صدر قانون المخدرات والمؤثرات العقلية رقم (50) لسنة 2017 ونشر في جريدة الوقائع العراقية بالعدد (4446) في 8/آيار/2017 وأصبح نافذاً بعد مرور تسعين يوماً من تاريخ النشر أي بتاريخ 8/آب/2017 وتضمن القانون (51) مادة وألحق به (11) جدولا تضمن أنواع المخدرات المشمولة بأحكام القانون ويعتبر القانون تشريعاً متكاملاً ينظم جميع الجوانب المتعلقة بالمخدرات حيث احتوت المادة (1) منه تعريفاً بالتعابير والمصطلحات الواردة فيه لأغراض القانون في حين تضمنت المادة (2) منه أهداف القانون وأبرزها تطوير أجهزة الدولة المعنية بمكافحة الإتجار غير المشروع بالمخدرات أو المؤثرات العقلية وتكثيف إجراءات مكافحة الإتجار والتداول غير المشروع بالمخدرات والمؤثرات العقلية وضمان التنفيذ الفعال للمعاهدات الدولية ذات الصلة والوقاية من الإدمان ومعالجة المدمنين وتضمن القانون استحداث تشكيلات في الوزارات المعنية لضمان تنفيذ أحكامه أبرزها تأسيس الهيئة الوطنية العليا لشؤون المخدرات والمؤثرات العقلية في وزارة الصحة برئاسة وزير الصحة إضافة إلى ممثلين عن الوزارات والأجهزة ذات العلاقة تتولى وضع السياسة العامة لاستيراد أي نوع من المخدرات والمؤثرات العقلية وتصديرها ونقلها وإنتاجها وصنعها وتحليلها وزراعتها وتملكها وحيازتها وإحرازها والإتجار بها وشرائها وبيعها وتسليمها وتسلمها ووصفها طبياً وصرفها صيدلانياً وإدخالها بأية طريقة على أن يتم ذلك بموجب إجازة يصدرها وزير الصحة إضافة إلى التنسيق بين الجهات المصنعة ووضع الاستراتيجية الوطنية الشاملة لمكافحة الإتجار غير المشروع بالمخدرات وسوء الاستعمال واتخاذ الإجراءات اللازمة لمكافحة ظاهرة تعاطي المخدرات وغيرها من المهمات التي حددها القانون .
كما نص القانون على تأسيس (المديرية العامة لشؤون المخدرات والمؤثرات العقلية) في وزارة الداخلية تتولى مكافحة الجرائم المعاقب عليها وضبط المواد المخدرة والتعاون مع المكتب العربي لشؤون المخدرات وتوثيق البيانات عن العراقيين والأجانب المحكومين ومراقبة المجازين وفق القانون بالاستيراد والتصدير ومراقبة الناقلين وتبادل المعلومات مع الدول المجاورة وتنفيذ اتفاقيات التعاون القانوني والقضائي وتوجيه ومتابعة نشاطات مديريات شرطة مكافحة المخدرات في الإقليم والمحافظات.
ونص القانون على تأسيس مديرية شرطة في كل محافظة تتخصص في شؤون مكافحة المخدرات وتضمن الفصل الثالث من القانون ضمن المواد (8– 15) ضوابط منح إجازة الاستيراد والتصدير والنقل وشروط منحها في حين تضمن الفصل الرابع وضمن المواد (16 – 22) الضوابط الخاصة بوصفات الأطباء وصرف الصيادلة للمواد المخدرة أو المؤثرات العقلية وتضمن الفصل السادس ضمن المادة (23) النباتات الممنوعة زراعتها والفصل السابع ضمن المواد (24 – 26) تسجيل المواد المخدرة والمؤثرات العقلية والسلائف الكيمياوية ومراقبتها وتفتيشها ومن بين أهم ما تضمنه القانون ضمن فصله الثامن (العقوبات) والتي أوردها ضمن المواد (27 – 38 ) وعلى رأس هذه العقوبات ما ورد ضمن المادة (27) التي نصت على فرض عقوبة الاعدام أو السجن المؤبد لكل من ارتكب أحد الأفعال الآتية :-
استيراد أو جلب أو تصدير مواد مخدرة أو مؤثرات عقلية أو سلائف كيمياوية بقصد المتاجرة بها وإنتاج أو صنع مواد مخدرة أو مؤثرات عقلية بقصد المتاجرة بها وزرع نباتات ينتج عنها مواد مخدرة أو مؤثرات عقلية أو استورد أو صدر أو طور هذه النباتات وذلك في غير الأحوال التي أجازها القانون.
