منذ ما يقرب الشهرين تعرضت الى مشاكل صحية في المثانة والبروستاتا ، وصاحبها مشاكل أُخرى في أدائهما الوظيفي !..
وبعد مراجعتي للطبيب الخاص قام بتحويلي الى المشفى في مدينتي ( نستفد ) .
وبعد الفحوصات السريرية والتحاليل ، قرروا أن يأخذوا عينات من غدة البروستاتا .
وفعلا أخذوا اثنتي عشرة عينة وأرسلوها الى المختبر للفحص والتحليل .
وبعد أسبوع ذهبت الى الموعد الذي حددوه لي سلفا .
فأخبروني بأن نتائج الفحوصات لتلك العينات قد أظهر في ثلاث من الاثنتي عشرة عينة ، بوجود سرطان خبيث .
فقرروا إجراء فحوصات لنوعين من الصور الشعاعية بما في ذلك أشعة الرنين .
وبعد أسبوع من أخذ الصور وتحليل الدم والفحص السريري ، أعطوني موعدا مسبقا ، للحضور وعمل كونترول وإعلامي بالنتائج النهائية وما سيقررونه بعد دراسة ما ظهر في التحليل والصور والفحص السريري ، وكان موعدي معهم اليوم 19/8/2019 م الساعة الثانية وعشرون دقيقة من بعد ظهر اليوم .
وخلال هذه الفترة العصيبة والمقلقة التي عاشتها العائلة ، وقلقي الشديد على مسار حياتنا إن ظهرت النتائج بأسوأ مما أخبرونا به ، بانتقال السرطان الى مناطق أخرى في الجسم .
وكنا جميعا ننتظر ظهور النتائج وبترقب وقلق ، تكتنفه هواجس كبيرة ، وخوفهم الشديد على حياتي ، وانعكاسات ذلك على حياتهم وعلى مستقبلهم وما سيصيبهم من كَدَرٍ وحزن وكأبة ، وما يترتب على ما سيتركه من أثر بالغ على حياتهم.
ولا أخفي قلقي الشديد على زوجتي بشكل خاص والعائلة بشكل عام ناهيكم عن الأهل والأخوة والأخوات والأقرباء والأحبة من أثر سلبي يشيع الألم والحزن والأسى .
بالحقيقة كنت في هذه الأيام العصيبة القاهرة متماسكا وجلدا صابرا ، وعملت بكل قوة وتصميم على أن أساعدهم في تخطي السوداوية وقلة الحيلة ، والتشبث بالأمل كوسيلة وحيدة لمواجهة هذا الواقع الذي فرض علينا ومن دون أن يكون ذلك بالحسبان ولم يخطر على بال أحد .
اليوم ذهبنا ترافقني الغالية ابنتي تانيا ، بالرغم من حرصي الشديد على عدم مرافقتي كي لا تتعرض الى صدمة عنيفة لو تبين بأن النتائج كانت أسوأ من الذي أخبرونا به قبل إجراء الفحوصات والصور الشعاعية التي أجريتها أخيرا ، ولكن ابنتي أصرت وبعناد شديد على مرافقتي والتعرف على حقيقة وضعي الصحي ونتائج كل ذلك وما سيقرره الأطباء .
ذهبنا اليوم وفي الموعد المحدد !..
ودخلنا على الغرفة المخصصة للمعاينة والفحص والمحادثة ، واستقبلن الدكتور رئيس القسم ترافقه دكتورة أخرى !..
وبعد الترحيب بنا وبدماثة معهودة على الطاقم الطبي وابتسامة منهما وبكل احترام وود وتواضع لا يخلو من عاطفة وحنان وتفهم لوضع مريض مصاب بالسرطان .
فبادرونا وبخفة الظل !.. مبروك يا سيد صادق كانت الفحوصات التي أجريناها نظيفة ، والمرض لن ينتقل الى أي مكان أخر أبدا ، ووجوده ينحصر في البروستاتا فقط ، وهذا شيء إيجابي جدا .. هذا ما قاله الطبيب !..
واسترسل قائلا بأن السرطان لا يزيد حجمه عن حبة الحمص وقد لا تحتاج الى أي علاج !..
ومع هذا سنتداول في هذا الأمر مع لجنة متخصصة إن كانوا يعتقدون بحاجة الى علاج في الإشعاع أو غيره .
وأردف يقول حسب اعتقادنا لا حاجة لأي علاج في الوقت الحاضر ، وسنقوم بمراقبة وضعك الصحي كل ستة أشهر للتأكد من سكون السرطان وعدم مزاولة نشاطه خلال تلك الفترة ما بين فحص وأخر !..
دمعت عينا تانيا مع ابتسامة عريضة وقبلتني وأثنت على الطبيب والطبيبة وما أخبرونا به من أخبار سارة ، والتي أزالت عنا كاهلنا الوجوم والانتظار والترقب والقلق الشديد طيلة الفترة العصيبة ، ما بين اكتشاف المرض وحتى هذه الساعة ، والتي كانت صعبة جدا وقاسية .
قبل أن نخرج مودعين الطبيبين قال !..
عليك أن تمارس حياتك بشكل طبيعي ولا تقلق أبدا وأرجوا أن تكون بعافية وهناء وسعادة ، ولتسعد أنت والعائلة بحياة جميلة وسعيدة .
وأحب أن أُضيف شيء مهم !..
كل الفحوصات والتحاليل والصور والفحص السريري بالمجان !..
هذه الملاحظة نوجهها الى حكومتنا العراقية ولوزارة الصحة والقائمين على إدارة المشافي والمراكز الصحية .
كم كان وقع لقائنا هذا على العائلة سعيدا وبهيجا .
حقا الصحة كنز عظيم على الجميع أن يحرص على هذا الكنز الثمين والذي لا يقدر بثمن .
المسألة الأُخرى والتي لا تقل أهمية عن العلاج وسرعة التشخيص ، باستخدامهم كل الوسائل والتقنيات الحديثة المتاحة ، وتسخيرها لخدمة الإنسان والمحافظة على صحة المريض وسلامته وراحته .
المسألة الأكثر أهمية !..
تعامل الطبيب وطاقم المستشفى والقائمين على رعاية المريض ، هذا التعامل الإنساني والأخلاقي الرفيعين .
يأدون ما عليهم من مسؤولية بكل تفاني وإخلاص وبضمير ، يعكسونه كسلوك يفيض بالإنسانية والاحترام والتقدير .
ليت مشافينا والكادر الطبي والإداري يرقى الى مصافي مشافي هؤلاء [ الكفار! ] وأزيدكم علما بأن في هذا القسم أربعة أو ربما أكثر من أكفأ الأطباء العراقيين. .
أتمنا أن ينصب اهتمام الحكومة ووزارة الصحة والقائمين عليها ، بالاهتمام والرعاية الشديدتين لتلك المشافي ، وأن ترعى هذه الصروح الطبية المتهالكة والبائسة ، وترعى المريض وتقوم على خدمته ، ورصد الأموال الكافية لتطوير المستشفيات والمراكز الصحية ، ورفدها بكل التقنيات الحديثة وتوفير الأدوية للمريض وبالمجان ، ورعاية الطاقم الطبي وحمايته ومكافئته على ما يقوم به من جهد وما يتعرض إليه من تهديد ووعيد والتدخل في عمله وفي أدائه ، والذي هو أحد الأسباب التي تدفع بمئات الأطباء الى الهجرة الى دول أوربا وأمريكا وكندا .
مشافينا في العراق تفتقر الى الحدود الدنيا من كونها مشافي تعالج بشر ، إنها تفتقر الى النظافة والتجهيزات وأسرة وفرش وأغطية نظيفة ، وتفتقر الى المختبرات والأجهزة والمعدات بشكل متطور ويسد الحاجة الفعلية ، وعدم توفر الدواء في صيدليات المشافي والمراكز الصحية ، وقلة الكادر الطبي والمشافي والمراكز الطبية ، مقارنة بعدد نفوس المنطقة أو القرية والناحية والمحافظة ، والإهمال المتعمد للأغذية الصحية التي يجب أن تقدم للمرضى .
غياب الرقابة والمحاسبة واستشراء الفساد والفاسدين ، يجب منع التطاول على الاعتداء على الطواقم الطبية وتحت ذرائع وحجج واهية من قبل ( العشائر والمجاميع المسلحة والخارجين عن القانون وبعض المحسوبين على الأحزاب الحاكمة ! ) ووجوب فرض القانون على الجميع والدفاع عن هيبة الدولة .
يجب توفير الأدوية مجانا لذوي الأمراض المزمنة والاحتياجات الخاصة وللأرامل والثكالى ولكبار السن وللأطفال وبالمجان ، وتحسين الرعاية الصحية للأُمومة والطفولة .
نتمنى للجميع العافية الدائمة والحياة الخالية من الأمراض والفاقة والحرمان والعوز والفاقة .
نتمنى أن تقوم في العراق مشافي ومصحات ومراكز صحية تليق بالإنسان !..
لا كما هي عليها اليوم ، هذه الصروح من تدني في الكم والكيف ، وأن تكون على أقل تقدير مثل أقرانها في المحيط الإقليمي والعربي والدولي إذا لم تكن أفضل وحتى لا يضطر الألاف من العراقيين للعلاج خارج العراق واستنزاف ما لديهم من أموال على شحتها .
19/8/2019 م
الدنمارك