شاب يعيل ثلاثة قُصًرْ من عائلته يعمل ( عنده بسطة يبيع فيها حاجة بربع... يعني بربع دينار يعني بأقل من السنت بالعملة الصعبة ) ليكسب رزق يومه ليعيل نفسه وأُسرته في محافظة واسط ، وتأتي قوة لتسحق له عربته وما كان يحمله من حاجيات ، وبعد أن فقد ما كان يتكسب بواسطته ( العربة وما فيها ) ، وعدم امتلاكه لمصدر رزق أخر يعينه للاستمرار وأسرته على قيد الحياة .

لعسر الحياة وما يواجه هو وغيره من صعوبات ، وفي لحظة غضب عارم قام هذا الشاب وسكب على جسمه البنزين وأحرق نفسه ، وما لبث أن فارق الحياة .

السؤال يتكرر في كل ما شاهدناه ونشاهده وما سنشاهده مستقبلا هو ... من المسؤول عن تلك الجرائم ؟.. أقول تلك الجرائم ؟؟ وهل هناك من سيحاسب المتسبب في كل الذي يحدث ؟؟..

كنت قد رفعت قبعتي وانحنت قامتي وتمتمت بالدعاء لتلك الضحايا وأغلبهم في عمر الزهور وفي ريعان الشباب !..
ولكني أعتقد بأن ذلك لا ينفع بأن ندعو لهم بعد رحيلهم !..

ولا ينفع التأسف والحزن والصراخ في داخل نفوسنا المتعبة ، على ما جرى له ولغيره !..

لن أرفع كفي ثانيتا للدعاء من ( الله ! ) !!..

كوني متأكد بأنه سوف لن يعود الى الحياة ثانية أبدا !..

الشيء الوحيد الذي أقوله !..

بأن هذه الضحية التي (( قتلت نفسها حرقا ! ) نتيجة لعسر الحياة وقلة الحيلة والتدبر !..

أقول بأن المتسبب في إزهاقها وموتها وبصورة بشعة صادمة ، هو النظام السياسي الفاسد والذي سرق كل شيء في هذا البلد وترك الناس حفاة عراة من دون عمل ولا غذاء ولا دواء ولا تعلم ، هؤلاء السراق الفاسدين يتنعمون بخيرات البلاد والعباد يعيشوا  على دم ودموع وبؤس وشقاء الفقراء والمعوزين والمشردين !!..

هذه الصور الكارثية يعيشها شعبنا منذ سنوات ، ولسوف لن تكون هذه الصور الأخيرة ، وسنشاهد صورا وقصصا وروايات أكثر مأساوية وإيلاما وبشاعة وظلم ، إن بقي هؤلاء الفاسدون جاثمين على رقاب شعبنا دون مواجهتهم والتصدي الحازم والإرادة القوية ، لوضع حد لنهجهم وسياساتهم الحمقاء !!..

قناعتي راسخة بأن المخلص الحقيقي سوف لن يهبط علينا من السماء مطلقا لو بقينا في صوامعنا ومعابدنا ومساجدنا ، ندعوا للخلاص من وضعنا الكارثي لمليون عام قادمة !!..

على الناس أن تدرك هذه الحقيقة ، وأن تخرج من سباتها الذي طال أمده ومداه ، وتخرج وبهمة وتبصر ، للدفاع عن حقوقها المهضومة والمنهوبة من قبل من تحكموا في رقابكم كل تلك السنوات المرة العصيبة ، وتنتزعوا تلك الحقوق انتزاعا .

الحقوق والحريات والكرامة الإنسانية لا تمنح ولا توهب كحسنات وهبات ، ولكنها تؤخذ عنوة ، بقوتكم وعزيمتكم وتصميمكم وصبركم والثقة المطلقة بتحقيق النصر على مستغليكم ، وإلا سيكون مصيركم ليس بأفضل من مصير تلك الضحايا التي سبقتكم وتشاهدونها بأم ألأعين وأخرها ما نحن نتكلم عنه !..

نعود ونكرر إن بقيتم خانعين خاضعين تابعين ومستسلمين ( لقدركم كما يحلوا لسراقكم بتسويقه إليكم .. وهو كذب وخداع وتمويه على فسادهم وظلمهم ! ) ستلحقون بتلك الضحايا التي سبقتكم عاجلا كان ذلك أم أجلا ، وربما ينتظركم الأسوأ إن بقيتم في عبوديتكم وخنوعكم واستكانتكم التي دفعتم جرائها الكثير .

وبعكسه ستجترون الالام والأحزان والجوع والقهر ، ولن تنالوا من هؤلاء المتخلفين والضالين ، غير الوعود والكذب والتظليل والخداع ، هذا الذي يماره بحقكم خونة الشعب والوطن .

لم يتركوا وسيلة إلا واستخدموها ، بأساليب الخداع والمراوغة وشراء الذمم والتنكر للرأي المخالف والإلغاء والقمع ، وتحويل البعض من ضعاف النفوس والمرتزقة والمرابين ، الى شرطة عليكم يسومونكم سوء العذاب ، ويوظفوا كل شيء خدمة لمصالحهم الأنانية الضيقة وبأي وسيلة حتى وإن كانت وضيعة وقذرة ، وتحويل كل شيء الى سلعة للبيع والشراء ، بما في ذلك الإنسان والدين والقيم والأخلاق ، إنهم لم يبقوا على شيء إلا ودمروه ، وما يحدث لشعبنا من سنين وما زال ، إلا برهانا وتأكيد على الذي أصاب هذا البلد وشعبه وما تعرض اليه من جوع وجهل وتخلف ومرض وفساد وخراب ، وغياب الأمن والخدمات والبطالة إلا دليل على ذلك .

وما عليكم اليوم إلا النهوض وبجموع قوية ، لاسترجاع حقوقكم المنهوبة وكل شيء إليكم ، فأنتم أسياد هذا الوطن ولا سيد في هذه البلاد غيركم ولكم الأمر من قبل ومن بعد .