في حين نصت المادة (28) من القانون على فرض عقوبة بالسجن المؤبد أو المؤقت وبغرامة لا تقل عن عشرة ملايين دينار ولا تزيد عن ثلاثين مليون دينار كل من حاز أو اشترى أو باع أو تملك مواد مخدرة أو مخدرات عقلية مدرجة ضمن الجدول رقم (1) من القانون أو قدم على تعاطي مواد مخدرة أو مؤثرة عقلياً أو أسهم أو شجع على تعاطيها أو من استعمل مواد مخدرة في غير الحالات التي أجازها القانون أو أدار أو هيّأ مكاناً لتعاطي المخدرات أو المؤثرات العقلية أو أغوى حدثاً أو شجع زوجة أو أحد أقاربه حتى الدرجة الرابعة على تعاطيها كما نصت المادة على العقوبة بالسجن الشديد والغرامة بما لا يقل عن خمسة ملايين دينار ولا تزيد عن عشرة ملايين دينار على كل من حاز أو أحرز أو اشترى أو باع أو تملك مواد مخدرة أو مؤثرات عقلية أو سلمها أو تسلمها أو نقلها أو تنازل عنها أو تبادل بها أو صرفها بأية طريقة كانت أو توسط في ذلك بقصد الإتجار ونصت المادة (30) على العقوبة بالسجن المؤقت كل من اعتدى على موظف مكلف بخدمة عامة من القائمين على تنفيذ القانون أو قاومهم بالقوة .
ومن الجدير بالذكر أن وزير الصحة والبيئة ترأس اجتماع الهيئة الوطنية لشؤون المخدرات والمؤثرات العقلية في التاسع من تموز 2019 وبحضور أعضاء الهيئة والأمانة العامة لمجلس الوزراء وجهاز المخابرات والأمن الوطني ووزارة العمل والشؤون الاجتماعية ووزارة العدل ووزارة المالية والمنافذ الحدودية وشرطة الكمارك وصحة إقليم كردستان والمستشار الوطني للصحة النفسية ودائرة الأمور الفنية والطب العدلي في وزارة الصحة.
وتم خلال الاجتماع مناقشة الخطة المقدمة للسيطرة على انتشار المخدرات للأعوام (2019 – 2020) المعدة من قبل الهيئة وتم الاتفاق على وضع فترات زمنية لتنفيذ كل نشاط رئيس في الخطة من قبل الجهة المنفذة من أعضاء الهيئة والتنسيق فيما بينهم والتأكيد على التنسيق بين الجهات الأمنية في عملها في المنافذ الحدودية وعرض تقرير من الرقابة الدولية على المخدرات وطرح عدد من المقترحات المهمة منها تخصيص مبنى من قبل مجلس الوزراء ليكون مركزا لعلاج الادمان وإضافة ممثل عن وزارة التربية والتعليم العالي إلى عضوية الهيئة لكونهما معنيتان بحملات الوقاية والتحصين من آفة المخدرات ومخاطرها على الطلاب في المدارس والكليات وتم الخروج بتوصيات منها إقرار الخطة الوطنية خلال اسبوعين ورفع المقترحات المهمة إلى مجلس الوزراء وتشكيل لجنة تضم منظمات المجتمع المدني تتولى مهمة الوقاية من آفة المخدرات وإضافة ممثل من التوعية الإعلامية من قسم الإعلام والتوعية الصحية في وزارة الصحة إلى الهيئة العليا لشؤون المخدرات والمؤثرات العقلية .
من خلال اطّلاعنا على نصوص القانون نجد أنه يتضمن عقوبات رادعة في حالة تطبيقها تكفي لردع كل من تسول له نفسه التفكير بممارسة نشاط تجاري في هذا الميدان أو حتى مجرد تعاطي هذه السموم القاتلة. حيث أن مؤشرات تزايد الإتجار بالمخدرات تشير إلى عدم التطبيق الجدي والفاعل لنصوص هذا القانون الحيوي حيث إن عمليات الإتجار والتعاطي للمخدرات أصبحت تشكل تهديداً كبيراً للمجتمع من خلال التفكك الأسري وازدياد الجريمة خاصة مع عدم وجود سيطرة فعلية للدولة على المنافذ الحدودية التي تشكل المورد الرئيس لهذه السموم القاتلة خاصة بعد مرور سنتين على نفاذ القانون وتقع المسؤولية لتطبيق هذا القانون على جميع أجهزة الدولة وعلى رأسها وزارة الداخلية ووزارة الصحة وأن الضغط لتنفيذ أحكام هذا القانون يقع أيضاً على عاتق سلطات الدولة الثلاث التنفيذية والتشريعية والقضائية إضافة إلى المجتمع المدني الذي يجب أن يسهم وبشكل فاعلي في الضغط على أجهزة الدولة في هذا المجال حيث أن تنفيذ أحكام هذا القانون لتخليص المواطن العراقي من هذه الأزمة يعد مسؤولية وطنية تقع على عاتق الجميع من أجل النهوض بها .

عرض مقالات: