قَلِيلُ التَشَكّي لِلمُصِيبَاتِ ذَاكِرٌ ... مِنَ اليَومِ أَعقَابَ الأَحَادِيثِ فِي غَدِ

على الموتى أن يخرجوا رؤوسهم من القبور ليروا ما فعلنا بعدهم، وما كنا على وشك كتابته ولم نكتبه لأنّنا نخاف الاقتراب من الوجع ومن الغياب.

هل يطربنَّك يا زمانُ نعائي؟
أم أنكَ استعذبت ماءَ بكائي؟ .

بألم وحزن عميقين تلقينا قبل قليل نبأ رحيل الأديب والشاعر إبراهيم الخياط الأمين العام للأدباء والكتاب العراقيين ، في حادث سير مؤسف بين دهوك وأربيل .

تعرفت على الراحل أبا حيدر عام 2003 م في مقر محلية ديالى بعد عودتي من المنفى وانهيار الصنم ونظامه المقبور بعيد الاحتلال الأمريكي للعراق في 9/4/2003 م .

كانت تربطنا علاقة رفقة وصداقة ، ولم أتعرف عليه عن قرب !.. 
تواجدي بشكل يومي في المقر المركزي لمحلية ديالى للحزب الشيوعي العراقي ،من خلالها توثقت علاقتي بالرفيق الراحل رويدا رويدا .

كان له حضور لافت في إدارته للكثير من الندوات والمهرجانات الثقافية والسياسية ، وأدار ندوة ثقافية وسياسية عندما زار محافظة ديالى وزير الثقافة الرفيق مفيد الجزائري وبحضور جمع كبير من أبناء وبنات محافظة ديالى ، وكذلك حضور الراحل محي الدين زنكنة الأديب الكبير ، في مقر الحزب وفي احدى القاعات في مدينة بعقوبة ، والأخيرة كانت بإدارة الراحل الخياط ، وما زلت أحتفظ بتسجيل الندوتين على قرص سيدي خاص بتلك الندوتين .

إبراهيم الخياط تولد 1960 م بعقوبة متزوج ، وكان يعمل في صحيفة طريق الشعب لفترة .

له ديوان ( جمهورية البرتقال ) وهي أولى مجموعاته الشعرية .

و حمل الغلاف الأخير رأيا للناقد “فاضل ثامر” قال فيه : (إبراهيم الخياط شاعر يمتلك صوتا مميزا بين أقرانه؛ شاعر يذكرني بالسياب وبسعدي يوسف، فهو يمتلك ناصية اللغة ويجعلها تتصدر التجربة الشعرية . ولغته تراثية أنيقة قلما يقترب منها شاعر مُحدث ؛ ربما فعل ذلك السياب ؛ لغة قد تكون “جواهرية” في نصاعتها وإشراقها ] الموضوعة بين هلالين منقول من حسين سرمك حسن : إبراهيم الخيّاط في : جمهورية البرتقال الحزين / الناقد العراقي .

رحيل أبا حيدر خسارة كبيرة .. وكبيرة جدا ، ولا يمكن تعويضها بسهولة ويسر .
يذكرني رحيل الخياط برحيل الأديب الكبير بلند الحيدري الذي وافاه الأجل أثناء اجراء عملية جراحية في لندن .

وأثناء خروج جثمان الفقيد بلند الحيدري من إحدى مشافي لندن ، كان يجلس على متكأ الشاعر الكبير نزار قباني فجاء أحد المراسلين لقناة تلفزيونية يسأل عن شعوره وهو يودع بلند !..

فأجابه وعلى الهواء مباشرة قائلا: رحيل شاعر كبير أو مفكر كبير أو مثقف كبير هو أشبه بسقوط نيزك وحريق روما !.. وتساءل كم سنة أو عقد أو قرن لتنجب لنا البشرية عالما ومثقفا وأديبا أو أديبة وعالمة ومثقفة ؟.. كم ؟ ..

نعم رحيل هؤلاء الكبار في أدبهم وعلمهم وثقافتهم يمثل خسارة كبيرة لحاضر ومستقبل وطننا وشعبنا .
كم جواهري يحتاج شعبنا من السنين ليصنع مثله !.. وكم يحتاج ليبعث لنا كامل شياع من جديد أو عبد الوهاب طاهر أو قاسم عبد الأمير عجام و بلند والسياب والبياتي وعلي الوردي وعبد الجبار عبدالله ومصطفى جواد والقائمة تطول .


السؤال هو !..

من المسؤول عن حوادث الطرق وما هي الأسباب ؟..

وكيف لنا أن نجنب الناس هذا الموت المجاني ونحفظ حياتهم ؟.. كيف ؟

كل يوم نسمع ونشاهد عبر شاشات التلفاز الحوادث المروعة لتحصد المزيد من الضحايا ، وتشيع الحزن والرعب والخوف أثناء تنقلاتهم في الطرق الداخلية والخارجية على حد سواء !..


هل هناك من يسعفنا ويرسل برسائل تطمين ، من خلال الاهتمام الاستثنائي بإصلاح الطرق ووضع الإشارات والعلامات والارشادات المرورية ، ومراقبة السرعة والحد من تهور البعض وتهديد حياة الناس .

لا يسعني في هذا المصاب الجلل والحادث الأليم ، إلا أن نتقدم بجميل المواساة والصبر لعائلة الفقيد ولذويه ومحبيه ، ونقدم أصدق مشاعر التضامن والمواساة لاتحاد الأدباء والكتاب وللمثقفين والشعراء ولشغيلة الفكر على هذا المصاب الجلل . 
وللفقيد الرحمة والخلود الأبدي .


هذه قصيدة اخترناها من مجموعته الشعرية :

صباح الخير --- بعقوبه
صباح الخير على الشاخه
على الصبح
على الاحبه
على شارع ,الاطبه ,
على المساطر المكتضه بالفجروالعمال والعبوات
على ,العنافصه, الناطره
على الملايه ,مائده,
على ,ماهي,
على المقاهي
على السوق ماشاء الله
على المناره الشاهده
على المناره الشهيده
على اسرارنا النائمه
على مرقى ,ابوناظم,اليقضان
على الجيران
على العميد البلديّ
على ,السراي,العظيم
على دارة السيد عبد الكريم
على ,المحروك,الذي لايرحل’
ولايقيم
على الشريف وماطوى
على الجنه والجحيم
على السجن والحمامه
على المحافظ و’فوزيه’
على الشهداء والقتلى
على المحطه والمسّفرين
على قطار الساعه السابعه
على ’السفينه’المواره
على الشبوي
على مشكاة ’مؤيدسامي ’
على ’ ياسين’ الدقيقه والحقيقه
والرؤى
عليك يا ’ام الّنوى ’
على جرف الملح ,وجرف الحّلو’
وجرف الهوى
على القلق الشمسيّ
عند الفوتو ’حسن’
على بنات الحسن
على البنات
على ’ شفته ’العيون التي
تحلم’ بها العدسات
على الاقمار المخبوءه في العباءات
على النخل المثقف والنبق
والفردقال
على قنطرة الغائبين
على الحالمين
علينا
على الكورنيش الذي عاد الينا
على ’المقر’ العالي
على الليالي
على الرحيق المختوم
وعلى المعلم الجميل
خليل ’
صباح الخير --- صباح الخير --