هل كانت الشيوعية قبل فتوي محسن الحكيم غير ملحدة وكافره ؟.. ولماذا نسمع تلك المعزوفة بين الفترة والأخرى ؟.. وما المراد في هذا العداء عند البعض ؟؟..
سأل أحد الأخوة السؤال ، عن فتوى المرجع الديني في فترة الستينات ، السيد الحكيم رحمه الله .
هذا السؤال .. قديم بقدمه وجديد متجدد اليوم !!.. فهو مكسور وصدئ بائس ، يحاول خصوم الشيوعيين إشهاره بين فترة وأخرى .

غايته وهدفه للتصدي وبكل الطرق المشروعة وغير المشروعة ، وبأساليب لا تخلو من الريبة والشك والإساءة لهذه القوة الوطنية والمخلصة ، النظيفة فكرا وفلسفتا وسياسة وعقلا ويدا ، والحياة زكتهم وشهد لهم الخصوم قبل الأصدقاء ، كونها قوة لا ينازعها أحدا في الوطنية وصدق توجهها ووضوح سبلها وأهدافها ، ومناصرتها للضعفاء والكادحين ، ولاستقلال العراق ورخائه وازدهاره وتماسك نسيجه الاجتماعي .

رغم هذا ..! وما لم نذكره من خصال ومزايا لهؤلاء الأوفياء الجوادين بالنفس والنفيس للشعب والوطن !..

فمازالت بعض الأصوات النشاز تنعق وعبر وسائلها المتاحة من منابر وفضائيات ووسائل إعلام مختلفة !.. وترفع الشعارات سيئة السمعة والصيت ( يا أعداء الشيوعيين أتحدوا .. جهارا وفي الخفاء ) !!..

منهم من يرفعه جهارا نهارا ، ودون حياء ولا ضمير ، ومن دون خشية ولا خجل ، بالرغم من أن العراق دولة ديمقراطية أو هكذا من المفترض أن نكون ، بأننا في ظل ( دولة ديمقراطية !!!... ودولة تدين بالمواطنة والوطنية وقبول الأخر !!.. ) حسب الدستور العراقي ، وما يدعيه نظام الإسلام السياسي الحاكم ، وما يسوقونه في خطبهم وما يعضون به من على منابرهم ولقاءاتهم مع القوى السياسية ومع الشيوعيين في لقاءاتهم واجتماعاتهم !..

ولكنهم لا يمتون الى هذا الواقع بشيء أبدا !.. فهم ألد أعداء المواطنة والرأي الأخر والديمقراطية والشيوعية !!...
فما رأيكم أيها الناس من كل الذي يحدث من نهج هذه القوى الظالمة ، وما يسوقونه من سياسات ؟..

وكم من السنوات نحتاج لكي نخرج من مستنقع وظلام هذه السياسة الميتة ، والى أي كارثة يسيرون بشعبنا ، جراء نهجهم هذا ، الذين يسيرون بالبلاد والعباد في منزلقات خطيرة ومدمرة للحياة على أرض العراق ؟..

أين نحن من دولة المواطنة ومن التعددية ومن ( الدولة الديمقراطية المزعومة !!!؟؟ ) .
هذا السؤال ربما لا يريد أن يفقهه البعض ، بل لا يريد أن يسمعه ، فهو مبهم وحمال أوجه من وجهة نظرهم !...
لا أدري ما المقصود بالإلحاد ؟ .. في قاموس اللغة يعني الإنكار ؟... أم يريدون به التكفير ويفسرونه كما يحلو لهم ؟ ..
فإذا كان المقصود به الإنكار ؟..
فهذا يعني بأن الجميع مؤمنون ، والجميع ملحدون في الوقت نفسه ، كون الإلحاد إنكار ما لا أُؤمن به !.. والإيمان يعني كل ما أقر وأؤمن به وأعتقد .
أما الكفر والتكفير بالمنظور الديني فهو إنكار كل ما يخالف قواعده وأحكامه وفلسفته ونصوصه ، وشتان ما بين الأثنين !..
الشيوعيين لا ينكرون على أحد معتقدهم وما يؤمنون به ، وللأخرين الحق الكامل في ذلك .
وفي نفس الوقت لا يحق للأخرين إنكار حق الشيوعيين في ما يعتقدون وما يؤمنون .
فكرهم وفلسفتهم ونهجهم يقوم على الاختيار الحر والتعددية وقبول الأخر ، وهم ماديون في نظرتهم وتفكيرهم ونظرتهم لحركة الكون والمجتمع ، وتقوم على أساس قوانين الديالكتيك والعلم والمعرفة .
ويقرون بكل القوانين العلمية والفلسفية في تفسير وتطور الحياة الكونية وقوانينها الوضعية ، وكل ما حصل من تطور في مختلف العلوم الإنسانية ، والعلوم المادية وقوانينها .
هذا ينسجم مع حركة الكون وقوانينه وما تم اكتشافه ، وجميعها جاءت منسجمة مع حاجات المجتمع البشري والناظمة والميسرة للبشرية وتقدمها .
وأعتقد بأن فتوى السيد الحكيم في فترة أوائل الستينات ، جاءت نتيجة لضغوط سياسية أكثر منها فتوى شرعية ، وهي بنت زماناها .

ولم تكن تلك الفتوى قد أضفت على المشهد السياسي في حينه شيء يعتد به ، بل العكس خلقت فجوة عميقة ألحقت الضرر البالغ بالمشهد السياسي في تلك الفترة الزمنية المشوبة بالصراعات والتمزق والشقاق .
واليوم هناك محاولات محمومة ومعادية لتطلعات شعبنا في التعايش وإشاعة السلم المجتمعي والعمل على إعادة بناء دولة المواطنة وتحقيق المساواة والعدالة وإعادة الأمن والسلام لربوع هذا الوطن الجريح والممزق .

سياسة العداء للشيوعية هذه ، تعني العداء للشعب وللتعايش وللسلام وللمواطنة ، والعداء للشيوعية لا ينتقص من مكانة الشيوعيين ، ومن هويتهم ومن نهجهم المنحاز  الى  جانب الشعب وقواه الخيرة ، بل العكس فإن العداء للشيوعية ينتقص من مكانة وسمعة ومكانة من يعادي الشيوعيين ، وهذه حقيقة ناصعة قد زكتها الحياة .

العراق وشعبه يحتاج الى اليوم تظافر جهود كل الخيرين والوطنيين ، الحريصين على شعبهم ووطنهم ، ولإعادة الحياة لهذا البلد العظيم بأهله وتراثه وتأريخه وما يمتلك من خيرات مادية ومواهب بشرية .

التعاون والتعايش والمشاركة الفاعلة لبناء حاضر ومستقبل البلاد والعباد ، هو المطلوب والمرغوب ليكون هدف كل من يعز عليه وطنه وشعبه ، وليس العداء والإلغاء والإقصاء والتنكر للدستور والقانون ولمبادئ الحرية والديمقراطية .

إشاعة السلام والمحبة والفرح ، هو المطلوب والمرغوب اليوم ، وليس خلق النزاعات الفكرية والسياسية والطائفية والعنصرية ، والواجب يحتم علينا جميعا السعي الحثيث لتحقيق هذه الأهداف والقيم النبيلة وليس العكس .


وليس العداء لأصدق وأخلص قوة سياسية وفكرية تعمل على الساحة العراقية منذ تسعة عقود ، تتميز بالوطنية والنزاهة ونظافة اليد ، وصدقها وصواب نهجها وحبها العظيم لشعبها ، التي تفخر بأنها قدمت في سبيل ذلك وما زالت سخية بالتضحيات ، وذادت عن حياض الشعب والوطن بالنفس والنفيس .

هؤلاء هم صفوة مناضلي شعبنا .. إنهم الشيوعيين وحزبهم المجيد ، وسيبقون مزهر الكون وقاطرة التأريخ ، المدافعين الحقيقيين عن الشعب العراقي وعن خير البشرية وسعادتها وأمنها ورخائها .

من دون ترفع واستعلاء ، وبتواضع ومحبة وود ، لكل قوى شعبنا الخيرة ، الذين يتفقون معنا ويسيرون وفق رؤيتنا التي تمثل تطلعات وأماني قوى شعبنا الخيرة المناضلة والساعية للغد السعيد .

والاعتزاز والتقدير موصول لكل من يختلف معنا ويخالفنا الرأي في ما نراه وما نعتق به ، فالخلاف في الرأي لا يفسد للود قضية .