من عمق معاناة الكادحين والبسطاء والمهمشين، وٌجد حزب الشيوعيين العراقيين ليكون وسط الجماهير وحركتها الوطنية والديمقراطية، مناضلا من اجل الدفاع عن قضاياها الوطنية ومطالبها الاجتماعية والاقتصادية والسياسية بعزيمة لا تلين ضد مضطهدي الجماهير وسالبي حقوقها وواضعي القيود حول اعناقها خوفا من الكلمة الحرة الموجهة للأنظمة المتجبرة والمتنفذين الماسكين بالسلطة.
وفي طريق الحزب هذا الذي انحاز فيه الى الجماهير قدم رفاقه الاف الشهداء والمفقودين وسجناء الراي والمعتقد ، ولكنه ظل وفيا لمبادئه منحازا الى الكادحين رغم ما تعرض له رفاقه من تنكيل وبطش على ايدي الانظمة الرجعية و الفاشية تلك التي مرت بالعراق ، وكان في كل مرة يخرج من محنته تلك ليكون من جديد بين اوساط شعبه التي بقيت سدا منيعا لحمايته وعونا في استعادة عافيته ،لأنها تعرف جيدا مدى اخلاصه لها والنضال من اجل تحقيق وطن حر وشعب سعيد ينعم فيه جميع المواطنين العراقيين بحق المواطنة ، متساوين بالحقوق والواجبات من خلال معايشة حقيقية زكتها الحياة ، واغنتها بما فيه الكفاية ،ولان الحزب الشيوعي العراقي يستمد سياسته على ضوء ما تطرحه الحياة من مشاكل ومصاعب ومعاناة، تتراكم لتتحول الى صراع سياسي بين المضطهًدين والمضطهدين ، يقود الى اشتباك يحدده حجم الاستغلال واساليب الحكم في قمع الاحتجاجات الجماهيرية ، وهنا يأتي دور الحزب لتبني مطاليب الجماهير ، والنضال من اجل تحقيقها.
ان الحزب الشيوعي العراقي كان وسيبقى يستمد سياسته من الواقع الاجتماعي المعاش لأبناء الشعب وخاصة طبقاته الكادحة والمهمشة ، تعكس في مؤتمرات الحزب ، لدراستها وتحويلها الى برامج عمل ، يهب رفاق الحزب واصدقاءه لتجسيدها واقعيا ، اخذا بنظر الاعتبار المتغيرات السريعة و التحولات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية ، وشدة انعكاساتها على حياة العراقيين ، وموقف نظام الحكم من ذلك ،وهذه السياسة تٌفحص دائما في اجتماعات لجانه المركزية ، من خلال ما يصلها من جسد الحزب على شكل مقترحات وملاحظات ونقد هادف، لتطوير سياسة الحزب باعتباره رقيبا ، ضمن ما كفله النظام الداخلي للحزب الذي يحدد واجبات الرفاق وحقوقهم داخل الحزب بضمنها نشر الآراء ووجهات النظر المخالفة ، التي تنشد تطوير سياسة الحزب بما يتلاءم والمستجدات ، على ان لا يعيق ذلك الالتزام بتنفيذ قرارات الحزب ،وقد وقف اعلام الحزب مع هذه الوجهة ،وبما ان جسد الحزب يتحرك وسط الجماهير يتلمس مشاكلهم ومعاناتهم وبماذا يفكرون ،ليعكسها الى داخل الحزب لمناقشتها من قبل العقل الجماعي ، لتحويلها بعد تدقيقها وصياغتها الى فعل ، هذه الالية المتبعة داخل الحزب هي سر نجاحه وتجاوزه للصعاب ، اما بدونها فسوف تغيب عنه الرؤيا السليمة للأحداث ، ورسم السياسة الصائبة تجاهها.
ان الديمقراطية الحزبية داخل الحزب وخاصة بعد مؤتمره الخامس قد تجسدت بشكل جيد في خطابه السياسي، من خلال اشراك القواعد في رسم سياسة الحزب وتدقيقها في مؤتمراته، حيث تقيد خطابه بالثوابت التي حسمها مؤتمر الحزب العاشر، وجسدها شعاره من اجل التغيير ......دولة مدنية ديمقراطية.. عدالة اجتماعية ....
واليوم وامام الظروف الصعبة الداخلية والخارجية التي تحيط بوطننا وشعبنا والتي سببتها القوى المتنفذة ونظامها المحاصصي ونهجها الطائفي، والتي كان أبرزها الارهاب والفساد الاداري والمالي.
برزت امام الحزب ومنظماته مهام ملحة:
_ تعزيز وحدة الحزب الداخلية، وتوجيه منظماته حيث تكون الجماهير وقضاياها.
مع التحشيد المستمر المتواصل لدعم زخم الحراك المدني والشعبي، السند الحقيقي للتغيير الذي تنشده القوى المدنية الوطنية و الديمقراطية من اجل مشروعها الوطني العابر للطائفية ، وانهاء نظام المحاصصة المقيت وما سببه من الام ومعاناة لأبناء الشعب ،وتطهير مؤسسات الدولة من الفساد حليف الارهاب ، لبناء دولة المواطنة والقانون والعدالة الاجتماعية ، وهذه المعركة مع حلف المتنفذين الفاسدين ليست سهلة، تحتاج الى تحالف يسع لكل القوى المدنية الوطنية والديمقراطية ،وهذا ما سعى اليه الحزب الشيوعي العراقي والقوى المدنية الديمقراطية، بعد ان ادرك ان ازمة نظام المحاصصة ونهجه الطائفي لا يمكن حلها ، الا بتغيير ميزان القوى وعبور دولة المكونات الطائفية نحو دولة المواطنة وكسر احتكار السلطة ،ببناء تحالف انتخابي يجمع القوى المدنية الوطنية الديمقراطية، الرافعة الحقيقية للتغيير ، فكان تحالف سائرون الذي جمع الحزب الشيوعي حزب الاستقامة الوطني المدعوم من السيد مقتدى الصدر وبقية الاحزاب المدنية الوطنية الديمقراطية التي التقت جميها على برنامج انتخابي ،هدفه عبور الطائفية الى الدولة المدنية دولة العدالة الاجتماعية دولة المواطنة ،على ان يحتفظ كل طرف من هذه الاطراف باستقلاليته الفكرية والتنظيمية.
ويبقى هذا التحالف مفتوحا لكل المخلصين الوطنيين نظيفي الايادي النزهين الحريصين على الوطن والشعب، طالما ان هناك هدف جامع لنضالهم المشترك ضد الفساد ومن اجل التغيير والاصلاح.