لقد اهدتنا امنا الأرض ملايين من اشكال وأنواع الكائنات الحية والكثير منها لم يكتشف لحد الان، ولكن بسبب النشاطات البشرية يواجه العالم اليوم أكبر معدل لانقراض الكائنات الحية منذ اختفاء الديناصورات قبل 60 مليون عاما.
ويرتبط هذا التدمير والانقراض السريع بشكل مباشر بالنشاطات التي يقوم بها الانسان والتي تؤدي الى التغييرات المناخية، وإزالة الغابات، والصيد الغير مشروع، والزراعة غير المنظمة، والتلوث ومبيدات الآفات. هذه النشاطات البشرية وغيرها تؤدي الى آثار مخربة بعيدة المدى. وإذا لم نتحرك الان فإن تاريخ البشر سيرتبط دائما بتدمير الطبيعة وانقراض كائناتها.
ان جميع الكائنات الحية لها قيمتها في عالمنا، ولكل منها دور فريد وخاص في شبكة الحياة المعقدة. فلنعمل معا لحماية هذه الكائنات المهددة بالانقراض مثل النحل والشعاب المرجانية والفيلة والزرافات والحيتان والاف اخرى من الأنواع المختلفة.
إن ابطاء عملية الانقراض لا تزال في ايدينا، فالكثير من الكائنات المهددة والمعرضة للانقراض لا تزال قادرة على التعافي إذا عملنا معا لبناء حركة عالمية موحدة للمستهلكين والناخبين والمربين وقادة الأديان والعلماء والسياسيين للمطالبة بعمل فوري من اجل رسم سياسات عامة وخاصة لحماية البيئة والأرض ومكوناتها المختلفة.
وتحتفل معظم شعوب العالم يوم 22 نيسان بعيد الأرض، وتقام نشاطات شعبية في تلك الدول لدعم حماية البيئة والمياه والطبيعة، ولتسليط الأضواء على ظاهرة الاحتباس الحراري وتلوث الجو.
وبدأت الاحتفالات بيوم الأرض منذ عام 1970، وأطلق هذا اليوم السيناتور الأمريكي غايلورد نيلسون كيوم لأول مرة في 22 نيسان 1970، فعندما زار سانتا باربارا بولاية كاليفورنيا عام 1969، شاهد كميات النفط الكبيرة التي تلوث مياه المحيط الهادي بالقرب من السواحل الأمريكية لمسافة عدة أميال بشكل يهدد حياة الأسماك والطيور المائية. وعندما عادا إلى واشنطن، قام السيناتور بعرض قانون لجعل يوم 22 نيسان من كل عام عيدا قوميا للاحتفال بكوكب الأرض.
في عام 1990 تأسست منظمة دولية ضمت 141 دولة للاهتمام ببيئة كوكب الأرض، ويحتفل حاليا 184 بلدا بهذا اليوم. وتم تخصيص يوم 22 نيسان يوم الأرض من قبل جمعية الأمم المتحدة.
وظهرت حملات كبيرة ركزت على ظاهرة الاحتباس الحراري والطاقة النظيفة. واعترف قادة العالم في كيوتو باليابان عام 1997 بأن أهم أسباب انتشار ظاهرة الاحتباس الحراري هو استمرار انبعاثات الكربون من استهلاك الوقود الأحفوري، مؤكدين على ضرورة التصدي لتلك الانبعاثات المضرة لكوكب الأرض.
وأفاد تقرير نُشر في دورية "لانسيت" الطبية بأن التلوث كان له صلة بوفاة تسعة ملايين شخص حول العالم في عام 2015.
وبما أن حرق الوقود الأحفوري هو المصدر الاساسي للغازات الدفيئة، فالعالم وحكوماته مطالبين بتقليل الاعتماد على الفحم والنفط كمصدر اساسي للطاقة، وتطوير الحلول البديلة المتوفرة عن طريق الطاقة المتجددة الطبيعية.
إن تطوير الطاقة المتجددة البديلة لن يدمر اقتصاد الدول او المواطنين بل سيعطيهم الفرصة للدخول عالم جديد تديره مصادر طاقة جديدة يأتي عليهم بالازدهار الاقتصادي وفرص العمل والتطور التكنولوجي وحماية البيئية.
وفي يوم الأرض 2016، وقعت الولايات المتحدة والصين وروسيا، وحوالي 200 دولة اخرى، على اتفاق باريس التاريخي، الذي تعهدت فيه هذه الدول على حماية المناخ والبيئة ضد التلوث الذي ينتج عن النشاطات البشرية، ولكن الولايات المتحدة انسحبت من الاتفاق في عهد ترامب.
نتمنى ان لا نجعل مستقبل اجيالنا ومستقبل عالمنا الجميل رهينة لمكاسب سياسية محدودة وقصيرة العمر.
وفيما يخص العراق، فبالرغم من انه من الموقعين على معاهدة باريس، الا ان البيئة العراقية مدَمرة بشكل كبير والتلوث في الجو واطنان القمامة، يضعنا في مصاف اعلى الدول في التلوث. والتدمير البيئي في العراق بدأ بجريمة تدمير الاهوار في عهد الدكتاتورية، واستمر مع الحروب العبثية التي دخلها العراقي مع دول الجوار، ثم جاء الحصار، والاحتلال، والارهاب، والسياسات المدمرة غير المدروسة للحكومات الطائفية المتعاقبة الغير مهتمة بالبيئة والتشجير والطبيعة.
في هذا اليوم لنقف دقيقة تأمل، ولنحتفل معا بعيد امنا الأرض ولنحتفل بالحياة، ولنتعهد بترك هذه الارض بشكل أفضل من وقت دخولنا لها.
لنترك امنا الارض مكانا أفضل لأجيالنا القادمة، دعونا لا نأخذ شيئا من هذا العالم سوى ذكرياتنا، ولا نترك فيه شيئا سوى بصمات اقدامنا.
22 نيسان 2019