عذراً لاستعارتنا الاهزوجة الشعبية  "ما جينا ياماجينا حل الكيس واعطينا "، التي يستخدمها الاطفال في  شهر رمضان طلباً لعطاء سكان حاراتهم من الحلوى وصغائر النقود، حتى انهم يختمونها بـ " يا اهل السطوح تعطونا لو نروح " مرددين اسم " ماجينا" محوّراً عن اسم " راجينا " المواطنة العراقية اليهودية  شقيقة المطربة سليمه مراد " التي كانت تفتح باب دارها للاطفال  في حارة اليهود في شارع الرشيد وتغدق عليهم بالعطاء. ويتم ذلك كمشاركة منها بطقوس شهر رمضان.

حقيقة قد امسى الشعب العراقي يترقب بنفاذ صبر بالغ كي تفتح الكتل المتنفذة ابوابها ، و تستكمل الكابينة الوزارية التي اصابها العسر. لعلها تجود عليهم بالاصلاح والاستقرار. مع ان ذلك بات وهماً بالارتباط مع ما يعتمل في الوضع العراقي  من خراب بلا حدود، هذا هو الظاهر طبعاً، اما الغاية المفتش عنها والتي ضاعت في غياهب ثلاثة ارباع الحكومة العالقة والغافية على وسادة الوعود هو: البرنامج الحكومي. الذي، كما نرى ، يتعرض للتعطيل والابعاد عن مسيرة التغيير المفترضة، وقد بدا في الوهلة الاولى، جديراً بولوج طريق الاصلاح والتغيير بفضل همة قوى الاصلاح الناهضة . واذا ما تقصيناه في مزاج الشعب العراقي نجده سالكاً اكثر من اي وقت مضى. هذا لو سار قطاره بعزم دون التوقف عند محطات " التوافق والتسويف والمماطلة بغية توفير ملاذات لافلات الفاسدين،... ولهذا يستنفر خصومه بكل اساليبهم واحابيلهم التأمرية بغية قطع سبيله وتعتيم افقه الواعدة.

فما هو المنظور مما هو منتظر من قبل جموع الشعب المنهوبة خيراتها والمنتهكة مصالح وطنها ؟؟ . ان الوعود التي تطلقها الحكومة عندما تبقى غير مترجمة الى واقع ملموس ستتحول بنظر الناس الى مجرد ملهاة ليست نزيهة. وبالتالي سيحصل اعداء الاصلاح على اهم اهدافهم والمتمثل بخلق فجوة خطيرة بين القوى المحركة للاصلاح وقواه القائدة، وهذا هو مربط الفرس كما يقال، والذي يتجلى واضحاً بالمطمطة الحاصلة في عملية استكمال الكابينة الوزارية. علماً ان السيد رئيس الوزراء  لا يتوان عن ان ينفذ بدون تحفظ لما يراه يخدم مصالحه الذاتية. فقد كان " كريماً " مع كتلتين عربية وكردية يرى فيهما نفعاً برلمانياً لامتلاكهما عدداً كبيراً من مقاعد البرلمان . اذ  يصل الامر الى الغاء حتى دعاوى قضائية تخص تسويق النفط بصورة غير قانونية.  اذاً ينبغي على قوى الاصلاح مغادرة  دائرة الاسترخاء ورفض اية اساليب غايتها المماطلة بذرائع زائفة، التي توفر فرصة لتنفس خصوم التغيير واعادة  شحذ وسائلهم الخبيثة ، وان من شأنها ايضاً احداث خسارة لاتعوض لفصم الوحدة الصلبة بين جبهة الاصلاح  وقواعدها، وربما لاحقاً ستنال من الحراك الجماهيري الضارب في ساحات النضال.

لذا،  يجدر القول: الحذر الحذر من الفهم الخاطئ بان سكوت الناس هو من الرضا . ونزيد ايضاحاً بذكر المثل الشعبي القائل: " من يحس بلسعات ضرب العصي على ظهره،  ليس مثل الذي يعدها وهو بمنأى عنها. ان تعطيل استكمال الكابينة الوزارية يستهدف كخطوة اولى ابعاد تنفيذ البرنامج الحكومي رغم نواقصه، وتوظيف تداعياته لبناء خط صد امام حراك الاصلاح واعاقة شروعه المُعوّل عليه في سبيل بناء الدولة المدنية الديمقراطية ومحاربة سرطان الفساد المتوحش. غير ان الحذر ينبعث اساساً، من هواجس غدت طاعنة بفعل تزايد مستويات الاهمال للشروع في عملية الاصلاح والتغيير. فالامر تكاد تكون  عواقبه القاسية ملموسة، اذا ما استمر الحال على ما هو عليه .

ان صبر الناس قد نفذ ومعه تصاعد تراكم الغضب. وهذان العاملان يعدان  من ابرز عوامل كسر حاجز الخوف وبفعله هدم الاسوار.  والتي تعني قطعاً الولوج في حاضرة " الشلع قلع " ربما باندفاع غير محسوب يمتلك جسمأ بعنفوان شديد، غير انه  بلا خارطة طريق . ان السؤال الختامي هو: اين سيكون من امهل خصوم الاصلاح ابعد مما تقتضيه ضرورات ايجاد الحلول المقبولة ؟، وما حجة من اهمل احوال الناس تحت رحمة الجائرين البغاة الطغاة الفاسدين؟؟.    

              

              

عرض مقالات: