عندما تقترب بنافــذة من نوافــذ الحزب تجـدها بنوراما بحقيقتها ، وعندما تمعن النظر تتضح جلـيا وتتجسد مسيرة الحزب خلال 85 عاما مضت زاخرة بالنضالات والتضحيات الجسـام من اجل الشعب والوطن ، يبدأ الطريق الطويل والدروب والشعاب بمحطات :

  بدايات الطريق محطة التأسيس 1934 ومؤسسه الخالد فهد ومن حوله الرفاق حازم وصارم ، بدأت في التنظيم والبناء ، وتقوية تنظيم الحركة الوطنية ... قـووا تنظيم حزبكم قـووا تنظيم الحركة الوطنية ، تتراى مظاهرات الطلبة ( لدم الشهيد فمُ ) واضرابات العمـال ( كاورباغي ) وانتفاضات الفـلاحين ( صويحب من يموت المنجل يداعي ) ووثبات جماهيرية ( شهداء الجسر ) ... ، طريق شاق في مقـارعة الاسـتعمار والاستغلال والظلم ومن اجل العـدل الاجتماعي .

   تنتهي هذه البداية بمحطة 1949 اعـدام فهد ورفاقه الابرارالاخرين عهـد النظام الملكي الاقطاعي ، ... وترى الحزب ... ينهض من جـديد مـداويا جراحه ، يبدأ مخاضه الصعب العسير في الريف والمدينة ، في المزارع والمصانع  ، رافعا تلك الشعارات الوطنية التي صاغها فهد من اجل وطن حر وشعب سعيد .

  تبدأ محطة 1958 التي توجت بثورة الرابع عشر من تموز، باقامة النظام الجمهوري والتي بذل الحزب ما في وسعه من نشاطات على جميع الاصعدة وفي الحفاظ على مسيرة الثورة ومنجزاتها ، تلك هي الثورة التي اغاضت الاعـداء جميعا من كل صوب وحـد ، بمؤامرات ودسـائس منذ ايامها الاولى .

  كانت محطة 1963 الفاجعة الكبرى ، محطة الغـدرالدموية الظالمة التي اجهضت الثورة واخنقتها ، وسالت فيها دماء الشهداء من قادة الثورة ؛ في مقدمتهم الزعيم عبد الكريم قاسم وصحبه الابطال ، وتعرض الحزب الى حملات  دمـوية شـرسة من اعتقالات واغتيالات وتعذيب ( ما قام به الحرس القومي ) ، غصت السجون ومعسكرات الموت ( قطار الموت الى نقرة السلمان ) راح ضحيتها الالاف من خيرة بنات وابناء العراق من اعضاء واصدقاء الحزب ، مواكب من الشهداء الابطال يتقدمهم القائد الاسـطوري سـلام عادل ورفاقه الميامين العبلي ، الحيدري ، العاني  ورفاق اخرين . ( واللي يمشي بطريقنا شيشوف يا ابوعلي ) .

 تلتها محطة 1968 ، تنفس الحزب بعض الشيئ يلملم جراحه واستراحة في محطة ما سميت بالجبهة الوطنية التقدمية 1973، والتي لم تدم طويلا ولم يدرك الحزب حينها بان للذئاب والثعالب والكلاب السائبة أنياب ، سـوف تكشر عنها  وتتكالب في ليل بهيم لتنهش في جسـده ولحمه ودمه ، وما بعـدها سـموم الافاعي والثعابين .

محطة 1978 الهجمة البربرية الدموية اكثر شـراسة من سـابقاتها ،  وما ساد وخيم في هذه المحطة من المآسي والويلات ، اضطهاد، اغتيالات ، اعتقالات ، سـجون واعدامات وقبور جماعية ، مئات الشهداء من اعضاء واصدقاء وكوادر الحزب ،  (هجرة وشتات ) ، مما اضطره الى انتهاج كافة اشكال النضال بما فيها المسلح الصعب ، في نفس الوقت اشعلت حروب طاحنة لاعوام ، لها تفاعلاتها ونتائجها المروعة ، حصار وتدهور اقتصادي انعكس سلبا على كل نواحي الحياة ، راح ضحية ذلك الالاف من ابناء الشعب وخلف ارامل وايتام وتفكك في بنية المجتمع ، سقوط بغداد في 2003 وسقوط نظام حكم بالنار والحديد في حفرة بائسة . ما ادماها من محطات .

  ولازال يسير من محطته 2003 وهو يعاني ويعيش في ظل تركة ثقيلة بكل نواحيها الاقتصادية والاجتماعية والثقافية وتركة الحروب وتداخلات اقليمية وتغير انظمة خريفية وربيعية ، وازمات واصطفافات دولية معقدة ، واخرى محلية حرباء لبست كل الالوان الخاكية والسوداء وتلبست بلباس الطائفية والدين تسلطت وهمشت الاخرين غير مبالية بمصالح الشعب ، وحل بالعراق طاعون الفساد .

 ومن محطته الاولى وعلى طيلة 85 عاما من عمره وما ابشعها من محطات دموية ، لم يتعب ولم يكل او يدخرجهدا في سبيل الوطن والناس ، مناضلا جسورا يحذوه الامل بغـد مشرق حاملا راية مؤسسه  الخالد في سبيل وطن حر وشعب سعيد .

 وماذا بعيدك من هدية ، انت الذهب المصفى  ... انت الضميرالنقي انت انت الورد الاحمرالقاني وانت الياسمين من نوروز ، كل شيئ لديكَ ـ فاي شيئ اهديكَ  ، لا تلمني ، ليس لي اعـز من الروح ، وروحي فـداء اليك ! .

عرض مقالات: