وانتهى فيلم الانتخابات الاسرائيلية الذي شارك في انتاجه ادارة الرئيس دونالد ترامب الذي دعم بقاء اليمين الاسرائيلي في السلطة والحكم، رغم أنه لا يوجد يسار في اسرائيل، ولا توجد قوى سلام فاعلة. وغالبية الفائزين هم من أنصار دعاة اليمين الاسرائيلي الاكثر تطرفاً من أي وقت مضى.

 قد يقول كثيرون أن فرص تحقيق سلام قد اختفت مع هذه النتائج، وكأن هناك أية فرص لذلك، إذ أن الحكومة الاسرائيلية السابقة أو الآتية لا تريد "سلاماً"، ولا تريد "اتفاقاً"، وهي ماضية وستواصل المضي في سياسة التوسع والاستيطان والضم بدعم كبير وأعمى من ادارة الرئيس الاميركي دونالد ترامب.

 والتساؤل الذي يجب طرحه وبكل صراحة: هل نتيجة الانتخابات الاسرائيلية تُرعبنا أو تُخيفنا؟

 والجواب واضح أن هذه النتيجة كانت معلومة مسبقاً إذ أن اليمين المتطرف هو المسيطر على الحكم. وستأتي حكومة أكثر تطرفاً وأكثر تشدداً. واذا كنا نعتمد على أنفسنا، وحساباتنا دقيقة، وسياستنا وخطواتنا مدروسة فان هذه النتائج لن تخفيفنا بل هي لصالحنا على المدى البعيد لعدة عوامل وأسباب.

 فالسبب الأول يكمن في أن تعزيز الاستيطان وتوسيعه سيخلق بعد سنوات دولة داخل دولة اسرائيل، وقد تدخل الدولة في صراع داخلي وخاصة أن المستوطنين يحظون بميزات عديدة على حساب المواطنين المقيمين داخل حدود اسرائيل قبل 4 حزيران 1967. كما ان هذا الاستيطان سيشكل "سمعة" سيئة لدى دول العالم وقد يحوّل دولة اسرائيل الى دولة أكثر عنصرية أيضاً مع مرور السنوات. والوضع العربي الرسمي المستسلم للارادة الصهيونية في هذه الأيام قد يتغير، وقد تتغير معه المعطيات، إذ أن من يدعم هذا الموقف الاستسلامي سيكتشف أن مواقفه التطبيعية تشكل خطراً عليه قبل أن تشكل خطراً أو تصفية للقضية الفلسطينية.

 ولا شك أن دعم الادارة الاميركية لاسرائيل في ضم المستوطنات وضم أجزاء كبيرة من الضفة ليس لصالح اسرائيل على المدى البعيد أيضاً، لأن هذا الضم سيساهم في بناء أرضية خصبة لحل واحد ألا وهو قيام دولة واحدة، وليس قيام دولتين لأن خيار الدولتين قد ولّى من دون أية رجعة بعد اعترف اميركا بسيادة اسرائيل على القدس والجولان، وضم أجزاء من الضفة، واصرار اسرائيل على الحفاظ على غور الاردن وشطب حق العودة لشعبنا الفلسطيني. ولذلك علينا المراهنة على الصمود أمام أية خطوات اسرائيلية قادمة، والحفاظ على تواجدنا ووجودنا على الارض مهما كانت الصعاب والاجراءات التعسفية بحقنا. ومهما عانينا من ظلم وقهر.

 نتائج الانتخابات الحالية ليست لصالح اسرائيل على المدى البعيد لأن حل الدولة الواحدة قادم لا محالة. ولأن بقاء الاحتلال الاسرائيلي سيكون مكلفاً، وخاصة اذا تم ضم كل الضفة وحل السلطة الوطنية، وهذا متوقع لأن اليمين الاسرائيلي لا يريد ولن يقبل باقامة دولة فلسطينية، ولا يريد حتى منح الفلسطينيين في الضفة والقدس أي كيان ولو كان ممسوخاً، وهذا أمر مكلف لاسرائيل جداً مالياً وأمنياً وسياسياً.

 قد يعمل اليمين على تنفيذ مخططات تهجير وترحيل، وقد يتجه نحو الخيار الاردني المرفوض اردنيا وفلسطينيا، ولكن يجب ألا نخشى من أي اجراءات، وعلينا فقط الصمود والحفاظ على الوجود، وعلينا رفض أي حل مهما كانت اغراءاته وخاصة اذا كان منافياً ومخالفاً لأدنى مطالبنا العادلة والمشروعة!

 نتائج الانتخابات الاسرائيلية يجب ألا ترعبنا، بل يجب أن تحفزنا على أن نكون يقظين، لنواجه الاجراءات القاسية المتوقعة بهدوء وبخطة موحدة حفاظاً على تواجدنا على الارض، وتعزيزاً لارادة الصمود القوية التي يتحلى بها أبناء شعبنا الفلسطيني سواء في داخل الوطن المحتل أو خارجه.

 * رئيس تحرير مجلة البيادر

 

عرض مقالات: