال وليس الحصر بناية وزارة التجارة في ساحة الخلاني التي تعرضت للحرق, وبنايات الاسواق المركزية وهي موزعة في عدد من احياء مدينة بغداد، كذلك مسرح الرشيد الذي لم يتبق منه سوى الهيكل الحديدي, دار الحرية ودار الجماهير للطباعة والنشر و حتى داخل المنطقة الخضراء هناك مبان لم يُعَد تأهيلها الى الخدمة.
ان الوسائل والاليات اذا ما بقيت على حالها في العمل فان اعمار ما خلفته الحرب مع داعش ربما يحتاج الى عشرات السنين، في الوقت الذي يتوجب علينا ان نسابق الزمن، فنحن في امس الحاجة الى توفير كل مستلزمات الامن والاستقرار والخدمات للنازحين لكي يمارسوا حياتهم بصورة طبيعية، وان يجد الابناء المدارس ليتعلموا، ويجد المرضى المستشفيات ليتعالجوا، وان تعود الجامعات الى سابق عهدها، وغيرها من المؤسسات الخدمية ذات الاهمية في حياة المواطن, الطريف ان الصين انجزت وبما يشبه الخيال بناء فندق من ثلاثين طابقا في خمسة عشر يوما، بعد ان استخدمت تقنيات جديدة مبتكرة. فهل نتمكن من الاقتراب ولو خطوة واحدة من ما تقدمه الصين من منجزات؟

عرض مقالات: