هل ما يحلم به الطلاب حقيقة واقعة أم هروب، أو مجرد خيالات تضغط نفسها بهذه المناسبة أو تكيف نفسي داخلي يخلق الاطمئنان النسبي..الخ ؟. انها قريبة من كل الأفكار التي تدور في أذهاننا.  

 وقت الامتحانات تدخل الأسرة العراقية في ازدحام الأفكار والطموحات بينها وبين أبنائها والواقع الذي يقدر الحصول على الشهادة، كسمة من سمات المجتمع العراقي، الذي يقدسها، يعتبرها سلاح في وجه الزمن، واعتبار شخصي كبير. العائلة تحلم بمواقع الأبناء، الطلاب يحلمون بأنفسهم، أقل الأحلام التمني وكأن الأسئلة سقطت بأيديهم. يظل الصراع قائما كلما اقتربت مواعيد الامتحانات خاصة المصيرية، المتعلقة بالطموحات الكبيرة التي تغير مجرى الحياة.

 أن أفكار الحلم ومحتواه كلاهما يصفان شيئا واحدا وإنما بلغتين مختلفتين. الحلم نمط مختلف من التعبير، له رموزه وقواعده، لكي نفهمه علينا أن نتعلم هذه الرموز وتلك القواعد.

 يتضح للباحث في مجال الأحلام أول ما يتضح، إذا قارن بين محتواها والأفكار التي يمكن أن تتضمنها، أن أفكار الحلم قد أجريت عليها عملية تكثيف ضخمة. الحلم شيء ضحل، هزيل، مليء بالثغرات، إذا قورن بما عليه أفكاره من اتساع وغنى. كتابة الحلم قد تملأ نصف الصفحة، بينما كتابة تحليل الحلم ورصد الأفكار التي يأتي بها التحليل قد يتطلب أضعاف تلك المساحة. تختلف هذه النسبة باختلاف الأحلام. محلل الأحلام في العادة لا يدري بالضبط كم انضغطت أفكار الحلم وتميل الى تقدير هذه العملية دون الحقيقة. أن الحلم هو نفسه ما جاء عليه، لكن بالتفسير نجد أن الحلم يتكشف لنا عن أفكار أخرى ما يزال يخفى أمرها.

 أن من الضروري أن ننتبه الى استحالة أن نصل في أي حلم الى تفسير كامل، حتى ولو بدا ان التفسير الذي نتوصل إليه تفسير مقنع لا عيب فيه، يظل هناك دائما احتمال قائم بأن للحلم معنى آخر، بعبارة أكثر تحديدا فإنه فيما يبدو يستحيل تحديد مقدار التكثيف الذى جرى على الحلم.

الذي يريد أو يجتاز امتحانات كامتحانات البكالوريا المتوسطة والإعدادية أو دبلوم معاهد أو البكالوريوس الجامعية، يمر بنوع من الأحلام النمطية يتميز فيها الحصر. تظل تلاحقه، تلح عليه، تتكرر معه. يرى فيها نفسه وكأنه يمتحن من جديد أو أنه يعيد الدراسة، أو قد فشل في أن يتخرج. قد يكذب نفسه وهو ما يزال نائما. لأنه يعرف أن له سنوات طويلة من الآن حتى يمتهن المهنة التي يمتهنها كطبيب أو محام أو مدرس..الخ.

هذه الأحلام قد تكون مرجعها

الطفولة، ليست سوى ذكريات مستعادة لأنواع من العقاب نزل بالحالم في طفولته كجزاء لأعمال سيئة ارتكبها، وترتبط بهذه المناسبات الحرجة من حياة كل منا عندما نستعرض أعمالنا كأننا في امتحان. قد نطلق على ذلك يوم الحساب أو يوم العسر.

 قد تكون مرد هذه الأحلام لمخاوف الطفولة من العقاب. بعد الطفولة لا يكون هناك مدرسون وآباء يتكفلون بعقابنا كلما أخطأنا، إنما تتكفل بذلك الأيام، نتعلم أن لكل شيء سببا، فكلما أخطأنا لابد أن يكون هناك عقاب ما، وكلما وقفنا موقفا عسيرا عدنا من جديد الى ذكريات الامتحانات ،وتأتينا الأحلام بها، تصدمنا كلما انتابنا الخوف أننا قد نعاقب بنتيجة تترتب على سوء ما فعلناه خطأ أو عن سوء تقدير، أي كلما استشعرنا وطأة المسؤولية.

ولأحلام الامتحانات تفسير آخر، انها لا تأتي إلا من مروا فعلا بامتحانات مماثلة واجتازوها، وأنها لا تأتي أبدا لمن مروا بمثلها وثبت فشلهم فيها.               

 أن الامتحانات المصيرية لا تأتي الحالم إلا إذا كانت تنتظره في الغد مسئولية يخشى أن يفشل في توليها، عندئذ تسترجع النفس مناسبة ماضية استشعرت فيها الحصر الشديد ولم يكن لذلك ما يبرره، وجاءت النتيجة على العكس بما يكذبه.

 أحيانا يعطي نوعا من التعزية يزجيها لنا الحلم ينبغي أن نعيد صياغة الطرح كالآتي: لا تخشى الغد وتذكر ما كنت عليه من قلق قبل أن تمتحن، الذي نعزوه للحلم ليس إذن في الحقيقة إلا ما تولد من بقايا اليوم السابق.

 نلاحظ، أن أفكار الحلم ومحتواه كلاهما كأنما يصفان شيئا واحدا وإنما بلغتين مختلفتين. أن الحلم يبدو لنا كأنما هو نمط مختلف من التعبير ، له رموزه وقواعده. لكي نفهمه علينا أن نتعلم هذه الرموز وتلك القواعد، بمقارنة هذا النمط بالأصل. نحن بمجرد أن نستخرج ما في الحلم من أفكار نستطيع أن نفهم ما ترمي إليه بلا اعمال فكر، وأما محتوى الحلم، كما هو، ندركه إدراكنا لكتابة مسمارية علينا أن نقوم بترجمة رموزها، رمزا رمزا، الى لغة أفكار الحلم. لا شك أننا نخطئ لو حاولنا أن نقرأ هذه الرموز بحسب دلالاتها المصورة لا بحسب معانيها التي ترمز إليها.                         

عرض مقالات: